في أسبوع واحد فقدت الدراما المصرية رجلين من أهم قاماتها، الأول الأستاذ عبد الله الفرغني وهو رجل وإن كان كبيراً في السن فإنه رجل يستطيع أن يمنحك الضحك وأنت تحتاج إليه تماماً دون تكلف، بل وعرف كيف يستنطق فكاهياً بحجم سمير غانم أو وائل نور أو إنعام سالوسة. ولقد قدم عدداً من أطعم المسلسلات الفكاهية التي احتاجت لرجل يعرف الكوميديا بأكثر مما يعرفها غيره. في ذات الوقت الذي استطاع العمدة عبد الله الفرغلي أن يجسِّد هذا الدور بحرفية عالية جعلته واحداً من أشهر من أدى دور العمدة «زعيم القبيلة في الصعيد المصري». فقد عبد الله فرغلي فقد لا يُعوَّض في الدراما المصرية. والفقد الثاني هو رحيل الأستاذ أسامة أنور عكاشة فهو أمة في تاريخ الدراما المصرية إذا كان نجيب محفوظ ملك الرواية الشعبية فإن أسامة أنور عكاشة هو ملك السيناريو المصري ويشكل الجانب الآخر من نجيب محفوظ فهما وجهان لعملة واحدة إعادة التاريخ المصري، فإن كان نجيب محفوظ قد بدأ إعادة كتابة تاريخ مصر فإن أسامة أنور عكاشة بدأ متواضعاً بقصة جون اشتاين بك الأمريكي اللؤلؤة التي حوَّلها إلى مسلسل بعنوان «وقال البحر» عن أساطير الكنوز المدفونة في البحار المصرية من بحيرة قارون إلى بحر الإسكندرية وأساطير أخرى كثيرة. ولكن أسامة أنور عكاشة عاد لنفسه ليعيد كتابة التاريخ المصري وبالتحديد فترة عبد الناصر وما سبقها من إقطاعيات أسرة محمد علي. وحتى يفعل هذا لم يتردد بالنظر إلى نجيب محفوظ فجاءت «ليالي الحملية» بأجزائها الخمسة تعيد كتابة التاريخ المصري منذ عصر أسرة محمد علي وحتى نصر أكتوبر واستطاع أن يجمع حوله مجموعة من الممثلين قل ما افترقت: يحيى الفخراني، صلاح السعدني، آثار الحكيم، صفية العمري، ممدوح عبد العليم، هشام سليم، والرائعتين حسنة توفيق وفردوس ثم الملتزمة سهيل المرشدي التي كانت هي وزوجها كرم مطاوع يمثلان الفنانين الملتزمين فكرياً وقضيةً، ثم مجموعة لطفي لبيب الخماسية. ولعل أول من قدم أحمد السماحي للتلفزيون. ثم جاءت مجموعة زيزينيا بطولة يحيى الفخراني وسهيل المرشدي وفردوس محمد وهي تعكس التلاقح الإنساني بين الأقباط والمسلمين واليهود واليونانيين والإيطاليين. ثم تلتها مجموعة حسن «ارابيسك» عن تاريخ علماء مصر. ثم مجموعة المصراوية وهي ملحمة مستمرة حتى الآن وقبلها كان عصفور النار والشهد والدموع ثم عالم الصباح والمساء التي شكلت طريقة أسامة بالدمج بين كل خياراته في تقديم الشخصية المصرية كما رآها الفنان أنور عكاشة ولقد اعترف برأيي في تناوله لنجيب محفوظ دون أن يتردد. حاولت أن أقدم لقارئي أسامة أنور عكاشة كما عرفته. ودمتم