معلوم أن عملية التنمية عملية معقدة خاصة تنمية المجتمعات والأفراد فهي عملية تغير تدريجي وتسير ببطء كبير رغم كل المجهودات التي تبذلها الدولة في هذا المجال إلا أن الأمر يتطلب الكثير من الصبر كما أن لطبيعة المجتمعات عظيم الأثر في درجة وسرعة التغير فنجد أن المجتمعات القروية والرعوية أقل قبولاً لكل شكل من أشكال التنمية والتطوير مقارنة بالمجتمعات المدنية والزراعية، ولعل هذا ما يجعل الأمر في الولاياتالشرقية على وجه العموم وولاية كسلا على الخصوص كما أن التنمية لم تطرق بابها قد رغم ما بُذل من حكومة الولاية، ولعل هذا ما برز جليًا في الاحتفال الذي نظمته محلية ريفي كسلا وذلك بمناسبة تدشين العمل بمشروع المنطقة الحرة والمنطقة الصناعية بقرية عواض الماريا والممول من دولة قطر والتي شرفت الاحتفال بوفد رفيع برئاسة أحمد الزويدي بحضور والي كسلا محمد يوسف آدم وأعضاء حكومته ووسط حضور كبير من تنفيذيين وتشريعيين وقادة الأجهزة الأمنية والشرطية بالولاية. ولتأكيد صحة ما ذهبنا إليه في مقدمة الحديث فقد بدأ الاحتفال بمشادّة كلامية كادت تتصاعد وتيرتها إلى أزمة كبرى وذلك على خلفية أن قرية عد سيدنا وهي إحدى القرى المجاورة للقرية المقام عليها الاحتفال والمشاركة فيه لم تجد لها لافتة تحمل اسمها ضمن اللافتات المعلقة بالترحيب بمقدم الوفد الزائر وحتى أنها لم يورد اسمها في أي من اللافتات البارزة بموقع الاحتفال وهي قرية تقطنها قبيلة بعينها فبدأ الأمر بمشادة كلامية ما إن تنامى حتى ثارت ثائرة أفراد تلك القبيلة وهمّت بالانسحاب من الاحتفال لولا تدخل عقلاء المنطقة وتم احتواء الأمر بكتابة «عد سيدنا». ولعل هذا جزء من إشكالات وتعقيدات كبرى تقعد بعجلة التنمية وكل منظومة تعمد إلى إبراز مكانتها وقوتها ومنعتها دون النظر إلى النتائج الكلية والمحصلة النهائية للمشروعات التنموية ومما يعكس حاجة تلك المجتمعات للكثير والكثير حتى تتمكن من قبول البرامج والمشروعات التي ستعود عليهم بالنفع وتسهم في تنميتهم وتنمية مناطقهم وتعمل على تغيير نمط حياتهم فمازال الحديث محتدمًا عن اختيار موقع مشروع المنطقة الحرة والمنطقة الصناعية فهنالك مجمعات سكانية من مواطني منطقة اللفة وما جاورها من مناطق ترى أنها كانت أحق بهذا المشروع، فالطريق القاري والذي تم إنشاؤه مؤخرًا هنالك مؤكدين أن المشروع كان مقترحة إقامته بقريتهم متهمين شخصيات نافذة تنتسب للمنطقة التي أقيم عليها المشروع حاليًا وراء تحويل وجهة المشروع مبينين العديد من المسوغات الاقتصادية والجغرافية التي تجعل مناطقهم أحق بالمشروع فهم على الطريق القاري الذي يربط السودان بالجارة إريتريا وهو الطريق المتعارف عليه للقاصدين إريتريا كما أن قرب الموقع المقترح سابقًا من مطار كسلا يعطي بعدًا اقتصاديًا وإستراتيجيًا لقريتهم اللفة، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول الجدوى الاقتصادية للمشروع في موقعه الحالي، وهل سيسهم في تغيير نمط حياة سكان المنطقة.