يعانى أكثر من 400 طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بالجزيرة أبا بولاية النيل الأبيض.. لم يحظوا طوال السنوات السابقة بالاهتمام الكافي، ولا تتوفر لهم مدارس. إلا أنه في سبيل تحسين أوضاع ذوي الاحتيجات الخاصة بالولاية قامت إحدى بنات المنطقة بإنشاء مركز يحمل اسم والدها الخبير التربوي المؤسس لعدد من المدارس بالجزيرة التاريخية (أكاديمية عيسى مهنأ لذوي الاحتياجات الخاصة)، وبجهد ذاتي استقطبت الدكتوِرة هنادي عيسى مهنأ كل طاقات المتاحة من أجل تقديم الخدمة لهذه الشريحة بمساعدة عدد من المتطوعين من أهالي المنطقة، إلا أن كثيراً من التحديات تفرض نفسها. { أكثر من (401) حالة هنادي قالت إن تأسيس الأكاديمية أتى تكريماً لوالدها الذي قام بدور مقدر في وضع اللبنات الأولى للتعليم بالجزيرة أبا، وأضافت أن حكومة الولاية استجابت لطلبها بقيام أكاديمية وتم التصديق بها ومنحت أرضاً في مساحة ألفي متر لتشييدها في المستقبل. { مؤسِّسة الأكاديمية، التي تعمل في ذات الوقت محاضراً بجامعة الإمام المهدي، قالت إنها تفاجأت بوجود أعداد كبيرة من هذه الشرائح بالمنطقة مقارنة مع أعداد السكان، حيث وصل العدد إلى (401) حالة وفقاً لمسح أولي قامت بإجرائه في الجزيرة أبا فقط دون أن تصل الريف الخارجي، وتضيف: كانت الأسر في البداية غير متفهمة لعملنا وقامت بإخفاء الكثيرين من الحالات، لكن عندما بدأ المركز في العمل تقدمت بطلبات لا ستيعابهم. { التمويل: صفر..! العقبة الأساسية لرعاية هؤلاء الأطفال لخصتها محدثتنا بالقول: تمويلنا (صفر)..! وأضافت: يجلس الأطفال على الأرض في بعض الفصول بجانب انعدام المعينات العلمية التي تساعد في إيصال المعلومة للطلاب، والأكاديمية منذ تأسيسها لم يتلق العاملون فيها أي رواتب، ويقومون بالصرف من مدخراتهم الخاصة على تسييرها.. وتواصل بالقول: بسبب عدم الإمكانيات استوعبنا (70) فقط، أما البقية فيقبعون في المنازل، وسعينا ما زال متواصلاً لتوفير مقرات أخرى بالأحياء لإيواء البقية، ولدينا مقترح لتأسيس فروع في كل من حي طيبة، أرض الشفاء، وحجر عسلاية، ومركز في وسط المدينة. { البحث عن جهود إضافية رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة عملية مرهقة جداً وتحتاج لجهود جبارة، كما أكدت الدكتوِرة «هنادي» التي قالت: متابعة حالاتهم ينبغى أن يتشارك فيها عدد من المختصين في التخصصات الاجتماعية والنفسية والتربوية والصحية، وكل ذلك مكلف، وقياس قدرة الذكاء للطفل الواحد تحتاج لمبلغ (150) للاختصصايين الزائرين، لكننا استفدنا من قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة الإمام المهدي ويتعاون معنا الأساتذة والطلاب، كما أن إدارة الجامعة متعاونة كثيراً معنا ووفرت مقراً مؤقتاً للأكاديمية إلى حين تشييد المساحة المخصصة. { فقط.. وعود..! «هنادي» بدت عاتبة على حكومة الولاية وهي تقول: لم نحصل إلا على الوعود المتواصلة، وسبق أن طلبنا دعماً من وزارة الشؤون الاجتماعية بالولاية وغيرها من الجهات ذات الصلة. { مواهب بلا رعاية عدد من العاملين بالأكاديمية تحدثوا أيضاً ل (الأهرام اليوم) عن مدى المعاناة التي يواجهونها.. وقالت أميرة الطيب عبد المطلب وهي تشغل منصب مديرة الشؤون الأكاديمية ووالدة لثلاث من الأطفال بالمركز: اكتشفنا مواهب الأطفال ذوي الاختياجات الخاصة الإبداعية الكامنة في الرسم والموسيقى والشعر والرياضة، وهناك من لديهم استعداد ذهني لحفظ القرآن الكريم، ولكن نفتقد للأدوات المساعدة لتطويرهم، ونمتلك جهاز حاسوب واحداً فقط.. وبالأكاديمية (11) فئة من الحالات؛ الصم والبكم وفاقدو البصر وإعاقة عقلية ونسعى لضم بقية العدد في المستقبل. { نداء للخيرين أميرة وجهت عبر (الأهرام اليوم) مناشدة إلى المنظمات الإنسانية وكل الخيرين والجهات المختصة بدعم الأكاديمية حتى يتسنى لها القيام بدورها في خدمة شريحة المعاقين، وهي حالات ليس ميؤوساً منها وينتظر منها الكثير. { هل من مجيب؟! (الأهرام اليوم) قرأت في عيون أطفال الأكاديمية الكثير.. لم يفصحوا كما أفصح أساتذتهم وإداريوهم.. لكنها كانت نظرات معبرة متطلعة لواقع أفضل يأملون في تحقيقه بوقوف الجهات الرسمية والشعبية مع الجهود المبذولة في الأكاديمية.. وها نحن نترجم نظراتهم دعوات إلى كل من يعنيه الامر.. فهل من مجيب؟!