مع اقتراب اليوم الثاني عشر من اكتوبر القادم يكون السودان على موعد مع جدل التجديد السنوي للعقوبات الأمريكية أو عدمه، بعد القرار الأخير بالرفع الجزئي، ويحتدم النقاش والحوار مابين المؤيدين والمعارضين حول رفع العقوبات أوإبقاءها ، ما جعل من مواقع التواصل الاسفيرية مسرحا مفتوحا للجدال والنقاش بل منصة لتوجيه الاتهامات و»معمل» للخلط بين ما يخص حكومة «الانقاذ» ودولة السودان، النقاش المحتدم خيمت عليه تظاهرات متعاكسة شهدتها مدن امريكية لكن يبقي السؤال .. اذا ما نجح هذا الطرف او ذلك هل تحل مشاكل السودان، بمعني هل رفع العقوبات يحسن من وضع الاقتصاد في السودان، ام التفات الشعب الي ثرواته الطبيعية وتحويلها بالانتاج والعمل الي واقع معاش ، وفي حال عدم الرفع هل ستسقط حكومة «الانقاذ» بعد 15 عاما من استمرار العقوبات، ام ان يجتهد السودانيون في البحث عن طريق سلمي ثالث للتحول عبر حكومة تكنوقراط تطبق معايير الحكم الديمقراطي العادل الملزم بكل الحقوق والواحبات بعيدا عن عصا وجذرة الولاياتالمتحدة... اذن هل من سبيل الي طريق ثالث .. هذه ملامح النقاش الحاد الذي جعل من التوصل الاسفيري مسرحا لها وما يزال. الحل في الحكومة التكنوقراطية بعيداً عن الأتهامات، هناك من يعتقد أن رفع العقوبات عن البلاد سوف يؤدي الى الرخاء ورفع المعاناة، وهناك من الأحزاب المعارضة من يرى أن رفع العقوبات الآن سوف يفيد النظام الحاكم فقط، يقول مازن سعد على صفحته بالفيس بوك: أنا احترم الآراء المتباينة دون المساس بأشخاص أو اتهامات، وعليه أعرض وجهة نظري للنقاش والحوار ضمن هذا السياق، وقال أن رفع العقوبات عن السودان يعني دخول ثالوث الخراب الى السودان بثقله متمثلاً في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، مما يعني توفيرهم للقروض المشروطة القصيرة والطويلة الأجل، ودخول الشركات الأجنبية للسوق السوداني. وهذا (الثالوث) برأيه يمكنه أن يسيطر بسهولة على الاقتصاد في ظل الحكومة الحالية التي لا تعمل بنظام الإدارة الممنهجة لنهضة البلاد، خاصة مع تفشي الفساد والهدر الكبير للأموال. وتطرق مازن الى أن هذه القروض سوف تثقل كاهل الدولة أكثر مما هو مسحوق بسبب الشروط التي سوف يتم وضعها من قبل هذه المنظمات ونتائجها عبر تطبيق سياسة تعويم الجنيه ورفع الدعم وتشجيع السوق الحر، مما يعني دخول شركات الاستثمار الأجنبي بكل قوتها وجبروتها وعلى شروطها في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، وضعف الإنتاج لن تستطيع الشركات ولا المنتجات المحلية المنافسة، مما يؤدي الى خراب بيوت الكثيرين، وتلجأ الدولة الى بيع الكثير من الأصول والى سياسة الخصخصة الإجبارية للمؤسسات لتسديد الديون. ويضيف: هذه منهجية المنظمات التي تتم السيطرة عليها من خلال دول الطليعة في الأممالمتحدة، وأن هذه النماذج كتيرة للدول التي قبلت بالقروض، وتقبل سياسة السوق الحر والآن تعيش في ضائقة اقتصادية كبيرة مثل اليونان ومصر. ويرى مازن أن الحل في أن يسبق أو يزامن رفع العقوبات تشكيل حكومة تكنوقراطية للاعتماد على الكفاءات والكوادر المؤهلة داخل وخارج البلاد، ووضع خطة استراتيجية بأهداف واضحة ومحددة، ومنها مشاريع داعمة لهذه الخطط بإدارة احترافية وتنفيذ ومتابعة ومحاسبة ورقابة من قبل البرلمان على أن يكون هناك تكاتف بعيداً عن القبلية والعنصرية، وتمكين دولة المؤسسات وفصل السلطات والاستفادة من النموذج التركي والماليزي وغيرهم في النهضة، على الرغم من اعتمادهم على هذه القروض، وإلا فهذه قد تكون النهاية الأليمة وسوف نعيش نحن والأجيال القادمة في سلاسل العبودية والاستعمار الاقتصادي. وجهة النظر الأخرى: المعارضون لرفع العقوبات الذين طرحوا أفكارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يرون أن وجهة نظرهم عقلانية ومنطقية وهي لمصلحة الوطن والشعب، وهم لا يفكرون في مصلحة الحكومة؛ لأنهم يرون في الحكومة بعيدة عن هموم الشعب، يقول أحد المغردين، الذين ينادون برفع هذه العقوبات لم يتعرضوا لانتهاكات حقيقية تقع من قبل الحكومة، لذلك أن مشكلتهم وقضيتهم في المقام الأول تتعلق بتوفير الكماليات الحياتية من استيراد التكنولوجيا والألعاب والتحويلات المالية وهم بالضرورة لا يعنيهم ما يجري في الأقاليم الواقعة تحت رحمة الحروب التي استنزفت موارد البلاد، بما فيها مدخرات البترول التي تجاوزت ال63 مليار دولار خلال عقد والنصف السالف، والتي اختفت من الحسابات الرسمية للدولة. وزاد: من حق الفئة المنادية برفع العقوبات أن تعبر عن آرائها رغم أنهم يخلطون الأمور ويغالطون بضراوة لكي ترفع هذه العقوبات، وهم لا يتحدثون عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى فرض العقوبات من الأساس، إذن منطقياً ليس من حقهم وصف الناس الرافضين بالعمالة والاسترزاق لدى القوى الصهيونية الإمبريالية- كما يصفونها. ويرون أن المؤيدين لرفع العقوبات يسوقون مراوغة غير أخلاقية من خلال الدق على جرس الوضع الاقتصادي الكارثي، وهو وضع مؤلم، ولكن هنالك أرواح تعاني يومياً في مناطق النزاعات والحروب وليس من الأخلاق في شيء أنهم يدعون معاناتهم اقتصادياً وفي نفس الوقت لا يريدون الحديث عن السبب الأول الذي أفضى الى هذه المعاناة، ولا يرون أهمية لقضايا مثل الحرية والعدالة وحقوق الإنسان وهي تأتي في آخر سلم اهتماماتهم. ويقول متابعون من المعارضة، إن الحكومة تستغل هذه العقوبات وهذا العداء مع الولاياتالمتحدة، في صناعة مجد مُتَوَهم على حساب مصالح الشعب السوداني، من خلال خطابات شعبوية لا أكثر، لا تحرك من الواقع شيئاً سوى تعليق فشل النظام على شماعة الغرب، بينما يرى محللون سياسيون أنه كلما حققت الخرطوم شروط الولاياتالمتحدة في جانب من أجل رفع العقوبات الاقتصادية تنصلت الولاياتالمتحدة من وعودها بدعاوى من الجانب الآخر، واعتبروا أن هذا نوعاً من التخبط من سياسة أمريكا تجاه قضية السودان، وتلويح بالجذرة مرة وبالعصا أكثر من مرة .