ما شان التطوُّر والنمو من شائنه، إلا وشوّهت المنظر.. ونسفت كل تطور وجهد.. مهما كان هذا الجهد جباراً وخارقاً.. ومهما تعاند المكابرون وتجاهل السفهاء المبطلون.. فشريان الشمال عمل جبار بلا شك.. للعاملين فيه والقائمين عليه الشكر أجزله.. هذا لمن عرف العناء وكابده، ما قبل هذا الطريق نحو الشمال.. حتى قبل الخروج من أمبدة للتوجُّه شمالاً.. فالتشوهات تبدأ من الشعبي أم درمان.. إذ لا ميناء بري ولا مكاتب للحجز ولا موقف للبصات بصورة تليق بالمسافر ولا إستراحة للانتظار ولا دِقّة في المواعيد.. ولا حتى مكتب محترم.. نكرر (مكتب محترم) يليق بالمسافر ولقطع التذاكر حيث يحدد رقم المقعد في البص المتجه نحو كذا مخصص لكذا.. ونقول المتجه نحو مروي تحديداً.. وهذه الرحلة ستنطلق الساعة كذا.. كل هذا غير موجود.. مجرد خبط عشواء.. وقطع التذاكر في العراء تحت وهج الشمس الحارقة.. والسماسرة يتخطفون المسافرين كما الطيور.. ومغادرة البص حين يكتمل ركابه ليس بميعاد.. يقولون انه سيغادر بعد نصف ساعة.. فهذه النصف ساعة تمتد لساعات حتى يتحرك البص.. رغم أن المسافرين إلى مروي عددهم قليل مقارنة بعدد البصات والكم الهائل منها.. والبصات لا تتحرك تباعاً.. هذه الصورة أيضاً نجدها في مروي ودامر المجذوب. ثم لا نجد صالة للانتظار أو مكاناً لقضاء الحاجة أو مصلى أو محلاً لتناول الوجبات.. كل هذا تفعله وأنت هائم على وجهك داخل السوق الشعبي أم درمان.. وربما تعرّضت للسرقة أو المضايقات.. وما أن يتحرك البص ثم يأخذ طريقه الصحراوي، ثم يصل إلى محطة الشريان المعروفة ب (أم الحسن)، فعندها لا تجد إلا العجب، رغم أن الصحراء ممتدة ولا تحدها عين مجردة ولا منظار مكبر. فلا تجد المرحاض الذي يليق بقضاء الحاجة، بل على العراء في صحراء ممتدة في منظر لا يليق بالانسان، هذه الصورة تجدها في طريق الدامر- بحري، تحديداً في منطقة المسيكتّاب . هذه الأفعال الشائهة.. قد لطّخت أعمالاً جبارة. وللمسافرين بهذه الطرق الخرطوم- الدامر - الشريان يعرفون المعاناة والعنت والوحل، ويعرفون كم تستغرق الرحلة إذ ليس في أقل من يوم. وبعد الرصف كم وجد الناس من راحة بال ومتعة السفر وجمال المنظر، لا سيما وأنت تنظر على إمتداد البصر في صحراء ممتدة، لو لا تلك التشوهات التي تحتاج إلى لمسات جمالية، نقول لمسات جمالية لأن الجهد المبذول والعرق المسكوب والمال المدفوع أضعاف أضعاف ما في هذه اللمسات الجمالية.. في أمدرمان والشريان ومروي ودامر المجذوب والمسيكتاب.. ميناء بري واستراحة ومرحاض وموقف للبصات.. من يا تُرى ونحن نخوض مارثون الإنتخابات والتسابق النيابي والولائي، من يا تُرى يضع هذه اللمسات الفنية؟. خالد الطاهر العجيمي { واحد مسطول مشى يخطب واحدة من أبوها.. الأب قال ليهو: البت لسّه بتدرس.. قام المسطول سأله: ممكن أجي في الفسحة عشان أخطبها؟!.