وصف الكثير من الخبراء والمهتمين بالشأن العدلي والقانوني بالسودان ، التعديل الدستوري الذي تم في ديسمبر2016 إنفاذاً لبرنامج إصلاح الدولة وتوصيات مؤتمر الحوار الوطني، والذي قضى بإنشاء النيابة العامة كسلطة مستقلة عن وزارة العدل تتولى تمثيل الدولة والمجتمع في الادعاء العام والتقاضي في المسائل الجنائية ، بأنه تطور دستوري هام في السودان ،عطفا على ان التعديل الدستوري اتاح للنائب العام لجمهورية السودان، الأشراف القانوني على الأجهزة العدلية المساعدة وإتخاذ إجراءات ما قبل المحاكمة. تطور دستوري هام وفى ذات الاتجاه ،تضمن قانون النيابة العامة لسنة 2017 مبادئ الاممالمتحدة التوجيهية التي تؤمن على مبادئ الشفافية والنزاهة والاستقلالية، وأهمية أن يؤدي أعضاء النيابة العامة وظائفهم دون تحيز أو محاباة. وإيلاء الأهتمام الواجب لقضايا مكافحة الفساد، والجريمة المنظمة عبر الوطنية وكفالة حقوق الأنسان. وحتى كلمة النائب العام لجمهورية السودان مولاناعمر أحمد محمد في خطابه أمام الدورة السابعة لمؤتمر الدول الأطراف في إتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد بالعاصمة النمساوية «فيينا» في الفترة من «6 10» نوفمبر الجاري،مضت فى ذات المسعى وهى تشير الى أن التعديل الدستوري أتاح للنيابة العامة أن تكون ضمن الاَليات الوطنية الأساسية في مجال مكافحة الفساد كجهاز عدلي مستقل دون تدخل أو تأثير من أية جهة ويتمتع بالحياد اللازم في ممارسة إختصاصاته. قانون النيابة لسنة 2017 منح النائب العام سلطة تلقي وأخذ إقرارات الذمة وفقاً للقانون. كما نص القانون على تعزيز التعاون الدولي للنيابة العامة مع الدول والمنظمات الدولية والاقليمية ذات الصلة بالعدالة الجنائية. حزمة قوانين لمكافحة الفساد وكان مولانا عمر قد أكد في خطابه أمام المؤتمر ،أن تعزيز الإطار القانوني لمكافحة الفساد يشكل إحدى أولويات الدولة، وذلك عبر تحديد أوجه القصور التي يجب تداركها ومعالجتها، وإلاستفادة من أفضل الممارسات بشأن مكافحة الفساد عبر الإصلاحات والتعديلات التشريعية. ونبه عمر إلي أن السلطات بذلت في هذا الصدد جهوداً عديدة وذلك بإصدار القوانين التي تسهم في مجال مكافحة الفساد ،حيث سبقت ذلك إنضمام السودان لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد ،مشيرا الى ان من بين تلك القوانين، قانون الاجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007، وقانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض لسنة 2010، بهدف ضمان نظم مشتريات تقوم على الشفافية والتنافس وعلى معايير موضوعية عامة ومجردة، يسندها نظام مراجعة داخلي فعَّال. واكد النائب العام ان تلك الجهود شملت الجوانب الإدارية والمالية «من أجل سد جميع الثغرات والعيوب المحتملة التي تؤدي إلى أعمال الفساد،ولم يتوقف العمل علي إصدار قوانين جديدة فقط وإنما جري تنقيح بعض القوانين لكي تتواءم مع الإتفاقيات والمعايير الدولية». ومضى الى انه تم إصدار تشريعات جديدة عقب الإنضمام لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد ،مشيرا الى قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لسنة 2014، قانون ديوان المراجعة القومي لسنة 2015 لرقابة الاداء المالي لاجهزة الدولة والتي قال انها تشمل تحصيل الإيرادات والإنفاق وفقاً للموازنات المصادق عليها من الأجهزة التشريعية القومية والولائية. وقال عمر : في ذات الإطار تم إصدار قانون المفوضية القومية للشفافية والاستقامة ومكافحة الفساد لسنة 2016 بسلطات وصلاحيات للمفوضية التي تنشأ وفق القانون المذكور وهي تعد خطوة هامة في جهود مكافحة الفساد وستعزز التنسيق المؤسسي الداخلي. الفساد عامل سلبي ويري النائب العام أن الفساد عامل سلبي يعيق حسن سير الأداء العام والخاص ويحدث أضراراً بالغةً بالقدرة على الارتقاء بالمجتمعات ويقوض المؤسسات الديمقراطية ويهدم قيم العدالة ،وقال : ان السودان أدرك منذ عهود مضت ما يقود اليه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها، وتعريض التنمية المستدامة وسيادة حكم القانون فيها للخطر، كما يضعف الفساد الهياكل الادارية للدولة ويولّد آثاراً سلبية على الجميع حتى على الأشخاص الذين يمارسونه. كاشفاً عن تبني السلطات السودانية لسياسات وطنية فعالة لمكافحة الفساد عمادها الرقابة والمساءلة والشفافية وذلك عبر الإستفادة من الخبرات وأفضل الممارسات في المجالات الرئيسية الخمسة لإتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد ، المتمثلة في التدابير الوقائية، والتجريم وإنفاذ القانون، والتعاون الدولي، وإسترداد الأصول، والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات. الحكومة : لا حياد مع الفساد مشاركة السودان في الدورة السابعة لمؤتمر الدول الأطراف في إتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد،تؤكد أن الدولة تعتبر مكافحة الفساد يمثل لها هدفاً لا حياد عنه، وليس خافياً أن السودان لديه مساهماته ومشاركاته الفاعلة على الصعيدين الدولي والإقليمي، حيث إنضم السودان إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد عام 2012 ووقع على إتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومكافحته. وفي مجال التدريب ورفع القدرات في مكافحة الفساد ، فقد إنضم السودان لإتفاقية إنشاء الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد عام 2016 ، وشاركت الحكومة السودانية في إجتماعات مؤتمر الدول الأطراف والذي عقد مؤخراً بشرم الشيخ بجمهورية مصر العربية. وتأمل السلطات السودانية في الإستفادة من فرص التدريب المتاحة لدى الأكاديمية لتعزيز القدرات الوطنية وتبادل الخبرات لمكافحة الفساد. وفي إطارالمواءمة بين التشريعات السودانية والمعاهدات الدولية لمكافحة الفساد سعت الحكومة السودانية لتطوير استراتيجية وطنية لتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة، ترمي الى التنفيذ الأمثل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والإتفاقيات الأخرى ذات الصلة كإطار لتطوير تلك الاستراتيجية وربطها بإنفاذ التشريعات الوطنية، مع إيلاء اهتمام خاص للتدابير الوقائية في كل من القطاعين العام والخاص. حيث قام السودان بتجريم كافة أعمال الفساد الواردة في إتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد بما في ذلك تعديل تعريف جريمة الرشوة لتشمل الموظف بالقطاع العام والقطاع الخاص والموظف بالمؤسسة الدولية العمومية. وتم التأكيد على ذلك من خلال تقرير التقييم المشترك للسودان في مجال مكافحة نظام غسل الأموال وتمويل الارهاب من قبل مجموعة العمل الدولية «FATF» ومجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ««MENA FATF مما نتج عنه تصنيف السودان كدولة ذات نظام فعال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الأرهاب. مما ينهض دليلاً لتأكيد جهود السودان لمكافحة الفساد. تعاون دولي بنَّاء وكان وفد السودان المشارك في المؤتمر قد أكد تطلعه للإنخراط مع الجهات المعنية في حوار بناء، وتعاون منشود إيمانا بأن لكل مشاركة ورأي قيمة مضافة، تؤدي في اخر المطاف الى تكامل الأدوار، وتناغمها، وصولا لمكافحة الفساد بشتى صوره.ودعا الوفد إلي التعاون الدولي البنَّاء الرامي لمكافحة الفساد ، ورغبة السودان الصادقة في التعاون بشأن المجالات الرئيسية الخمسة لإتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد من أجل مكافحة الفساد في شتى صوره وتجاوز التحديات، وتذليل ما يستجد من صعاب، وصولاً للغاية المرجوة من هذا الاتفاقية. ومعروف أن السودان قد وقع عدداً من الإتفاقيات الثنائية لتعزيز التعاون الدولي في المسائل الجنائية ذات الصلة بجرائم الفساد وبالجريمة المنظمة عبر الوطنية. كما كان للسودان تعاون معتبر مع البنك الدولي وذلك بهدف ترقية الأداء المالي في تطوير وثائق وأدلة عمليه لتنظيم المشتريات الحكومية.