{ بعنوان (التنمية البشرية) وصلتني رسالة من الأخ (أسامة) بلا ملحقات اسمية أخرى وبلا زيادات هي: { (أقول إننا جميعا نغفل كثيراً عن تنمية البشر. وأحد أهم أبواب هذه التنمية هو خلق الشخصية المتفائلة الواثقة بالله أولاً ثم بنفسها ثانياً وثالثاً وعاشراً. { إننا نطلق المثبطات جزافاً دون أدنى مسؤولية ونعدى بها من هم أقل منّا ثقافةً، أولئك البسطاء الذين يصدقون كل من يطلق لسانه لأقصاه فيلّوث العقول بأوهام السلبية التي لا تنجب أمجاداً ولا تغير واقعاً؛ مما جعلنا مجتمعاً إما متشائماً أو لا مبالياً، كالقطيع عند قدوم عيد الأضحية. { إننا نسمع مقارنات بين أيام زمان والآن تصدر حكماً مسبقاً بأن الكون يسقط في الهاوية بسرعة الصاروخ. { ونسمع هذا الكلام منذ عشرين عاماً ولم تقُم القيامة التي علمها عند رب العالمين وحده. ولا نعمل كأننا نعيش أبداً، ولا نعبد الخالق كأننا نموت غداً، بل نظل نلعن في ما حولنا، لذلك نحن نحتاج لمن يدعو للتفاؤل. { ففي مجال السياسة يبشروننا بأننا أفغانستان القادمة.. وفي مجال الاقتصاد نأكل الحرام ونتحسر على البركة.. وفي الدين نعامل الأطفال بما يجعلهم يهربون من المساجد لأننا نُنّفر ولا نُبّشر.. وفي الطرقات «نُكشِّر» في وجوه بعضنا ونهاجم بعضنا لأتفه الأسباب. { ألا يحتاج الأمر الى دعاة ينشرون التفاؤل حتى يتوازن المجتمع نفسياً؟ ألا نحتاج أن نغير ما بأنفسنا من إحباطات حتى يغيِّر الله ما بنا من تشاؤم؟ { لماذا لا يتحرك بعض المثقفين أو حَمَلة الأقلام لبث روح الثقة في أنفس الناس حتى يستطيعوا مواجهة العقبات بتفاؤل يجعلهم ينتصرون عليها؟ { إن الرحمة التي ضَّمنها رب العالمين لاسمه قبل (شديد العقاب) إنما هي دعوة للتفاؤل بالخير لنجده أمامنا، فنحن نعلم أن الخير من الله فلماذا لا نثق به؟ أليس الثقة بأن الله كاشف الغم هي أُس التفاؤل، أليس هذا هو الإيمان؟ { إن اليأس ينتشر كالعدوى، والأمل ينتشر أيضاً بالعدوى.. وقد جربت ذلك مع أشخاص محبطين تماماً فتغيرت معنوياتهم، فلماذا لا نضع برنامجاً كأفراد من مواقعنا لنشر الفأل الحسن دون تكوين لجان أو جمعيات زاحفة تفعل العكس؟ (أسامة) { إعادة نظر: وأعيد مع القراء النظر في مضمون رسالتك أخي الكريم حيث أسبغت عليّ أخوتك قبلاً، شكراً التي لا حلم وردي فيها ولا أمنيات مستحيلة، إنها فقط مراجعات إذا قام بها كل فرد سيضمن أنه يعمل بحديث نبي الرحمة والسلام بما معناه (تفاءلوا بالخير تجدوه).. والموروث الشعبي السوداني يؤكد ذلك بمثل بليغ (الفال تحت اللسان). { لكن قبلاً وبلا يأس دعنا كلنا نصيغ سؤالاً كبيراً: هل أخبار الأمل تكفي لتغطية كل هذه الحرائق؟ إن نشر الأمل والتفاؤل يحتاج إلى بطون فيها ما تيسر من طعام وماء يا أخي، فقط دون الميل الى الرفاهيات الأخرى، فكيف أقول لنازحين داخل وطنهم تفاؤلوا للغد ويومهم يمر «بالتلتلة»؟ كيف أُعلّم الأطفال الذهاب الى مساجد تحولت بقدرة الساسة القابضة إلى منابر انتخابية يصرخون فيها بالتنابز بالألقاب أو تمجيد النظام الحاكم؟ { كيف نستمع الى الجديد والإذاعات تعيد بأصوات شابة أغنيات الحقيبة الخالدة ولا خلود إلا لله سبحانه وتكرر أن الزمن الجميل هو الزمن المضى والجاي ما معروف إن لم يكن هابطاً؟ { إنها تبدو حماقة لكنها لذيذة أن نحاول كأفراد نشر فيروس التفاؤل بيننا منقولاً بالابتسام في الوجوه والمصافحة التي لا تحمل بين أصابعها أي مآرب أخرى، وبرذاذ الحب غير المرئي الذي يجعلك تفترض الخير والثقة في الآخرين وفي أفئدتهم وتظن أنها تحمل لك وردة.. وإن كانت ملغَّمة. { وكما أضفت تجربتك في آخر مخطوطتك البليغة والبعيدة النظر.. أفتح خزانتي عن تجربة فردية حيث أنني ظلمت نفسي بالبعد عن محبة الله بحثاً عنها بين البشر، ففقدت الثقة والأمل والحياة.. ولم استعدها إلا بالعودة إلى حب الله والمحبة الإنسانية بالغة العطاء. { ولأن الفال تحت لسان دعائك الصادق آمنت بأن (الدنيا حلوة إذا عشت دينك صاح) وبالضرورة (بُكرة أحلى).