أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    شاهد بالفيديو.. "جيش واحد شعب واحد" تظاهرة ليلية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور    لأهلي في الجزيرة    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    تامر حسني يمازح باسم سمرة فى أول يوم من تصوير فيلم "ري ستارت"    وزير الخارجية : لا نمانع عودة مباحثات جدة وملتزمون بذلك    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود في حوار القضايا الساخنة مع (الاهرام اليوم) ( 2 )

وزير المالية والاقتصاد الوطني الأستاذ علي محمود، يبلغ من العمر (52) عاماً، درس الاقتصاد وعمل لفترة (15) عاماً في القطاع المصرفي، ويعتبر من كوادر المؤتمر الوطني التي تولت عدة مناصب دستورية وتشريعية في المركز والولايات، حيث عمل الرجل وزيراً للمالية بولاية جنوب دارفور، ومن بعدها وزيراً للمالية بولاية البحر الاحمر ومن ثم وزير دولة بوزارة المالية الاتحادية، قبل أن يتم اختياره والياً لولاية جنوب دارفور، فكانت خاتمة محطات العمل العام على مقعد وزير المالية والاقتصاد الوطني.
(الأهرام اليوم) جلست إليه في مكتبه المتواضع بمباني الوزارة العتيقة بعد أن رفض مغادرتها إلى عمارة فخيمة شيدت خصيصاً لتكون مكاتب الوزارة الجديدة، ويبدو أن الوزير الجديد يسعى لإنفاذ سياسة تقشف وربط أحزمة استعداداً للمرحلة القادمة، وهي بداية موفقة. طرحنا على الوزير جملة من الأسئلة، منها ما يتصل بكيفية تعيينه وآخرين من أبناء دارفور في الحكومة الجديدة، وإمكانية إسهامهم عبر تواجدهم في (الديسك) المركزي لحل مشكلة دارفور، وتساؤلات أخرى حول طريق الإنقاذ الغربي والطرق القومية مثل طريق مدني الخرطوم، إضافة إلى المبالغ التي خصصت للسلطة الانتقالية لولايات دارفور لمشاريع التنمية، علاوة على ارتفاع سعر الدولار وأسبابه، وحديث حول الميزانية المقبلة باعتبارها ميزانية استفتاء، وخطة الوزارة لدعم مشروع الجزيرة، فضلاً عن الجدل الدائر حول شركة (سودانير) بعد أن تردد أن ملاكها الجدد (مجموعة عارف) يخططون لبيعها، ودار الحديث حول أزمة السكر الأخيرة والدولار وقضايا أخرى. استمع الرجل إلينا، فكانت حصيلة ردوده هذا الحوار:
حدثنا عن طريق الإنقاذ الغربي، كم بلغت المبالغ التي صرفت عليه منذ بدايته وحتى الآن؟ ومتى سيكتمل العمل في الطريق؟
- الأموال التي تم صرفها في السابق لم يكن لدي علم بها، ولكن حالياً الطريق به (3) قطاعات، القطاع الأول النهود أم كدادة، الذي يبلغ طوله (168) كلم، وتكلفته الآن المتعاقَد عليها مع الشركات الصينية من القرض الصيني أكثر من (109) ملايين دولار، وأما القطاع الثاني فهو قطاع أم كدادة الفاشر، وهو يتجاوز ال (220) كلم، وتكلفته بالضبط (68) مليون دولار، وهذا متعاقَد عليه مع شركات صينية، والقطاع الثالث هو قطاع زالنجي الجنينة، وطوله أكثر من (170) كلم، وتكلفته أكثر من (108) ملايين دولار، جملة الاعتمادات لطريق الإنقاذ الغربي بلغت (304) ملايين دولار، وهذه تم الاتفاق عليها مع شركات صينية بقرض صيني، وصحيح في بعض المناطق الظروف الأمنية قد تؤثر في سير العمل، ولكن الآن يجري العمل في قطاع زالنجي الجنينة، وأنا وقفت على العمل في طريق الفاشر أم كدادة، وبدأ من الفاشر، وتم العمل فيه بأكثر من عشرة كيلومترات، أما النهود – الأبيض فهناك شركات محددة تم توقيع عقود معها والآن بدأت في العمل بقروض صينية، وهناك مساحة بين الفاشر ونيالا كانت تعمل فيها شركة شريان الشمال وتوقفت لأسباب أمنية لأنه تم نهب عربات تتبع للشركة وآليات، وفي خلال الأيام القادمة سنجلس مع الشركة وننظر إشكالاتهم بغية استئناف العمل، نصف المسافة تقريباً اكتمل العمل فيها، وتم إنشاء أكثر من (100) كلم من نيالا، حيث تبلغ المسافة الكلية حوالي (200) كلم، والأمر يمكن أن تتم معالجته مع الإخوة في شركة شريان الشمال.
إذن، وفي ملف الطرق، طريق الخرطوم مدني، هل هناك مشروع أو مقترح أو فكرة لتوسعته؟
- الآن جلسنا مع وزير الطرق، والفكرة الآن توسيع طريق التحدي وتأهيل الطريق في المرحلة الأولى من الخرطوم - عطبرة، لكون هذا الطريق يقصر المسافة بدلاً من طريق كسلا القضارف، وبالتالي معظم العربات أصبحت تأتي عبره، وبمرور الشاحنات فيه أصبحت حوادثه كثيرة، والتوجيه الذي جاء من الأخ الرئيس شخصياً بأن نبدأ بهذا الطريق لازدحامه الشديد، وهناك تصور آخر قامت بإعداده وزارة الطرق حول طريق الخرطوم مدني، يتمثل في قيام الوزارة بالعمل فيه لوحدها..
مقاطعاً: هل تمويله سيكون من وزارة المالية؟
- والله، حتى الآن لم يأتوا إلينا للتمويل، وهم لديهم محاولات من مواردهم الذاتية..
وهل طريق الخرطوم عطبرة بورتسودان لا يزال يعمل رغم أنه قام بتقصير عملية النقل؟
- الطريق يعمل الآن، لكن الغرض أن يكون مزدوجاً بمسارين وبينهما جزيرة، وهذا يقلل كثيراً جداً من المخاطر لأن معظم الحوادث تحدث بسبب ضيق الطريق، الشيء الآخر «المزلقانات» التي تكون بجانب الطريق، هنالك توجيه بأن تصبح «كباري».
لكن الوفيات أكثر في طريق الخرطوم مدني؟
- والله ليست لديَّ إحصائيات ولم أتأكد من هذا، لكن بالتقدير الحوادث في طريق الخرطوم مدني أكثر لأن الحركة كثيرة، والناس أيضاً كُثر، والطرق طبعاً بحالتها الحالية تؤدي إلى زيادة الحوادث، ونسمع ونقرأ يومياً في الصحف عنها، وهي مسألة ليست جميلة، لكن التوجيه هو محاولة الاجتهاد مع وزارة الطرق، لكن عموماً - كمبدأ - فعلاً الطرق الآن فيها مسائل فنية تؤدي إلى هذه الأشياء وعلينا معالجتها.
هناك حديث عن أن وزارة المالية قامت بدفع مبلغ (816) مليون دولار للسلطة الانتقالية الإقليمية لولايات دارفور بغرض إنشاء مشاريع تنموية. ما هي صحة هذا الحديث؟ وكيف تقيم تجربة السلطة في إدارة المال العام؟
- أنتم لماذا تبحثون عن المشاكل؟ يجب أن تسألوا الأسئلة التي لا علاقة لها بالمشاكل.. أنا أمامي تقرير عن صرف السلطة الانتقالية، ووجدت أن هناك مشروعات كثيرة، لا أظنها بلغت (816) مليون دولار، ولكنه رقم قريب من هذا، هناك مبالغ أنا لا أتذكرها، وهي في حدود محددة، ونحن في ملخص الأداء الفعلي للتحويلات التنموية في ولايات دارفور في الأعوام 2008م-2009-2010م؛ شمال دارفور في عام 2008م أخذت (43) مليون جنيه في مجالات مختلفة في الزراعة والثروة الحيوانية والري والطاقة والطرق والصحة والتعليم والمياه والمجالين الإداري والاجتماعي، وأنا من الأفضل أن أعطيكم الملخص للأعوام جميعها، فنجد أن الجملة الكلية لما تم تنفيذه وما تم التعاقد عليه خلال العام 2009م والأعوام التي سبقته هي (مليار وخمسمائة وسبعة عشر مليون جنيه) وهي ترليون جنيه، لكن بالذات في مجال الطرق التي مثلت أكثر شيء في الصرف أعطيكم مثالاً: شمال دارفور في عام 2008م أخذت (43) مليون جنيه، وفي عام 2009م أخذت (395.8) مليون، وفي 2010م وحتى الآن (38.5) مليون، وفي عام 2009م مبلغ ال (395.8) الذي ذكرته (225) مليوناً منه في الطرق. نأتي إلى ولاية جنوب دارفور فنجد أنها أخذت في عام 2008م (42.8) مليون، وفي عام 2009م نجدها أخذت (692.6) مليون جنيه، منها (450) مليوناً للطرق. وفي عام 2010م أخذت جنوب دارفور (38.2)، ونجد أن ولاية غرب دارفور أخذت في عام 2008م (38.6) مليون، وفي عام 2009م (690.9)، وفي عام 2010م (37) مليوناً، التسيير الذي يخص هذه المسألة جاء في سنة 2009م، في ما يخص الطرق، وقبلها في عام 2008م كان التمويل لكل ولاية أكثر من (40) مليوناً، وعندما نأتي لسنة 2009م نجده يقفز إلى (500) و(600) مليون وهي تلخصت هنا في مبلغ وقدره (689.8) مليون دولار، وكان سعر الصرف فيها (2.2) وهذا هو شكل التعاقدات التي تمت لطريق الإنقاذ الغربي لعام 2009م بالمحاور التي ذكرتها لكم، وعندما نأتي بال (304) ملايين ونحولها بالسعر الحالي ونضيف إليها مبلغاً بسيطاً ستبلغ ال (689.8) مليون.
هل هذه جميعها تعاقدات طريق الإنقاذ الغربي؟
- نعم، هذه هي تعاقدات طريق الإنقاذ الغربي، ولكن معها مشروعات أخرى وهناك (42.8) هذه في عام 2008، وعندما نأتي لعام 2009م، تقفز إلى (692) التي فيها (450) هي للطريق، ونأتي لعام 2010م فنجدها أصبحت (38.2)، والجملة (689.8)، هذه معظمها طرق تمت في عام 2008م بالإضافة إلى مصروفات السلطة الانتقالية، مثلاً تجد أن هناك شركات قامت بمشروعات بتكلفة (247.11) مليون جنيه (مليار بالقديم) هذه عبارة عن شبكات مياه المدن الثلاث (الفاشر ونيالا والجنينة)، جملتها انخفضت إلى (232.12) مليون، وهذا لم يكن ضمن المبالغ التي تحدثنا عنها من قبل، حيث المبالغ التي ذكرناها سابقاً كانت للولايات، وهذا المبلغ مخصص للسلطة الانتقالية، وأكبر المبالغ التي دفعت للسلطة كانت لهذه المشاريع، حيث تم حفر وتركيب (358) بئراً، وهكذا، جميع هذه التفاصيل موجودة في تقرير أعدته الوزارة، وصحيح أن شبكة مياه المدن قامت السلطة الانتقالية ببداية العمل فيها وتوقيع عقودها، وبتمويل من وزارة المالية لصندوق إعمار دارفور، وتم حفر آبار أو محطات المياه التي تسمي (دوانكي)، هذه كثيرة جداً وبالذات في ولاية جنوب دارفور لأن بها مياهاً جوفية كثيرة جداً، وجميعها محصورة في التقرير، فهناك عمل تم تنفيذه ولا أحد يستطيع إنكاره، وأنا عندما كنت والياً على جنوب دارفور كانت هناك محلية واحدة تم فيها حفر (10) آبار وأخرى بها (5) آبار ومحليات أخرى بها عدد من الآبار، وهناك عمل كبير تم إنجازه، وبالذات في مجال المياه، ومنه الشبكات، وهناك شيء آخر وهو إعلان عن مباني السلطة الانتقالية في مدينة الفاشر، وهذا صرف آخر، لكن في الصحة لم تحدث مشاريع تنموية كبيرة، وفي التعليم هناك أشياء لكن لم تكن كبيرة من السلطة الانتقالية، عليه فأكبر جهد تركز في المياه كونها تدر إيرادات تقوم بتغطية التكلفة، ولكن المدارس والمستشفيات لم يتم فيها عمل كبير!
الدولار والسياسات المتعلقة ببنك السودان.. الصرافات وتأثير قرارات صرف الدولار بالمطار على سعر الجنيه.. ماهي السبل الكفيلة باستقرار سعر الصرف؟
- بالنسبة إلى سياسات الاقتصاد الكلي التي نتحدث فيها عن الناتج الإجمالي المحلي وسعر الصرف؛ سعر الصرف طبعاً تدهور، وهناك عدة أسباب لمسألة التضخم هذه.. أول سبب لها هو ضعف الإنتاج والإنتاجية، فعندما يصبح الإنتاج ضعيفاً للسلع الأساسية ونقوم باستيراد القمح والسكَّر والزيوت وجميع السلع الغذائية، بالإضافة إلى استيراد العربات وغيرها، عندها يكون الطلب على العملات الصعبة وعلى الدولار كبيراً جداً، وفي ظل صادرات ضعيفة، يحدث الخلل في ميزاننا التجاري، الخلل هذا أدى إلى أن طلبنا على الدولار أكبر من عرضنا، وصادراتنا غير البترولية ضعيفة، تقدر في حدود ال (900) مليون دولار، وهناك (عشرة مليارات دولار) عبارة عن صادرات بترولية، تحسنت الصادرات غير البترولية بدخول الذهب - الذي يتم التنقيب عنه عشوائياً - ووارداتنا أصبحت أكثر من (11) مليار دولار. وأنا في تقديري هذه الأسعار الظاهرة فقط بحسب الفواتير التي بطرف الجمارك، وهي أكثر من ذلك طبعاً، لأن الفاتورة التي تأتي من الجمارك تكون مخفضة، وسعرها هذا ليس هو السعر الحقيقي، فلذلك الطلب المتزايد على الدولار بغرض الاستيراد من الخارج، مع ضعف صادراتنا؛ هذا هو السبب الذي أدى إلى أن يصبح الطلب كبيراً جداً.. الأزمة العالمية طبعاً خفضت أسعار البترول، وبالتالي انخفضت عائداتنا من العملات الصعبة، وتآكلت كل الاحتياطيات التي تخص البنك المركزي، الذي يغذي البنوك بالعملات الصعبة لكي تقوم هي بتغذية الواردات، البرميل في وقت ما وصل إلى (140) دولاراً وانخفض سعره إلى أن وصل (50) دولاراً، وهذا أحدث انخفاضاً كبيراً جداً في العملات الصعبة، وأدى إلى هذه المسألة، نحن نعتقد أنه على المدى القصير لا بد من السيطرة على الواردات بغية توجيه العملات الصعبة الموجودة لاستيراد الأساسيات، مثلاً الأثاث الفاخرالذي يتم استيراده الآن ليس أولوية بالنسبة لي، وحتى العائدات على الجمارك التي تأتي إلينا لم تكن كثيرة، فلا بد من السيطرة على الواردات، وأوجّه بذلك، وطبعاً في ظل سياسة التحرير ليس بإمكاني أن أمنع أشياء، لكن بقدر استطاعتنا نوجه بالعمل على استيراد السلع الأساسية.
في البنوك، هل هناك سيطرة؟ ومدير البنك يمكن أن يسيطر على ذلك الأمر؟
- نعم يستطيع عبر بنك السودان، بالتوجيه بأن الاعتمادات من العملات الحرة توجه إلى كذا وكذا، وهذه القطاعات ذات الأولوية، إما أن تكون مدخلات إنتاج أو سلع رأسمالية أو سلع غذائية أساسية مثل الدقيق والقمح والسكر وزيت الطعام والأدوية وغيرها، وأشياء من هذا القبيل.
لكن هذا الأمر عملياً قد تصعب مكافحته، لأن رئيس الفرع ربما تتداخل علاقته مع العميل، كما أن أهمية العميل بالنسبة له يمكن أن تسمح له بتجاوز الضوابط!
- لا أعتقد أن يحدث ذلك؛ لأن معظم الدولارات تتبع للحكومة، وصادر البترول جميعه يأتي إلى بنك السودان، والآن عندما نقوم بتصدير شحنة بترول في الشهر، عندما يأتي العائد إلى بنك السودان؛ يزيد القيمة بالجنيه في حساب الحكومة الرئيسي، وبنك السودان هو الذي يعطي هذه الفروع والصرافات، ولا توجد صرافة تستجلب دولاراً من الخارج إلا في ما ندر، والبنوك نفسها كي تفتح اعتمادات الآن؛ يعطيها بنك السودان ذلك، وحتى الصادرات نفسها يجوز للبنك المركزي توظيف عائدها لما يراه مناسباً، ولم يترك الأمر مفتوحاً، أو يترك للبنوك عمل ما تريد واستيراد أي شيء! وهذا وفقاً للسياسة التمويلية لبنك السودان وسلطاته، وبالقانون الذي يخول له تنظيم سياسة النقد الأجنبي داخل البلد، وتوظيف النقد الأجنبي لخدمة الأغراض الأساسية، لكن هناك أساليب أخرى يلجأ إليها الناس لجلب العملات.
حسناً، لنفترض أن هناك (20) عميلاً بالبنك، ولمدير الفرع أولوياته، هل من المحتمل أن يحصل بعض العملاء على مبالغ أكثر من الآخرين؟ وهل هناك ضوابط ستقوم بها الوزارة لتحديد أولويات الصرف؟
- طبعاً حسب النظام نحن لا نخاطب البنوك مباشرة، بل نخاطبها عبر بنك السودان، نجلس نحن هنا في الوزارة من أجل السياسة الكلية، ونتفق على ضوابط محددة، وبنك السودان يقوم بإدراجها في سياسته التمويلية والمنشورات المنظمة لهذه المسألة مباشرة.. أنا عندما أتيت إلى الوزارة وجدت أن هناك قليلاً من الأموال متبقية من القرض الصيني، أعطيت منها (200) مليون دولار لوزارة الزراعة لأننا ذهبنا إلى مناطق السوكي والرهد والجزيرة، وفي هذه المناطق وجدنا أن الشراكات الإستراتيجية التي تمت، أدت إلى زراعة مساحة ضخمة جداً من الفول السوداني وعباد الشمس، وهذه عندما نحسبها نحن الآن بالمعدلات الحالية؛ ستقوم بتخفيض فاتورة الوارد من الزيت بصورة كبيرة جداً، ولذلك الأموال من المفروض أن أصرفها في مثل هذه المجالات. وهذا واجبنا نحن هنا، بوصفنا حكومة ووزارة مالية، أن نقوم بدعم القطاعات الإنتاجية، والآن نحن كذلك نريد أن نتوسع في صناعة السكَّر لأننا لاحظنا أن استهلاكه في تزايد، وأنا الآن لكي أستورد سكراً أحتاج إلى صرف أكثر من (600) مليون دولار، في حين أنني كمنتج يفترض أن أقوم بتصديره وليس العكس.. عندما أزيد الإنتاج يحدث تخفيض للفاتورة من ال (600) مليون وتواصل في الانخفاض حتى نصل مرحلة الاكتفاء، بعد قليل تكون لدينا فوائض، وأتحول إلى حالة التصدير، والتصدير يزيد الدولارات من الصادرات غير البترولية، ونفس الشيء في القطاع الزراعي النباتي، وكذلك في التعدين والثروة الحيوانية والصناعات الغذائية الأخرى وغيرها، ودور الوزارة في السياسات الكلية أنها تدعم الإنتاج حتى تصنع بدائل للواردات، وأي وارد يكون له بديل محلي، وتقوم بزيادة الصادرات وهذه تسهم في تقليل الطلب.
في العام 2006م كان سعر الصرف للدولار هو جنيهين، أي (2000) جنيه، ومتجه في الانخفاض لأكثر من ذلك، وبنك السودان طلب من البنوك أن يعطيها تمويلاً لكي تستورد به، وفي ذلك الوقت ظل الدولار في حالة تناقص مقابل الجنيه السوداني، بل إن بنك السودان كانت لديه إجراءات يحتفظ بمقتضاها بالدولار بهذه الكيفية، لأن تدهور الدولار يؤدي إلى تدهور الصادرات، الدولار كان متوفراً وبنك السودان يعطي المصارف ليظل سعره محافظاً أو في تناقص، ولا يوجد سوق أسود للدولار في ذلك الوقت، لأنه لا يحقق أرباحاً، والتجار تركوا السوق الأسود تماماً وهذا طبعاً بموجب سياسات على مستوى بنك السودان لإدارة سياسة النقد الأجنبي، وهذه تدخل فيها التجارة والجمارك وكل وزارات القطاع الاقتصادي. ونحن نقوم بترشيد الطلب على الدولار بإجراءات إدارية محددة بتوجيه البنوك لاستيراد أشياء محددة، وبزيادة عرض الدولار عبر الصادرات، ولا يوجد حل غير ذلك.
صحيح – مؤقتاً – أن هناك طرقاً أخرى مثل الاستدانة من دول صديقة وإنزالها في حساب البنك المركزي وتوزيعها على البنوك ليقل الطلب على الدولار مؤقتاً، لكن بعد أن يستنفد الدولار، تعود المسألة مرة أخرى إلى وضعها، الأمر برمته يحتاج إلى حركة اقتصاد مستمرة تقتضي المحافظة على العرض من الدولار، وفي السياسات على المدى القصير التي يعدها البنك المركزي بالتشاور مع وزارة المالية في إدارة عملية التجارة الخارجية، وهناك سياسات على المدى المتوسط والمدى الطويل تقوم بإعدادها الحكومة، وتضخ أموالاً في القطاعات المنتجة لإحداث اكتفاء ذاتي كي لا يكون هناك طلب على الدولار لاستيراد سلع يمكن إنتاجها محلياً، وفي نفس الوقت صادرات نحن نستوردها كي تزيد حصيلتنا من العملات الصعبة، وتُوازَن المسألة بهذه الصورة، ونحن نعمل في هذا الموضوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.