الضيف المتأخر على مسؤولية الزوجة عُرف عن أهلنا السودانيين أنهم شعب مضياف، وربما يتفوق بعضهم على حاتم الطائي نفسه، كما يمكنك إكرام الضيف بالموجود.. الجود بالموجود.. ولكن على الضيف مراعاة آداب الزيارة.. ويقع همّ مسؤولية ضيف يأتي متاخرًا على عاتق الزوجة، مثل ذلك الضيف الذي قَدم من البلد وطرق باب قريبه في المدينة، وكان الوقت متأخرًا، وقد تعشت الأسرة وأوت إلى فراشها، فاستقبله الزوج وبعد «حق الله.. بق الله» عبارة تعني السلام والمطايبة، طلب الزوج من زوجته أن تدبر عشاء للضيف فقامت الزوجة، «تكابس» في المطبخ، وبعد مدة من الزمن نادت زوجها وأعطته طبقًا به بيضتين مسلوقتين، وكوبًا من الحليب، ولكن الضيف أزاحهما جانبًا معتذرًا بأنها «ستحميهو» العشاء، عندها.. عاد الزوج بالطبق وهمس لزوجته: ما جاتك راحة.. قومي ولعي الدوكة وعوسي! فرجعت زوجته إلى المطبخ وهي تهمهم غاضبة والنعاس يأخذ بتلابيبها: دا كلو من الراجل دا جنو يمشي البلد! مع تعقيدات الحياة، وشح الوقت، يظل مجئ ضيف دون مواعيد مشكلة، ويمثل هرجلة وبرجلة وودار يوم، خاصة إذا كانت الزوجة موظفة، فيأتي على غفلة دقشة ضيوف دون موعد مسبق، رغم أنهم عن بكرة أبيهم، وأبي أبيهم يحملون موبايلات، فتضطر الزوجة الموظفة إلى افراغ الثلاجة من طبخها الأسبوعي، بعد ذلك «يحلها الحلا بلة». وبينما «ينجعص» الزوج في الصالون مع الضيف الفجائي ولا على باله، تكون الزوجة متحيرة، تضرب أخماسها في أسداسها وتكلم نفسها: هسة دا يأكلو شنو؟ ولا فائدة إطلاقًا من مناداة الزوج أوالاستعانة به ولو بمجرد اقتراح، لأنه سوف يأتي ودهشة الدنيا في عينيه ويقول باستغراب: منادياني لشنو؟ اتصرفي شوفي تلاجتك دي!! ولما كانت الزوجة لا تملك مصباح علاء الدين السحري، كما أنها لا تريد إرباك جارتها أو إحراجها، فسوف تتصرف وذلك بعدة حلول: «طمبجة» حبيبة الملاح المتبقي في الحلة من الغداء بالماء، مع إضافة بعض البهار، وإذا كان الغداء ويكة مثلاً فذلك من حسن حظها إذ أن ملاح الويكة يسهل«كربه» بإضافة قليل من الويكة. البحث في الفريزر عن باقة مجمدة ووضعها على النار، ومن ثم ستتضح ملامح الملاح.. قرع.. بامية.. كوسة، مع ملاحظة أن بعض الملحات تحتاج أن تؤكل بالكسرة مشكلة جديدة كمان. «تصهين» الزوجة أو تخرج منزعجة بحجة أن الحِلة فيها بكاء، وفي هذه الحالة، على الزوج أن يستعيض مع الضيف بالونسة بدلاً من الغداء، ويتبسّم في وجهه، و«يقرّن» له الحكاوي والكلامات فربما ينعس الضيف أو ترجع الزوجة، ألم تسمع ببيت الشعر: بشاشة وجه الضيف خير من الِقرى فكيف إذا جاء الِقرى وهو ضاحك.