الأمثال المحلية مؤشر لا يخطئ على نوع الثقافة التي تسود وهي وليدة تجارب حقيقية وقد قالها أصحاب لسان ذرب فلاقت استحساناً شعبياً واسعاً، وبذا صارت تستخدم حينما تدعو لها الحاجة.....كتب الكثيرون عن الأمثال السودانية منهم الشيخ بابكر بدري والباحث صلاح عمر الصادق والأستاذ أحمد إسماعيل البيلي وربما آخرون فات عليّ ذكرهم.. هناك مثل يقول: «إن صحت التجارة المرة والحمارة وإن ما صحت التجارة كفاني الحمارة» وهو دلالة عميقة على «السلبطة» وإساءة استخدام أفضال الناس وإليكم القصة: «قيل إن أعمى كان يسير وحده في طريق خلوي طويل فمر به رجل وزوجته وهما يركبان على حمارة، فأشفق الرجل على الأعمى وقال لزوجته: لماذا لا نأخذ هذا الرجل الكفيف معنا ثم نتبادل الركوب على الحمار واحدًا تلو الآخر سيما وأنه رجل معذور والطريق طويل والطقس ساخن جدا ؟؟؟ اعترضت المرأة على هذا الاقتراح رقم إنسانيته لكن زوجها و«كالعادة» لم يلتفت إليها عملاً بمبدأ «شاوروهن و خالفوهن» نفذ اقتراحه وصاروا يتناوبون الركوب على الحمار والأعمى يلهج لسانه بالامتنان والتقدير على أريحية هذين الزوجين... عندما دخلوا أول مدينة قال زوج المرأة للأعمى: ها نحن قد وصلنا إلى ما نقصد ومن هنا نستودعك الله وبالتأكيد ستجد من يقدم لك المساعدة حتى تصل إلى حيث تريد... ما إن سمع الأعمى هذا الكلام حتى أمسك برقبة الحمارة وطفق يصيح: ألحقوني يا أهل المروءة ....أنقذوني!، لما سمع الناس هذا الصياح وهذه الاستغاثة هبوا إليه واستفسروه مالك يا زول؟؟ قال الأعمى: هذه حمارتي وهذه زوجتي وقد وجدت هذا الرجل ماشياً فأحسنت إليه بأن يتناوب معنا ركوب الحمارة حتى وصلنا هنا وها هو يدعي ملكية الحمارة والزوجة كمان شفتو الحقارة دي؟؟؟ كما أنه ما كان يجرؤ على فعلته هذه لولا جمال وأدب زوجتي.... حسبي الله ونعم الوكيل!!!! أحضر الناس الشرطة لفض هذا النزاع فاقتادتهم إلى المخفر حيث أشار الضابط بحبس كل واحد منهم على انفراد وأمر عساكره بالاستماع خلسة إلى ما يقوله كل منهم في حراسته، كان زوج المرأة يردد « لقد تغير هذا الزمان وأهله.... هل هذا جزاء الإحسان.... لعنة الله على هذا الكفيف المحتال» وسمعوا المرأة تقول :«لقد نصحته بألا يقف لأحد مهما كان لكنه سفه نصيحتي واصطحب الأعمى الذي يريد أن ياخذني من زوجي وحمارتنا أيضاً ....هذا والله زمن المحن» أما الأعمى فكان يقول: « غايتو إن صحت التجارة المرة والحمارة وإن ما صحت كفاني الحمارة» فأمر الضابط بإطلاق سراح الزوج وزوجته وحبس الأعمى لتجنيه عليهما».... ماذا استلخصت من هذا المثل؟ سوف أحاول مساعدتك بطرح بعض الإجابات «كرم مني والله» وما عليك إلا أن تختار إحداها أو بعضها أو كلها هو أنا خسران حاجة؟؟؟ 1 / كل ذي عاهة جبّار؟ 2 / للنساء فراسة لا تخيب أبدًا لذا كانت على حق حينما اعترضت على اصطحاب زوجها للأعمى؟؟ 3/ هل استفاد الأعمى من مبدأ « والأذن تعشق قبل العين أحياناً» فسقط في هوى زوجة الرجل التي كانت تتحدث طول الطريق؟ 4 / هل لفضل الظهر نتائج عكسية أحياناً، بالذات في هذا الزمان؟