مازالت السُلطات تواصل حملاتها ضد بعض الشركات وأسماء الأعمال (الرسمية والوهمية) المتلاعبين بأموال خصصها بنك السودان المركزي من عائدات الصادر لاستيراد الأدوية البشرية، ومن أجل الحفاظ على اقتصاد البلاد القومي دفعت نيابة أمن الدولة ببلاغين آخرين لمحكمة الفساد، التي بدأت أمس في فتح محضر الدعوى برئاسة القاضي فهمي عبد الله، ضد صاحب شركتين اتهم بالاستيلاء على حصة الدواء، وبناءً على سعر الصرف في العام 2017 بلغت قيمة الدعوى 23,295,454 مليون جنيه سوداني، المتهم دفع بوزير العدل الأسبق عبد الباسط سبدرات، دفاعا له أمام القضاء بيد أنه تغيب عن الجلسة لظروف مرضية . طلبات مرفوضة بدأت الجلسة بطلبات متتالية من ممثل سبدرات أستاذة ناهد للدفاع عن المتهم، قابل باعتراض من ممثل الاتهام ورفض من المحكمة، حيث تقدم الدفاع بطلبه الأول التمس فيه تأجيل الجلسة لحين مثول المستشار سبدرات موكلا للمتهم، إلا أن المحكمة رفضت الطلب بحجة وجود من يمثله، واردف الدفاع بطلبه الثاني التمس فيه إعادة الملف إلى النيابة وفقا لنص المادة 156 من قانون الإجراءات، موضحاً أن المتهم لم يخطر بتوجيه التهمة، ومنع من حقه في الاستئناف حول قرار النيابة، وأحيل الملف للمحكمة دون ممارسته حقه في ذلك وفقا للقانون والدستور، وجاء رد المحكمة بأن ما نادى به الدفاع مسار جدل بين مناصرين ومناهضين لكنه ترك لسُلطة المحكمة، وأضاف القاضي بأن الدفاع لو كان حريصا كان عليه تقديم طلبه في مراحل سابقة أجلت فيها الجلسات، ووصف القاضي محاولات الدفاع بالفاشلة وتعرقل سير الدعوى ووجه ببدء الإجراءات. تشديد العقوبة طالبت نيابة أمن الدولة، خلال إلقاء خطبة الإدعاء الافتتاحية التي تلاها أمام المحكمة رئيس هيئة الاتهام مولانا عبد الرحمن أحمد، بتشديد العقوبة على المتهم الماثل أمامها، التمست النيابة من المحكمة توقيع أشد العقوبات على المتهم حتى تكون ردعا له وعظة لكل من يعبث باقتصاد البلاد القومي وتحقيقا للعدالة، وأشارت الخطبة إلى أن المتهم تحصل على تحاويل مالية من النقد الأجنبي من حصائل الصادر لخارج البلاد، التي خصصها المنشور الصادر من بنك السودان المركزي لتنظيم ضوابط صارمة لضبط الصرف والحساب، ولفتت الخطبة إلى أن المتهم خالف القانون والمنشور مستغلا شركات لا تعمل في استيراد الأدوية وبشهادات مزورة، ولم يسترد أي سلع ولم يرد المبالغ محققا لنفسه كسبا غير مشروع، واحدث معضلة لدى البنك في تمويل الشركات المسجلة لدى المجلس القومي للأدوية والسموم، مما نتج عنه ندرة في الأدوية البشرية. أصل الدعوى كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة عن أصل الدعوى، وقال وكيل النيابة محمود عبد الباقي محمود، عند فتحه لمحضر الاتهام بأنه بموجب قرار من وزير العدل شكلت لجنة مكونة من شخصه يترأسها فتح الرحمن سعيد، وعضوية عبد الرحمن أحمد، لتتولى التحري حول عائدات الصادر من تمويل الأدوية في هذا البلاغ، وبموجب تفويض من بنك السودان للشاكي في الدعوى لمباشرة إجراءات البلاغ ضد شركتي المتهم اللتين يملكهما ويديرهما، وتحصلتا على تحاويل مالية للنقد الأجنبي من حساب حصائل الصادر المخصص للأدوية البشرية وذلك بالسعر الرسمي بإجمالي 5,733,560 ملايين درهم إماراتي من بنك الشمال الإسلامي، وبموجب توصيات لم تصدر من المجلس القومي للأدوية والسموم وتتعلق باستيراد أدوية بشرية وأخرى مستلزمات ومعدات طبية. مخالفات المتهم أشار المتحري إلى أن المتهم لم يسترد أي من السلع رغم إحضاره لمستندات الشحن التي تتمثل في الفاتورة النهائية وبوليصة الشحن، ورغم استلامه استمارة الاستيراد لكل عمليات التحويل التي تم التصديق لها ولم يقم بتقديمها لشرطة الجمارك، حيث ظهر ذلك في نظام الصادر والوارد وهو نظام الكتروني يضم مصرفي السودان والتجاري وشرطة الجمارك، ووجه البنك المركزي بنك الشمال بمخاطبة العميل (المتهم) لإحضار المستندات لكنه فشل وحظره المركزي حظرا مصرفيا شاملا من التعامل المصرفي لحين إحضار شهادة وارد الجمارك، وقام البنك بتحويل المبالغ موضوع الدعوى إلى خارج السودان للمستفيد صاحب شركتين أخرتين لصالح المتهم وبأمره لا تعمل في مجال الدواء وغير مسجلة بمجلس السموم، واستلم المتهم المبالغ المحولة له من الخارج بالعُملة المحلية بتوجيه هاتفي من المستفيد المتواجد الخارج البلاد. مستندات اتهام أودع المتحري حزمة من المستندات لتعضيد قضية الاتهام تمت تجزئتها إلى 12 مستندا، تمثلت في إفادة من بنك السودان المركزي بعد مخاطبته حول المبلغ الذي دفعه المتهم للبنك بموجب تسوية، وجاءت إفادته بأن المبلغ 1,720,68 مليون درهم إماراتي، أوضح المتحري بأن المتهم قدم توصيات صادرة من مجلس الأدوية والسموم باسم إحدى شركات المتهم ، ودفع بمستندات تضم 21 توصية لعمليات قام بها المتهم ، اعترض عليها ممثل الدفاع بأنها لم تقدمها، إلا أن الاتهام أكد بأنه قدمها مرفقة مع الطلب المقدم للبنك حول المبالغ المطلوب تحويلها لصالحه مرفق معها فواتير مبدئية ونهائية وبوليصة شحن غير مستوفية للشرط، بجانب تقديم سويفتات لتحاويل صادرة من بنك الشمال ، تبين المبالغ المحولة لصالح المتهم لبنك أبوظبي واعترض المتهم عبر موكله على المستندات نافيا علاقته بها، فيما رد ممثل الاتهام بأنها مستندات بنكية ولديهم ما يؤكد علاقة المتهم بها ، ولفت المتحري إلى مخاطبته لمجلس الأدوية والسموم حول صحة توصيات قدمها المتهم وجاءت الإفادة بأنها غير صادرة منه ، بجانب مخاطبة لبنك الشمال للإفادة حول ملفات تحاويل المتهم وأفاد بوجود مخالفة بكل ملفات المتهم، وأضاف المتحري بأنه خاطب التسجيلات التجارية وأفادت بأن الشركتين تخصان المتهم. الاتهام والإفراج وبعد اكتمال التحريات ومن خلال أقوال الشاكي وشهود الاتهام والمستندات، واقوال المتهم نفسه قدمت نيابة أمن الدولة المتهم للمحاكمة بمخالفة المواد 123/178 من القانون الجنائي المتعلقة بالتزوير والاحتيال، بالإضافة لمخالفة قانون التعامل بالنقد الأجنبي ولائحة التعامل بالنقد الأجنبي سدد المتهم من قيمة الدعوى لبنك الشمال 9,865,815 ملايين جنيه، و أفرج عن المتهم بعد أن تقدم برهن عقار بوسط الخرطوم قيمته 5 مليارات اقل من مبلغ التسوية وأنه استكتب تعهدا لسداد بقية المبلغ. وإن جملة مبلغ التسوية 6,988,636 ملايين جنيه.