قدّم القيادي الإسلامي الأستاذ أحمد عبد الرحمن محمد نصائح للمؤتمر الوطني وطالبه بالمزيد من الانفتاح وأن يهيئ الأجواء المناسبة لإعداد الدستور بمشاركة كل الأطراف، بالإضافة إلى توفر عامل الثقة. الانتخابات المقبلة قال محدّثنا: "لا أنصح بتغيير البشير في الدورة القادمة رغم أن التغيير هو سنة الحياة"، وأشاد بسلوك النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه، ووصفه بأنه شخص متواضع وزاهد في السلطة وله مقدرة على التعامل مع الغير، ويشكل توأمة ونموذجاً في العمل مع البشير. هذه وغيرها من الأفادات هي حصيلة جلستنا مع الرجل: محاسبة أهل المذكرة مسألة غير موفقة وتعديلات «الوطني»الأخيرة لم اشعر بها خطوة للامام الميرغني رجل «شاطر».. وعبد الرحمن الصادق المهدي هو قوس معاوية وليس شعرته *كيف تقرأ التعديلات الأخيرة التي طالت هياكل المؤتمر الوطني وطالت الشخوص فيه في الطاقم القيادي؟ - أنا لم أشعر بأنها خطوة للإمام، فمن ناحية مبدأ صحيح فيها محاولة للاسترضاء، ولكن أنا من المؤمنين بالعمل وفقاً للفعالية، ولو أخذ رأيي هنا وخيرت فأنا من انصار الابقاء على الهيكلة السابقة، أي أن نبقي على د. نافع وبروفيسور إبراهيم أحمد عمر في مواقعهم السابقة، فهؤلاء من ناحية فعالية وأداء هم خيار مفضل. *مذكرة الإسلاميين وما بعدها، ما هي الدروس المستفادة منها؟ - هي كما قلت طبيعية، وبالتالي فالمؤتمر الوطني سيحكم على نفسه إذا كان بالفعل قد عاش هذه الحرية في داخل التنظيم، ويكون للمواطنين قدراً كبيراً خارجه. فالتململ مهم إلى حين الوصول للمعادلة التي تُرضي غالبية العضوية المنضمة في التنظيم، فلابد من أن يشعروا بأنهم ليسوا لوحدهم في الساحة، كما قلت ان اجندتهم ليست هي استمرارية في الحكم ككيان واحد، فأهل السودان جميعهم يحرصون على التحقق من مصداقيتهم وجديتهم وارتباطهم ومساءلتهم، وهذا يقتضي قدراً كبيراً من الشفافية في الحزب والحكم. *أمين حسن عمر قال إن البشير لم يقصد محاسبة أصحاب المذكرة، بل المجموعة التي تحاول أن تعمل مركز ضغط في إشارة لمذكرة الألف «أخ» السابقة؟ -حديث أمين حسن عمر هذا ليته لم يقله، لأننا نحن نعتبر أنفسنا حركة اسلامية ساعدت واضطرت لإحداث التغيير في العام 1989م بعناصرها جميعاً المدنية والعسكرية وهذه جماعة واحدة كل في موقعه، لكن التنظيم الحاكم الآن باسم المؤتمر الوطني هو تنظيم اجتماعي طوعي، دخله الافراد طوعاً واختياراً، وبالتالي لم يمل أحد على شخص بأن يصبح عضواً في المؤتمر الوطني ولا في الحركة الإسلامية، وكل المنظمات الطوعية من حق الاعضاء فيها أن يتململوا ويكتبوا مذكرات وهذه المسألة قطعاً هي في التقاليد العسكرية غير موجودة، ولكن طبيعة الأشياء في العمل الطوعي الاجتماعي هي غير ذلك، والاحزاب على رأس التجمعات الطوعية، وهؤلاء نعتبر أن هذا هو حق بالنسبة لهم وإذا لم يفعلوه حينها يكونوا غير طبيعيين أي صناعيين، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتجمع الناس ليقولوا رأيهم شفاهة أو كتابة، لكن كل المطلوب أن يأتي في اطار المواعين المعترف بها في التنظيم. *إذن أنت تعترض على الحديث الذي يقول لابد من محاسبة أهل المذكرة عموماً؟ - الحديث حول محاسبة أهل المذكرة أو البعض هو سياسة غير موفقة، فهذا تنظيم طوعي كما قلت. *أهل المؤتمر الشعبي نفوا أن تكون لهم علاقة بمذكرة الاسلاميين ماذا أنت قائل هنا؟ - قبل أسابيع كنت جالساً في منزل د. الترابي وكنت أقرأ وقتها في برنامج المؤتمر الشعبي في كتاب مطبوع حديثاً، فعندما جاء الترابي فسألني عما قرأته في الكتاب فقال لي ماذا وجدت فيه، فأجبت لم أجد فيه شيئا غير أن بضاعتنا قد ردت إلينا، نفس المضامين الموجودة في برامج المؤتمر الشعبي هي برامجنا، وبالتالي الخلاف كله هو خلاف على السلطة، الصحابة لم ينعتقوا منها ناهيك نحن. *ماذا عن الدعوة لمؤتمر تأسيسي يجمع كل الاسلاميين هل هو قريب «المؤتمر التأسيسي» أم ما زال بعيداً؟ - أعتقد أنه بعيد جداً، فمن ناحية مبدأ الجميع له تطلعات هنا ذلك من أن أهل القبلة يجب أن يجتمعوا، ولكن هناك اعتبارات كثيرة جداً وأكثرها شخصية هي التي تؤخر هذا اللقاء، وبالتالي فاللقاء هذا أراه بعيدا وليس قريبا. *أيضاً هناك مذكرة من قيادات اتحادية في حزب الميرغني مازالت ترفض المشاركة في حكومة القاعدة العريضة كيف تنظر لهذه الحالة داخل هذا الحزب؟ - حقيقة الميرغني أخذ خطوة ايجابية جداً حققت اختراقا كبيرا، فأنا على سبيل المثال من الشرائح الاجتماعية التي لها علاقة بآل الميرغني ومنسوبيه، ومجموعات كبيرة جداً في الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني أقرب إلى هذه القطاعات، وأعتقد أن الميرغني قراءته هنا كانت صحيحة للأوضاع في السودان خاصة في اطار ما يسمى بالربيع العربي والتغييرات التي حدثت، فهو أخذ موقفا إيجابيا جداً أنا أعتبره اختراقا، وهذا الاختراق سيعود لهم بفائدة كبيرة جداً وسيعود على السودان كذلك، فقطاع الوسط مازال هو القطاع المؤثر في صناعة القرار السياسي، فالسيد محمد عثمان الميرغني هو رجل «شاطر» فهو استفاد من والده، أما عن الحراك الموجود في الحزب فحتى لو أخذ طابع عدم الرضا من بعض المجموعات فهو حراك صحي وسيصب في مصلحة الحزب ومصلحة السودان. *هل تتوقع أن تتزايد الضغوط على الميرغني للخروج من الحكومة؟ - لا أتوقع خروج الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل من الحكومة. *وماذا عن الصادق المهدي الذي ما زال يقف على الرصيف؟ - أعتقد أيضاً أن الصادق المهدي لم يبعد كثيراً في العمل السياسي من وجهة نظرنا وذلك بالمقارنة مع ما كان عليه حزب الأمة في السابق، فقديماً حزب الأمة كان دوماً موقفه أما أبيض أو أسود ولكن في ظل الصادق المهدي بدأنا نراه يتخذ الموقف الوسط أي بين هذا وذاك، فمشاركة عبد الرحمن الصادق المهدي تشير إلى التزامه القومى بالسودان، ولم أكن استغرب عودته للقوات المسلحة بعد ان زهد في التحركات السياسية الحزبية الضيقة وأخذ موقف، فقلت للصادق المهدي هذه ليست شعره معاوية بل هذا هو قوس معاوية أي وجود عبد الرحمن الصادق المهدي في الحكم، فهو قد تم بمباركة مما يشير إلى أن هناك أملا في مقدرة الجميع على العمل في انقاذ هذه البلاد. *الناظر لحكومة القاعدة العريضة مازال ينظر إليها بأنها باهتة وليست فاعلة بالقدر المطلوب ما قولك؟ - إلى حد كبير حديثك صحيح، لأن المجتمع السوداني لابد من ان يهتم بعمل منظمات مسؤولة، لأنه في غياب المنظمات حتى الحزبية يكون الامتحان هو في مسألة الانضباط والالتزام، ونحن عندما نقارن انفسنا كمؤتمر وطني مع الاخرين من الاحزاب دائماً ما نجد البون شاسعا بيننا وبين غيرنا بتركيباتهم الوراثية والطائفية والصفوية. *ماذا عن تحالف الشعبي والشيوعي كقيادة موجودة في المعارضة؟ - المعارضة اصلاً من المفترض ان تكون معارضة مسؤولة، فالناس عندما يرون معارضة فيها الصادق والترابي والقوى السياسية قد لا يصدقون ولا يرون جدية هنا، فأنا أعتقد أن التخريب الذي تم في ظل اليسار وفترة حكمه لا اعتقد انه حدث في بلد قريب، ولولا الجرأة لما حق لهم ان يتحدثوا عن أي حريات أو ديمقراطيات، ولولا سماحة الشعب السوداني لكان الوضع سيكون مختلفاً، فأنا استغرب الآن كيف لرجل عاقل في السودان بل والذي ينظر إليه في العالم كله بأنه له درجة وعي كبيرة أن يكون له تصور في أن البديل للحكم هم هؤلاء الجماعة المعارضة، فهل الحكومة البديلة هي المؤتمر الشعبي وما تبقى من حزب الأمة والشيوعي، فهذه المعارضة موجودة على صفحات الصحف فقط. *لعلك هنا تنعت وتنتقد تجربة اليساريين في حكم السودان السابقة هناك ايضاً من يقول أن تجربة الاسلاميين كانت أكثر عتامة وقتامة من تلك ان لم تكن تتساوى معها درجة في المثالب ما قولك؟ - أبداً.. غلطان.. أي شخص يقول هذا الكلام لا يطلقه من داخله لأن التجربة معروفة والبعد شاسع مما حدث، فالمشكلة تكمن في أن الاسلاميين لم يتحدثوا عن انفسهم بعد، فالاسلاميون الانجازات التي قاموا بها في هذه البلاد لم تحدث في أي بلد وهذا يعرفه الأعداء قبل الاصدقاء، فالإرادة السياسية التي انبثقت في مرحلة تجربة حكم الاسلاميين وفجرت البترول هذا هو الذي حرك امريكا حتى الآن ولم ترتح بعد. *ماذا عن الحديث حول ابناء المسؤولين الذين لهم شركات في الخارج ألا يعد ذلك خصماً على رصيد تجربة الإسلاميين في الحكم؟ - هذا كله متوقع ومحتمل، وقديما كان هناك رئيس وملك يقول أعملوا للبلد بنسبة 70% وخذوا 30% ، فالمهم هو الانجازات ولذلك فأي سلبيات تحدث يجب ان يحاسب عليها حسابا عسيرا، وينبغي على الحكومة أن تكون جادة وفاعلة وصادقة في هذا الموضوع. *ظللت على الدوام تنادي بالحكم الراشد ما رأيك الآن في الأعداد الدستورية الكبيرة اتحادياً وولائياً من ناحية الوظائف؟ - هذه قضية تقع بين المشاركة والفعالية فنحن لا نستطيع أن نغفلها فلا بد من الموازنة لايجاد المعادلة المثلى بين المشاركة الواسعة وبين الفعالية. *الدستور الإسلامي من ناحية عامة ماذا تقول فيه؟ - حتماً المرجعية ستكون هي المرجعية الدينية إن كانت بمسماها أو بغير مسماها، لأنك لن تستطيع سواء حركة اسلامية، أو أهل السودان قاطبة، وأهل القبلة كما يسميهم الصادق المهدي، سواء أكانت مجموعات أحزاب الأمة بتفاصيلها ومسمياتها المختلفة، أو الاتحادي الديمقراطي بتشكيلاته جميعاً أن نقف خلاف ذلك، فاذا كانت الاحزاب هي برامج فكل برامجهم بل من ضمن مرجعياتهم الاساسية هي الدستور الاسلامي، وبالتالي فإذا جاءت التسمية بهذا الاسم أو غيره فهذه هي تفاصيل. *بما تنصح إذن حكومة القاعدة العريضة؟ - انصحها بالمزيد من الالتزام بالبرنامج الذي طرحته على الناس وبالمزيد من الالتزام بالمؤسسية وعلى رأس هذه المؤسسية أنه لا بد من وجود مساءلة فلم اسمع بعد ان هناك شخصا اخطأ تمت محاسبته ولا تحقيقات تجري حول احداث مثل وقوع العديد من الطائرات واحداث اخرى، فالحكومة الراشدة هي ان لا شخص فوق القانون والمساءلة واحترام الرأي والرأي الآخر، لم نصل للحكومة الراشدة بعد لكننا سائرون في الطريق