إرادة الله سبحانه وتعالى دائماً وأبداً هي الباقية.. وبالرغم من أن الموت بين أيدينا وظهرانينا كل يوم إلا أننا لم نتأقلم عليه.. وكما يقول الكبار (الموت ما بتوالف).. فهذه حقيقة (الموت ما بتوالف)!!! أقول هذا والحزن يعتصرني بعد أن غيَّب الموت عن دنيانا فقيد أسرة سوركتي المرحوم والمغفور له بإذن الله تعالى (علي محيي الدين).. يعرفه كل رجالات الطرق الصوفية وعلى رأسها الختمية، حيث كان خليفة معروفاً لدى المراغنة منذ أن كان بمدينة الحديد والنار (عطبرة) وإلى أن استقر به المقام بمنزله بأم بدة.. أحبه أهل عطبرة وأم بدة.. أحبه الصغار قبل الكبار، لأنه كان صديقاً للكل.. يوم وفاته كان النساء يبكين ويعددن مآثره.. كانت الجوامع تبكي لكونها قد فقدت من كان ملازماً لأداء الصلوات بها خاصة وأن الوعكة التي ألمت به جاءته عقب صلاة الفجر مباشرة بعد أن جاء من المسجد وكعادته فتح التلفاز ليستمع للأخبار.. كان خبر وفاته كالصاعقة لكل من عرفه كيف لا وهو الذي عُرف بأنه بار بأهله وعشيرته وجيرانه، لا يفرق بين أحد.. الجميع كلهم لديه متساوون.. كان كريماً ينفق كل ما في جيبه من أجل إزالة دمعة حزين ودمعة يتيم.. كان يجفف دموع اليتامى بكلمة طيبة وهو على يقين تام بأن الكلمة الطيبة صدقة.. رغم المرض كان مواصلاً لأرحامه. كانت وصيته كلها تنصب في تقوى الله ورسوله والبر بالوالدين وصلة الأرحام.. كان يوصي الصغار بضرورة التعليم ومواصلة الدراسة، كان يسأل عن أسماء الصغار فإن سُمي الصغير على أحد الصحابة يعدد بعد ذلك محاسن الصحابي ومواقفه مع سيد البشرية محمد صلوات الله عليه وسلم ثم يسأل الله أن يكون مثله، خاصة وأن الشخص على ما سُمي عليه. كان صديقاً حميماً لوالدي متعه الله بالصحة والعافية، كان يسأل عنا في حضور الوالد وفي غيابه.. كانا كالتوأم، فالله وحده يعلم سر المحبة بينهما.. كان خبر وفاته على والدي (كالصاعقة) بكاه والدي وهو بعيد في أرض الحرمين، وبكته والدتي كذلك وهي دائماً ما كانت تحدثنا عن بره لوالديه وتقول لنا كان في عطبرة ولكن لم يأت العيد إلا وهو مع والده ووالدته.. كان يحضر بالقطار فحتى إن جاء العيد ولم يأت كانت والدته تبكي (بحرقة) ولكنه (يحضر) يوم العيد نفسه ويقول لقد تعطل القطار في محطة أبو حمد - مثلاً - ويعتذر بشدة ويتأسف بعد أن فاتته صلاة العيد، ليجد والدته قد سطرت (شعراً طويلاً) تتحسر لعدم حضوره إلا أنها تطمئن نفسها وتقول: (لفح) جلابيتو للصلاة ومن هناك ود طه لاقاه ولمن لا يعرف كلمة (لفح) وهي تعني لبس بسرعة، و(ود طه) هذا هو عمه الذي كان يستعد هو الآخر لاستقباله حتى يكون للعيد طعم آ خر.. والفقيد ولد ونشأ بقرية (المقل) بالولاية الشمالية ثم انتقل للعمل بعطبرة وكان عضوًا فاعلاً بالجمعية التأسيسية ثم ناشطاً دعوياً خاصة وقد كانت نشأته دينية، وكانت أسرته حريصة على أهمية التعليم، فقد خرَّجت شقيقه المعروف البروفيسور محمد صالح محيي الدين وأشقاءه محمد عثمان وإبراهيم. نسأل الله العلي القدير أن تكون البركة في ذريته في أبنائه (أحمد والدسوقي وغزالي وأسامة ومتوكل) وأن يمتع والدتهم (نور) بالصحة والعافية، كما نسأله أن ينزله منزلة الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. وأخيرًا لا نقول إلا ما يرضي الله (إنا لله وإنا إليه راجعون). صدق الله العظيم.