باستثناء انقلاب 23 يوليو 52 الذي نفذه الضباط الأحرار في مصر فإن الانقلابات العسكرية الأخرى التي حدثت في شهر يوليو في العالم العربي اندثرت وأصبحت من أخبار التاريخ. وهي خمس انقلابات اثنان منها حدثا في العراق في 14 يوليو 58 وفي 18 يوليو 1968م، وثلاثة حدثت في السودان في 19 يوليو 22 يوليو عام 1971م ثم في 2 يوليو 1976م. وقد حديث هذه الانقلابات الثلاث خلال العهد المايوي الذي بدأ عام 69 وانتهى في أبريل 1985م. وإذا كان صحيحاً أن انقلاب يوليو 52 أطاح بالنظام الملكي وأعلن الجمهورية فإن انقلاب 14 يوليو 58 في العراق أطاح بالنظام الملكي الهاشمي وأعلن الجمهورية. لكن الفرق أنه بينما كانت الملكية المصرية راسخة وقديمة ترجع نشأتها إلى عام 1805م فقد كانت الملكية الهاشمية حديثة تعود بدايتها إلى مطلع عشرينات القرن الماضي. لماذا استمر انقلاب 23 يوليو حتى الآن، ولماذا مازال حتى الآن هو أساس شرعية النظام المصري رغم الهزائم التي تعرّض لها، ورغم أنه كانت توجد قبله حركة سياسية ديمقراطية في منتهى الحيوية وكانت هذه الحركة تلهم الآخرين في المنطقة العربية؟. لقد ظل انقلاب يوليو 52 في سنواته الأولى رغم التغيير الجذري المتمثل في الانتقال من الملكية إلى الجمهورية ورغم الاصلاح الزراعي لا يختلف كثيراً عن الانقلابات العسكرية التي سبقته في المشرق العربي وأمريكا اللاتينية. وكان الناس في بدايات الانقلاب رغم الفرح الذي غمر الشارع المصري حذرين في تعاملاتهم معه وغير واثقين من أن التغيير سوف يكون حتماً إلى الأفضل وكان من الأسباب أن الانقلابات العسكرية التي سبقته لم تنجز شيئاً يذكر ومنها أن الشائع في ذلك الوقت من أول الخمسينيات كان هو أن الانقلابات صناعة أمريكية. ولم يسلم انقلاب يوليو من تلك الشائعة إلى درجة أن الصحافي المصري محمد جلال كشك ألّف كتاباً عنوانه ( ثورة يوليو الأمريكية). وفي ذلك الوقت أيضاً كان الصراع بين رئيس مجلس الثورة اللواء نجيب وبقية أعضاء المجلس وفي مقدمتهم المقدم عبدالناصر عاملاً آخر أدى إلى أن تكون الثقة في النظام الجديد أقل من اللازم وأن تكون الآمال المعلقة عليه قليلة أيضاً. ثم تغير ذلك كله مساء 26 يوليو 1956م في ميدان المنشية بالاسكندرية عندما أممّ جمال عبدالناصر قناة السويس ليصبح بطل مصر ومعبودها، والبطل القومي للأمة العربية من المحيط إلى الخليج وتغيرت بالتالي النظرة القديمة لانقلاب 23 يوليو 1952م.