{ التعبئة العامة ما زالت أقل من المطلوب ولم تصل بعد إلى الوضع الذي يجعلها قادرة على حشد الشعب كله إلى جانب معركته المصيرية الطويلة التي هي في الأساس مؤامرة أطرافها معروفون وإن أدانوا العدوان على هجليج وعاملها الحاسم هو في قبضة شعب وحكومة السودان مهما علا سقف الدعم الذي تجده الدمى التي تحاربنا بالوكالة دون أن يكون لهذه الحرب مردود يعود عليهم وبل يصرفهم عن بناء دولتهم الوليدة ويبدد مواردهم وربما أدى في النهاية إلى انهيار الدولة، لا سيما أن مصر طالبت حكومة الجنوب بأن تنتهج أساليب الدول بدلا عن تصرفات الحركات، كما أن إدانة العدوان جاءت حتى من شركاء المؤامرة وكنا نود في هذا الظرف بالذات ضغطا على دولة الجنوب من الدول العربية ودعما معنويا وماديا منها لإخوتهم في السودان. { التعبئة التي ننشدها تقوم على تمليك معلومات المخطط (المؤامرة) للمواطنين والمعلومات هنا نقصد بها حتى تلك التي تفسر مواقف حكومتنا من القضايا العالقة ومواقف حكومة جنوب السودان منها وسير المفاوضات وخلفيات الاتفاقية التي قذفت بنا في هذا الوحل بسبب شيطان التفاصيل عند التنفيذ. أقول ذلك ولي تجربة شخصية مع بعض المعلومات التي حصلت عليها من خلال تنوير قدمته وزارة النفط عبر أمينها العام حول الخلاف في قضية تصدير نفط الجنوب عبر الشمال وقد قدم الرجل شرحا دقيقا، عززه بتجارب بعض الدول من حولنا في مناطق مختلفة من العالم وفي مضامين مختلفة تتصل بطبيعة العلاقة التي تنشأ بين الدولتين فهناك دول مصدرة لنفطها عبر أراضي دول أخرى ولكنها تمتلك خطوط نقل النفط وتديرها وتصينها وتصرف عليها وتقوم هي بكل العمليات التي يحتاجها النفط حتى يصل إلى السفن القابعة في البحر، أما في حالة السودان فإنه هو من يملك الخطوط ويديرها ويصينها ويؤمنها ويفعل كل شيء، وبهذه المعادلة وبعد المقارنة مع التجارب الأخرى يطرح السودان منطقه ويطلب ما يراه مناسبا ولكن منطق الجنوبيين هو نفسه منطق كل جنوبي يربطك به عمل معين وتجده يتمسك بمنطق غريب ويستعصي عليك إقناعه وهذا ما يحدث في ملف النفط. { يجب أن تعرف النخب أولا ومن ثم تساعد في تنوير الشعب وكنت أتمنى لو أن أحد نواب السيد الرئيس عقد مؤتمرا صحفيا وبالذات النائب الأول لأنه ملم بكافة تفاصيل هذا الصراع وعمد من خلال هذه المؤتمر الصحفي الذي نطالب به إلى إبراز كافة التفاصيل ووضع النقاط على الحروف ومن ثم انطلقت وسائل إعلامنا التي لا تبادر إلا عندما يطلب منها أن تفعل شيئا بعينه في استنطاق الخبراء ودراسة محتوى الندوة التي قدمها وزير الأمن الإسرائيلي عن إستراتيجيتهم تجاه السودان وبهذا المدخل يمكن فضح دولة جنوب السودان والدور الأمريكي المنقاد لإسرائيل وفضح أبنائنا الخونة الذين يرمون بأنفسهم في أحضان المؤامرة التي تحاك ضد وطنهم وهكذا يتشعب التنوير ويلامس كافة الحقائق الخافية وتتباين الصفوف والخطوط ويتماسك الشعب مثل قبضة اليد الواحدة وهي تضرب كل من يحاول النيل من تراب هذا الوطن. { بعد أن يدرك الشعب كافة التفاصيل ويرسم له دوره الكبير وتجدّ الدولة في برامجها للتصدي للمؤامرة ويحتشد الآلاف من المجاهدين إلى جانب القوات المسلحة يحاربون معها ويتقدمون صفوفها وينضم إلى الحرب المقدسة حتى المواطن العادي أين كان موقعه وهو لا يستجيب لشائعات الأزمة التي سوف يشهدها الوقود وتجده يهرب من طلمبات الوقود ويرشد في محروقاته وإن كان الاحتياطي كافيا لأشهر وهو لا يدرك أن حقولا أخرى ستدخل إلى الخدمة تعوّض (70 %) من نفط هجليج حتى تتم صيانته بعد التخريب الذي قامت به القوات الغازية من الجنوبيين واليوغنديين. { سئم الناس معارك الكر والفر التي لم تنقطع بعد ولهذا يجب أن تكون معركتنا الحالية معركة نهائية وحاسمة وأن تكون المشاركة فيها غير مسبوقة وأن تنتهي بنا إلى هبة وطنية واسعة يحتشد إليها أكثر من خمسين ألف مجاهد وأن تتحرك المتحركات في وقت واحد نحو كافة الجبهات وهي لا تتوقف حتى القضاء على آخر جندي وعميل شارك في الحرب على بلادنا وبذلك يرون منا ما لم يروه من قبل وبذلك نقضي على هذا السجال الطويل الممل ونحمي الشمال العزيز وننطلق إلى تنمية ونهضة هائلة يستحقها هذا الشعب الصابر المحتسب. { هكذا يجب أن تفكر الدولة في هذه اللحظة تحديدا وتعمل وتحسم وتقلب الصفحة إلى يوم الدين