{ في حصة (التاريخ) كان معلمنا يكتب على السبورة مراراً وتكراراً: (التاريخ لا يعيد نفسه)، بيد أنه يستدرك شفهياً قائلاً: (ولكن ربما يعيد نفسه وذلك يحدث عند السائرين نياماً)، فهل صدق استدراك معلمي بعد أربعة عقود من الزمان على مقولته تلك؟ أم أن (اليقظة) كانت ديدن الذين يطالعون التاريخ في صبر وجَلَد حتى يصلوا حافة ترديد المقطع الغنائى (كمّلت الصبر كُله)؟! وأتذكر سيرة الزعيم عبد الناصر مع اللواء محمد نجيب مراراً وتكراراً أيضاً الذي لم يكن عضواً في حركة الضباط الأحرار ومع ذلك اختاروه رئيساً لمجلس قيادة ثورة يوليو المصرية، ليُكسب الحركة قدراً من الاحترام ثم أصبح بعدها رئيساً للجمهورية إلا أن دوره كان ثانوياً؛ من خلال إملاء السياسات عليه والتغوُّل على سلطاته، ولكن حينما أكمل محمد نجيب (الصبر كُله) أعلن استياءه من تلك الإملاءات وقرر العودة إلى نظام الأحزاب السياسية ولكن عبد الناصر كان الأسرع؛ إذ حل مجلس قيادة الثورة وأعلن عودة الأحزاب السياسية من ثم وضع محمد نجيب رهن الإقامة الجبرية على مدى 17 سنة. { والذاكرة لازالت مشرعة بمفاصلة رمضان من ثم لابد أن كلاً من الرئيس البشير والشيخ الترابي لم تفارقهما الصورة التاريخية لما حدث بين عبد الناصر ومحمد نجيب. فهل كان الشيخ الترابي والإنقاذ في ريعان شبابها يريد أن يقوم بدور عبد الناصر (مدنياً) ولكنه تعامل مع الأحداث حسب (المواقيت القديمة) فكانت ساعته (متأخرة)، بينما تعامل البشير مع الأحداث حسب (مواقيت جديدة) إذ أضاف ساعة إلى ساعته (السياسية) آنذاك فأعلن الحل والطوارئ. وبالرغم من مضي سنوات إلا أن ساعة البشير مازالت (متقدمة) فأعلن الانتخابات وكانت ساعة الأحزاب مازالت تعمل (بالمواقيت القديمة) و(العيال كبرت) والزعماء في تلك الأحزاب مازالوا يرددون (يانا نحنا)!!.. والشهور سوف تجري سراعاً بينما نجد مقومات ومشروطات (تقرير المصير) للوطن بأجمعه وليس للجنوب وحده خياراتها تضيق. فليكن أداء القسم.. أداء قسم للحفاظ على هذا الوطن كل لا يتجزأ وليس للكراسي و(التاريخ لا يعيد نفسه). إن ملف الوئام الوطني يحتاج إلى معجزة حتى لا تؤدي ارتفاع حرارة (الفوز) إلى (سحائى) سياسي!! هل تسبق ساعة (الإجماع الوطني) ساعة المجتمع الإقليمي والدولي؟! { إننا بحاجة إلى حكومة (وئام وطني) أو (شبه قومية إن لم نرفع سقف طموحنا. هي أقل مكافأة عادلة يتوقعها شعبنا الصابر بعد الانتخابات باعتبارها الوعاء الذي سوف تنتظم فيه دقات قلب هذه الأمة حتى لا يصيبها الانكماش. وحلم (الوئام الوطني) ليس مكرمة؛ إنما هو ثمرة مشروعة لمجاهدات أبناء هذا الوطن. وهذا هو منطق الواقع الذي لا يمكن لأيّة جهة أن تتجاهله أو تعطيه ظهرها وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة. { شاب مسطول اتخانق مع أبوه، قام ماشي طالع من البيت. أبوه سأله: ماشي وين؟ ما ردّ عليهو.. طلع وقّف أمجاد وركب. السواق قال ليهو: على وين؟ الشاب المسطول ردّ: إذا أنا ما قلت لأبوي حأقول ليك إنت؟!