أيدت محكمة الاستئناف أم درمان قرار محكمة جنايات أمبدة ببراءة الزوجة صفية من تهمة قتل زوجها بالصبغة، وجاء ذلك في قرار الدائرة الجنائية عند نظرها في طلب الاستئناف الذي تقدم به ممثل الاتهام نيابة عن ذوي المرحوم، والذي تلخصت أسبابه في أن المرحوم كان في كامل صحته وعافيته ولم يعانِ من أي أمراض حتى حضوره لمنزل زوجته المتهمة والإقرار الوحيد أن المرحوم تناول وجبة (كبدة) قدمتها له المتهمة وهو يقيم عندها حتى تدهورت صحته ونقل للعلاج، وحاولت المتهمة القول بأن أبناءها أيضاً تناولوا ذات الوجبة وأدلوا بأقوالهم وهي شهادة اعترتها شبهة المصلحة لأنهم أبناء للمتهمة وقُدم طعن في شهادتهم لم تعره المحكمة اهتماماً، وقد أكد شاهد الاتهام الثاني دكتور مجدي يوسف أن أسباب الوفاة بمستند اتهام (2) تتفق مع ذات الأسباب في مستند اتهام (1) من حيث أن الفشل الكلوي مشترك في المستندين وهو نتيجة راجحة لتناول السم وبالتالي فإن التسمم كانت مقصودا والموت هو النتيجة الراجحة لفعل المتهمة وكان المرحوم يقيم عندها حتى نقله للمستشفى ومن واقع محضر التحري وأقوال المتهمة أن علاقتها بالمرحوم في الفترة الأخيرة قد فترت، بالإضافة لمشاكل أسرية أخرى، والثابت أن المرحوم مات لتناوله صبغة الشعر السامة بعد أخذ عينات وأن البينات والقرائن تتجه نحو المتهمة. ورأى قضاة الدائرة الجنائية بعد اطلاعهم على محضر وإجراءات المحاكمة أنه ولكي يثبت الجرم على المتهم كقاعدة عامة لابد أن يستطيع الاتهام أن يثبت جرم المتهم فوق مرحلة الشك المعقول، وهذا ما أتت به السابقة القضائية، وبناء عليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل استطاع الاتهام في هذه الدعوى الجنائية إثبات جرم المتهمة فوق مرحلة الشك المعقول وفقاً لما يتطلبه القانون؟ والإجابة عليه تتطلب الإجابة على السؤال التقليدي في مثل هذه الجرائم وهو هل قامت المتهمة (ص. أ) بوضع صبغة الشعر السامة في طعام أو شراب المجني عليه المرحوم؟ مع العلم أن البينات أثبتت وفاة المجني عليه بصبغة الشعر المسمومة بعد نبش الجثة وأخذ عينات من الإمعاء والمثانة بعد فحصها. ووجدوا أن البينات التي قدمها الاتهام في مواجهة المتهمة تجيب بالنفي على السؤال الثاني لأن الاتهام لم يستطع تقديم بينة مباشرة أو شاهداً يشهد بأن المتهمة هي من قامت بوضع صبغة الشعر القاتلة في طعام أو شراب المجني عليه .. ورأوا بأن البينات كشفت بوضوح أن المجني عليه المرحوم عندما أتى لمنزل المتهمة كان يشكو من التعب والمرض وتورم الأرجل مسبقاً قبل حضوره لمنزل المتهمة وهي زوجته الأولى، ولم يثبت الاتهام أن علاقة المرحوم بزوجته الأولى تشوبها الخلافات وهي علاقة حميمة كما ذهبت إلى ذلك محكمة الموضوع، وهي زوجته الأولى وأم أبنائه، كما أشاروا إلى ضعف البينات الظرفية المقدمة في هذه الدعوى والتي لا تؤدي قطعاً في تسلسلها الى ربط المتهمة بالجرم المنسوب إليها، وعليه انه ووفقاً لما سبق ذكره آنفاً وطالما لم يثبت الركن المادي من أركان أن الجريمة تحت المادة 130 من القانون الجنائي في مواجهة المتهمة، وبسقوط الركن المادي اتفق قضاة الدائرة في التسبب والنتيجة لأن ما توفر من بينات ظرفية متعلقة بتواجد المرحوم بمنزل المتهمة ونقله للمستشفى منه لا يمكن أن يكون أساساً للإدانة، فالمفترض تواجد وقائع ثابتة ليؤسس عليها الاستنتاج، وفي هذه الحالة لا يمكن الاستنتاج دون توافر الشك الذي يتعارض والإدانة، وعليه اتفق قضاة الدائرة وعن ثقة تامة مع قرار محكمة الموضوع المتمثل في تبرئة ساحة المتهمة من الاتهام الموجه إليها وتأييد القرار المطعون فيه.