(إِن يَنصُرْكُمُ اللّه فَلاَ غَالبَ لَكُمْ وإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذّا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّه فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ).. سورة آل عمران الآية «160». ما زالت قضايا المهجرين بسدي أعالي عطبرة وسيتيت لا تبارح مكانها بل تزداد يوماً بعد يوم، وتعنّت وحدة تنفيذ السدود يزيد من تفاقم المشكلات، وبدأت شكوك الناس تتبدى حقيقة ماثلة بينهم؛ لأن الإدارة لا تبالي ولا تكترث؛ لأنها تخطِّط لتنفيذ المشروع بأقلّ تكاليف حتى لو كان ذلك على جثث المتأثرين الذين يعيشون الآن في رحم المعاناة في القرى المتاخمة للسد في كاراي وكازرو وطردونا والمنيرة والصوفي البشير وكاترجي التي عانت كثيراً من تردي البيئة بسبب الديناميت وتأثيراته على صحة الإنسان، حيث ظهرت في هذه القرى أمراض الجهاز التنفسي كداء الصدر والأزمات وسقوط الأجنة وطُرحت المشكلة عدة مرات على المسؤولين في كل المستويات دون جدوى وكان من المفترض أن تهجر هذه القرى مؤقتاً حفاظاً على آدمية أهلها. أيضاً هناك إشكالات كثيرة تعترض خطوات تنفيذ المشروع بعد نشر الكشوفات التي تمثل بداية التعويض الفعلي للمهجرين، ولكن تفاجأ الناس بسقوط أسماء كثيرة في قوائم الكشوفات خصوصاً الملاحق التي رقمتها لجنة الحصر كمعالجات بعد زيارة المنازل والتي غابت تماماً عن الكشوفات مما يفرض تساؤلاً: لماذا الملاحق بالتحديد؟، وجاءت لجنة الاستئناف المحلية لتُعالج مشكلة السواقط والزيجات التي تمت عقب الحصر فقط دون النظر للمشكلات الأخرى التي تتمثّل في الذين فاتهم البحث ولم يحضروا لعدم وجودهم بالمنطقة أثناء عمليات الحصر لأسباب مقنعة ولم تتيسَّر لهم مقابلة وكيل النيابة للاستئناف الشيء الذي أفقدهم حقهم في مقابلة لجنة المستشارين ويبحثون حلاً الآن لهذه المعضلة فيجب منحهم فرصة لعرض مشكلاتهم بصورة أوضح وأن لا نتعامل معهم بمعايير الخطط الإسكانية؛ لأنهم مهجرون ولهم ارتباط تاريخي بالمنطقة يكفل لهم الحق رغم عدم إقامتهم الدائمة التي فرضتها ظروف العمل والتعليم والصحة وهذا لا ينفي حقهم في التعويض؛ لأن من حق أية حكومة أن تنزع الأرض للمنفعة العامة ولكن عليها أن تلتزم بدفع التعويض لصاحب الأرض، والآن المنطقة تمر بمتغيرات اجتماعية واقتصادية وتقنية كبيرة وتشهد قيام أكبر مشروع تنموي في السودان إلا أن هذه التغييرات يخشى أن تصاحبها بعض السلبيات خصوصاً للمهجرين الذين يجب أن يُعطوا الأولوية في الاستفادة من قيام المشروع وهم الآن يتخوّفون من مستقبل حياتهم وطالما هدف المشروع تنمية المجتمع يجب أن يشمل المشروع الزراعي بولاية كسلا كل المتأثرين والمهجرين دون تمييز بحيث تتم الاستفادة للمتأثرين أولاً لتطبيق العدالة الاجتماعية ومراعاة التوازن في توزيع الثروة لتحقيق الاستقرار بالمنطقة عامة وتأمين مستقبل المتضرّرين من قيام المشروع؛ لأن الإنسان هو هدف التنمية ويجب منحهم وضعاً أفضل من الذي كانوا عليه من باب التحفيز والتشجيع لمجابهة حياة جديدة لم يألفوها ولإزالة العوامل النفسية والخوف من المستقبل. تطرّقنا في مقالات سابقة للمشكلات التي لا تجد طريقها للحلول حتى كتابة هذه السطور ونحن نهدف لرعاية مصالح الناس ونريد من السلطات أن تقف بجانب المواطن في هذه المنطقة التي تمر بظروف بالغة التعقيد، إضافة للموسم الزراعي الفاشل مما يتطلّب من الدولة أن تنفذ بند المسؤولية الاجتماعية على الشركات العاملة بالسد المتمثل في تقديم خدمات الصحة والتعليم والمياه، بجانب تشغيل أبناء المنطقة المتأثرة علماً أن المنطقة تتمتّع بكوادر لا تنقصها الخبرات ولم تسند لها أي مهام في هذا المشروع لتقدِّم لأهلها وللوطن عملاً نافعاً، ونحن طالبنا كثيراً باستيعاب العمالة المحلية أسوة بالعمالة الوافدة دون تغيير يُذكر، ونحن في عهد الجمهورية الثانية نأمل أن توضع الأمور في نصابها وأن تُردّ الحقوق لأهلها إذ ما زالت النذر المخيفة والاستياء أحاسيس تنتاب المجتمعات بالمنطقة.