بروفيسور إبراهيم غندور أمين الإعلام بالمؤتمر الوطني، رجل سمح النفس ولا يفجر أي خصومة فاجرة مثلما هي خصلة عند عدد من سياسيينا.. جسارته ليست فيها كسور وبواقي.. بل هو جابر للكسر في العراك السياسي.. عباراته مباشرة وواضحة وغير مغموسة في (اللولوة).. ولا يلوي في كلماته كما وصفها الشكري: (يلوي عصارو جايب سموم وعلال). في إفادة للبروفيسور غندور من خلل الحوار الذي أجرته (الأهرام اليوم) معه ذكر: (نحتاج أن نفتح أنابيب للحوار والتواصل بين قوى المجتمع السياسي السوداني ولذلك كل محاولات جرجرته من أجل أن يأتي بناس في الحكم لن تنجح). ونأمل أن تكون (أنابيب الحوار) التي أفصح عنها البروف لا تماثل (أنابيب) المياه أو (المواسير) التي تنفجر من الضغط عليها! ويستدرك غندور (لكن الشعب إذا أراد التغيير يستطيع). بيد أنه قطع الشك بيقين (التغيير) حينما أورد: (ولكن معطيات التغيير الآن غير موجودة، لا في الواقع ولا في البدائل). يعني بصريح العبارة (الكنكشة) في الحكم سارية المفعول.. إن كان مشوار (الألف) ميل يبدأ بخطوة.. فها هو مشوار التغيير بدأ بخطوة مذكرة (الألف) التي بدون (ألفا). وإن كنا نرى أن المذكرة بها شبهة وخروج من صلب أهل السلطة أنفسهم وهي (للتعمية) فقط وليس لجس النبض. و(كأنك يا بدر لا رحنا ولا جينا)!! ونحمد الله أن الدكتور أمين حسن عمر آمن أخيراً بأن عبارة: (فلترق كل الدماء) تجسد (شعار عجيب)!! كما طالب د. غازي صلاح الدين بالوقوف إلى الجانب الصحيح من التاريخ و(دعم الديمقراطية).. أليس ما ذكر يعد من (معطيات التغيير)؟! ومن جانبنا نؤكد للبروف غندور أن المواطن لديه إيمان قاطع بأن الأحزاب الموجودة في الساحة الآن ليست إلا (حيطة مايلة) ولن يتكئ عليها في (التغيير).. لأن أحزابنا جميعها سقطت في بئر الفشل في الاستعداد للانتخابات. إذا لم يكن لها دور طوال خمسة أعوام في الفترة (2005 2010).. ولم تتفرغ حتى للانشقاقات والتصدعات التي نالت منها وتفرق دمها في (أصل وفرع وفرعة).. والمفتش الإنجليزي (مور) في ذاك الزمان يجد الهجاء من الكردفانية (يا أم فرعه بقولك شربه ووجعه)!! و(مور) الآن بشارع إسفلتي (جديد لنج) يؤدي إلى كوبري الحلفايا. وربما تصيبه أيضاً الانشقاقات والتصدعات كما أصابت إخوة له.. إنها أحزاب متشظية لدرجة أن المواطن أصبح لا يعرف أسماء الكثير منها بل يجهل من يرأسها!! فأي ضعف وأي هوان تعانيه أحزابنا ومع ذلك ترفع شعار (التغيير).. ليس هناك أي حزب حبيب للجماهير بما في ذلك الحزب الحاكم.. نستثني من ذلك حزبي (المقدمة) في رياضة كرة القدم!! هذا الوطن كما قال غندور:(يتطلب رشداً سياسياً، جانب منه في الحكومة والآخر في المعارضة). وهذا لن يحدث ما دامت (السلطة) مطلب الأنفس ومرغوبة مثل (قصيبة السكر) التي قال عنها الحمري: (يا قصيبة السكر الليك النفس دناعة).. وبالرغم من كل ذلك فإن البروف أمين الإعلام بالمؤتمر الوطني (متفائل) وربما استصحب غندور هذا التفاؤل من الشاعر التركي المعروف ناظم حكمت الذي قال: (أجمل الأيام هي التي لم نعشها وأجمل الورود هي التي لم تتفتح بعد). ولم يبق للمواطن إلا أن يغني كما غنى المطرب العملاق وردي: (بيني وبينك والأيام)!!