{ تبلغ صحيفتكم «الأهرام اليوم» في هذا الصباح المبارك محطة العدد رقم (100)، صامدةً، وشامخةً.. شموخ قرائها المستنيرين والمحترمين من أبناء هذا الشعب الكريم في كل أرجاء السودان الفسيح.. { (100) عدد هزمت المستحيل.. وعبرت الجسور.. وقفزت فوق الحواجز.. متقدمةً في سباق الصحافة السودانية حاجزةً للمركز «الأول» من العدد «الأول»..!! سبحانك اللهم.. وبحمدك.. { ففي الساعة الواحدة من صباح الإثنين 21/12/2009م صرخت مطبعة «المجموعة الدولية» وتردد الصدى في سكون خلاء «جبرة» الفسيح، ليخرج من رحم الماكينة الألمانية الضخمة مولودٌ جديدٌ اسمه (الأهرام اليوم).. { عشرون شخصاً من كتيبة النجاح كانوا هناك، يتبادلون التهاني، يُقلِّبون الصفحات بدهشة، والعجب مرسوم على عيونهم، واللهفة.. والقلق.. والفرح.. كل المشاعر مضطربة.. { «مبروك.. مبروك يا أستاذ».. كانت تلك هي العبارة السائدة التي حددت موقع «الأهرام اليوم» قبل أن تصل إلى الأسواق بثلاث ساعات..!! { وبدا الفخر والإحساس بالنصر جلياً على ملامح الأستاذ «عبد الله دفع الله» رئيس مجلس الإدارة والمدير العام، وغمرت السعادة الأستاذ «مزمل أبو القاسم» عضو مجلس الإدارة وهو يستمع لرأي أحد أصدقائه الذي شهد ساعة المخاض (دي صحيفة السودان الأولى.. بلا منازع) هكذا قالها الرجل.. فجاءني «مزمل» يرددها.. مطالباً بزيادة كمية المطبوع من (35) ألفاً إلى (45) ألفاً..!!! غير أن بعضنا تحفّظ ثم لم تسمح ترتيبات إدارة المطبعة بالوفاء بهذا الطلب (العاجل)، إذ لا توجد صحيفة سياسية في السودان تطبع هذا الرقم حالياً بعد زيادة أسعار الصحف من خمسين قرشاً إلى «جنيه»..!! { ثم انطلقت «الأهرام اليوم» علي ظهر (الدفارات) إلى سوق (الله أكبر) تبحث عن مكان في وسط الزحام.. وهبطت على مراكز التوزيع معطونة بعرق الشباب الذي تحول إلى حبر زاهٍ بالألوان.. { واستقبلها السودانيون الحصفاء بأيادٍ دافئة.. وعقول مفتوحة.. وقلوب زاخرة بالحب والوفاء.. استقبلوها بحرارة.. ولم يبخلوا عليها.. ولا علينا.. فكانت صحيفتهم.. منهم وإليهم.. تُعبِّر عنهم.. وتحكي معاناتهم.. وتسرد للناس قصة (الأهرامات) السودانية السابقة في الميلاد.. الراسخة في التاريخ..!! وكان البعض يسألنا: (هو باللهِ في أهرامات في السودان؟!). { نعم.. هناك أهرامات في السودان.. في «البجراوية».. وفي «مروي» وأطرافها.. والعالم السويسري «شارلي بونيه» أكد في خلاصة أبحاثه أن الحضارة النوبية في شمال السودان هي أقدم حضارة على وجه الأرض..!! { لكن بعضنا يجهلون.. ويظنون جهلهم عِلماً..!! فيكتب أحدهم عن (الاستلاب الثقافي) في اختيار اسم (الأهرام اليوم)!! ويا لها من جهالة يسخر منها «شارلي بونيه» السويسري العجوز..!! { (الأهرام اليوم) جاءت في زمن الخمول واليأس والخوف من التجديد.. وكان بعض الخائفين.. أو المشفقين يقولون لي: (لماذا تغادر صحيفة ناجحة لتغامر بالمجهول؟! وما الذي يجعلك تنجح بعد أن تعثَّرت تجارب الآخرين؟! و... و...؟؟؟) { ولم أرد عليهم، إلاَّ بالعدد الأول..!! لم تدعمني الحكومة، ولم يدفع لي «المؤتمر الوطني» قرشاً أحمر.. وظل قادته ينتظرون التجربة وبعضهم واثق من فشلها..!! يظنون أنني استند على (عكازة) الرجال، وأحتمي بدرقة «فلان»، وأرتدي جلباب «علان».. سياسياً كان.. أو رجل أعمال.. أو رئيس مجالس إدارات..!! { والحقيقة لا يعرفها هؤلاء.. ولا يريد أن يعرفها بعضهم حتى الآن أنني احتمي بقلمي.. بمواقفي.. بمبادئي.. برجولتي في زمن المخنّثين والساقطين.. والسفهاء.. { نحن كنا نحمي النظام بأقلامنا.. ولا يحمينا النظام.. ولو سقطت (الأهرام اليوم) في امتحان العدد الأول وترنّحت قبل أن تبلغ العدد (100)، لعاد صاحب هذا القلم كاتباً لزاوية يومية في واحدة من الصحف الكاسدة، يستجدي راتبه نهاية كل شهر.. بينما يقف (المؤتمر الوطني) متفرجاً على معاناتي.. كما فعل وأنا أصارع بقايا اليساريين في جريدة «الصحافة» عام 2004م، حين كان المناضل «الحاج وراق» آمراً وناهياً فيها.. رافضاً لفكرة انضمامي لها.. ثم موافقاً على مضضٍ بعد تدخل رجل الأعمال السيد «عبد الرحمن إسحق» نائب رئيس مجلس الإدارة.. { وضايقتني «مجموعة وراق» في الصحافة، وفرضوا عليَّ الكتابة لثلاثة أيام فقط، على أن تكون الزاوية في أسفل الصفحة، وغمار الكُتَّاب في أعلاها..!! وضايقوني والراتب يتأخر لشهرين.. وأنا أصبر.. وأصابر لأغرس هذا القلم في أحشاء اليسار (الكذاب).. { ثم انتقلتُ إلى صحيفة «الوطن» فأكرمني أستاذنا «سيد أحمد خليفة» ولم يكرمني (المؤتمر الوطني)؛ لأن الأستاذ سيد أحمد يعرف أقدار الرجال، وأوزان الأقلام وهو القادم من صحيفة العرب الدولية «الشرق الأوسط».. ثم شاركتُ في تأسيس (آخر لحظة)، وشراكة القلم أغلى من أيّة مساهمة بمليارات الجنيهات.. والتجربة ماثلة.. وشاهدة.. { ثم جاءت (الأهرام اليوم)، ويكفيني أنها بلغت اليوم عددها (المئة).. يكفيني أنني أسستُ.. وقدَّمتُ للصحافة شباباً بارعاً مخلصاً.. ووفياً للقيم وحارساً للمهنية.. { هذه أسطر قليلة في كتاب التجرد والعصامية رغم أنوف الحاسدين والفاشلين.. هذا هو ملف المصداقية في زمن الكذابين.. والدجالين.. والمرتزقة.. { شكراً جزيلاً لقرائنا المحترمين في كل بقعة طاهرة من بقاع السودان.. شكراً للأصلاء والنبلاء في كل تشكيلات السياسة والصحافة والإعلام.. { مبروك لكتيبة (الأهرام اليوم) هذا النجاح.. وعقبال العدد (1000).. ألف.. وألفين.. ومليون.. والحمد لله رب العالمين.