تلقيت رسالتين كريمتين من أحباب لي في هذا الزمن الصعب، الأولى من الأخ العزيز الباشمهندس منذر أبو المعالي عبدالرحمن ابن خالتي الغالية الأستاذة عزيزة مكي -عليها رحمة الله- بخصوص ما ورد في المقال الأخير والذي صاحبته بعض المعلومات التي لم تكن دقيقة أو صحيحة، وقد وردت في الفقرة التالية من المقال: (وعندما عادت للسودان انضمت للحركة الديمقراطية وكانت أول النساء الممثلات في اللجنة المركزية في حزب المؤتمر الاشتراكي واستمرت في العمل في هيئة نساء السودان التي كونها طلعت فريد وعندما جاءت الانتفاضة عملت الأستاذة في الاتحادات النسائية في بدايتها ثم اعتزلت العمل السياسي) فارتأى منذر ضرورة تصحيح ما ورد في تلك الفقرة حتى تكتمل المعلومة بصورتها الحقيقية لدى الجميع وللتاريخ كذلك فجاء في رسالته ما يلي: الآخ د. معز: مقالات رائعة وجميلة وعمل متوقع منك فقد لاقت رواجاً واستحساناً من الجميع. نرجو مراجعة بعض الأحداث التاريخية وإذا رأيت أنها تستحق النشر فنرجو نشرها فى عمودك. في ما يخص هيئة نساء السودان فعند تكوين الهيئة كانت المحاولة أن يتم تكوين المكتب التنفيذى بالتعيين ورفضت الفكرة وعند قيام الانتخابات كانت النتيجة فوز عضوية الاتحاد النسائي بنسبة كبيرة وعليه قام طلعت فريد بحل الهيئة فوراً. أما في ما يتعلق بحزب المؤتمر الاشتراكي فليس لدينا علم بحزب بهذا المسمى ولكن بعد الانتفاضة تم تكوين حزب المؤتمر الوطني (المؤتمر السوداني حالياً) وأغلب عضويته كانت من النقابيين الوطنيين الذين ساهموا مساهمة كبيرة في صنع الانتفاضة مثال د.عبدالمجيد إمام، د. خالد ياجى، د. أحمد الصافى، م. عبدالرحمن يوسف، م. عبدالكبير آدم عبدالكبير، د. مصطفى عوض الكريم، د.شاكر زين العابدين، د. الفاتح عمر السيد، عبدالقيوم عوض وآخرين، وقد كانت عزيزة مكي من المؤسسين لهذا الحزب. أما اعتزال العمل السياسي فيجب أن نؤكد أن الحاجة عزيزة مكي لم تعتزل العمل السياسي فقد كانت لآخر لحظة في نشاط وحراك هي وأخواتها من الرائدات، وقبل الوفاة بأيام كانت مشاركة في منتدى جمعية المبادرات النسائية وهي بحالة صحية صعبة ولكن بإصرارها فكرنا أن تذهب بعربة إسعاف وكانت مع الرائدات في الاجتماع الشهري وعند نهاية اللقاء يكتب بيان ويوزع للصحف باسمهن وكانت أغلب البيانات تتحدث عن الأوضاع السياسية في البلد أو الأوضاع في بلدان الربيع العربي كبرقية أرسلت لكرمان لتهنئتها بجائزة نوبل. كما تحدثت كثيراً مع أرقام تلفونات عشوائياً مع أهالي غزة تعبر عن تضامنها معهم فى الحصار، كما أرسلت برقية نشرت في الصحف تناشد الرئيس السابق حسني مبارك بوقف بناء الجدار العازل مع الكثير من المشاركة الفعلية في الهم العام. (المنذر أبوالمعالي) الرسالة الثانية حملت قصيدة جديدة رائعة للشاعر الصديق والمستشار القانوني عبدالمنعم عوض عبدالرسول والمقيم بالمملكة المتحدة بعنوان (مبدأ التجاوز) وهي مهداة لكل القراء الأعزاء: 1. في حديقة الهواء الطلق ملأت حنجرتي من كلام الغناء، قاسمتني مسارح المدن المزدحمة بالفن حنجرتي، وحينما عدت منهكاً إلى غرفتي مع عتمة الضوء تسلقت وجهك المنذر للحلم نمت مثل فراشة كسولة مستدفئاً من برودة المكان ومن طنين السكينة. 2. عند عتبات باب الصباح فاجأني اندلاع الشوق في مروج الجمجمة جاءني متسللاً عبر أنابيب الفراغ العاطفي والأسئلة المسنة. أ. كان عشقها مدفأةً من الثلج تحت جلدي شالاً من الصوف، ألتف به من تسرب الأرق إلى مزرعة الدم. ب. راودني الحنين بأن أمتطي في لحظة الزهو المطلقة حصان الشجن الذي تخيلته، وردة أو شجرة. أوقفتني القبعات الحديدية خارج المدن المشدودة إلى حائط الأسلاك الشائكة منعتني الدخول إلى غابة الزهور المعدنية وأرجعتني متوجساً من رغبتي إلى غصون الحلم. ج. من غرفة الليل الوحيدة لوحت لي بنصف كفك من شرفة النور وانتهرت الدلال الذي باغت صوتك في لحظة القرصنة. 3. صعقتني عقدة السعادة فاشتريت أدوات المزاج النسائي المضطرب مع مؤونة الشتاء رحل انفعال الذهن بالذكريات الدفيئة واحتميت بأسلحتي ضدي تركت قميص أجوبتي معلقاً على مشجب المحقق الذي ودعني بالتحية المشجعة وانصرفت لوجه أخرى.. 4. رميت وردتي للريح أيها العاشق الخجول، عبرت حافياً بالسر جسر الماء حتى رجعت مسلوب القوى من دوار البحر، يساقط من جسدي نثار الحديد الصدئ وبقايا النباتات الميتة والأسماك الصغيرة والحشرات.. أحكمت حصارها علة العشق القديمة ولما أزلني تراكم الرجاء هربتني حبيبتي سراً من صندوق أسرارها باعتني للموت تحت سنابك خيلها واختفت من فناء الحديقة. 5. تمددت صورتي الشخصية بجانب ملصق الإعلانات في الحائط الشاهق صار ظلها يزحف كالتوتر فوق وجهي وعندما أرجعتني التفاصيل المرهقة إلى جنة الوعي تصببت بالحزن في فترة النقاهة، توكأت ظهر الشوارع النصف مضاءة. ورأيت: وجهي محقوناً بمحاليل المخاتلة والذهول محفوفاً بالأمان الخطر ومهدداً بالأفول. ورأيت: وجهك يرتاد بيوت الحذر يرتاب من ارتداء قناع الأنوثة السياحي ويتمرد على المساحيق التي تخبئ ضحكتك في الصور العائلية حتى تجاذبتك طقوس العزلة الباردة مشدات الغموض الفجائي. 6. أخبرتني الضرورة بأن التغزل في وجهك محض اختيار وأسرت إلي بأن أكف عن الغناء المفرط في العذوبة القاسية لم أبح لهم بكل ما جرى. في واقع الأمر، لم يكن ما جرى سوى أن قامتي توقفت عند وجهها عن النمو. عبدالمنعم عوض - لندن - يناير 2012م