{ لست هنا بصدد الهجوم «الرخيص» على رئيس مجلس إدارة قناة العربية عبد الرحمن الراشد الذي ينتهج منذ أن كان بصحيفة الشرق الأوسط «التحريض ضد اقتصاد السودان، حيث كان يحرض المستثمرين ويكتب تحت عنوان «لا تزرعوا في السودان باعتبار أن النشاط الاستثماري لا يصلح فيه، ولمن يعرف السودان من خارجه فإن ثمانية أعشار مساحاته الخصبة بعيدة جداً من مناطق النزاعات في الغرب والجنوب، وهو لسعة مساحته يتمتع بعدة مناخات ولذلك إما أن يكون عبد الرحمن الراشد يهرف بما لا يعرف ولهذا لا يكون راشداً وإما أنه يقوم بدور ببغائي لصالح جهة معادية للعالم الإسلامي والوطن العربي تربطه معها علاقات مصالح شخصية ذاتية، ويبدو أن الراجح هو الاحتمال الثاني لأن حركة الاستثمار الخارجي في السودان لم تتوقف منذ عهد الرئيس السابق الراحل جعفر نميري، وحتى الآن، وهذا يدل على صلاح أجواء الاستثمار في السودان، مثل صلاحها في بريطانيا التي يستثمر فيها عبد الرحمن الراشد نفسه رغم مشكلة القضية الأسكتلندية. ولا يمكن أن يكون أمن بريطانيا أفضل من أمن السودان باعتبار أن الأولى تواجه نيات في الانتقام في مشاركتها في احتلال أفغانستان والعراق ويمكن أن تتفجر الأوضاع الأمنية فيها في أي منطقة ليست في الحسبان لكن مشكلات السودان الأمنية تبقى في مناطق حدودية معروفة، يمكن أن يمارس النشاط الاستثماري في غيرها من المناطق البعيدة جداً منها. إذن ليس في السودان مشكلة استثمار، وإنما هي إشاعة مكذوبة مكلّف بنشرها عبدالرحمن «غير» الراشد، وتبقى هي ضمن حرب اقتصادية موجهة ضد السودان بغض النظر عن حكومة الخرطوم، وحتى أثناء حكومة الصادق المهدي الديمقراطية المنتخبة زاد الدعم الأجنبي الأمريكي الصهيوني للمتمردين في إقليمجنوب السودان حينها، فاستهداف حكومة الخرطوم ليس كل الهدف وإنما جزء من الهدف كما كان الحال في العراق وأفغانستان، وإذا كان عبد الرحمن «غير» الراشد يشبّه البشير ببشّار الأسد، فإن الصادق المهدي في الثمانينيات لا يمكن تشبييهه بصدام حسين حينما كان وقتها حليفاً لواشنطن وقد كان الصادق المهدي «حاكماً وديعاً» كما هو معروف، وفي عهده كانت صديقات عبد الرحمن الراشد مثل واشنطن وتل أبيب تقدم الدعم لحركة التمرد لتحتل الكرمك وقيسان وكاجو كاجي، وإذا ظن هذا الراشد غير الراشد أن مشكلة السودان بالنسبة للقوى الأجنبية هي «البشير»، فقد كان من قبله «الصادق المهدي» الحاكم في النظام الديمقراطي الثالث، والذي يشارك ابنه حالياً في هذا النظام الديمقراطي الرابع، لكن السؤال الأهم هنا: لماذا لم تتحرك قوى المجتمع الدولي بقيادة واشنطن في العلن وتل أبيب في السّر تجاه حسم حمّامات الدماء في سوريا حتى الآن؟! هل الراشد غير الراشد مؤهل للإجابة عن هذا السؤال؟! هل يتنبّه إلى أن منطقة الجولان السورية من الراجح أن تكون قد أدخلت في صفقة سرية بين نظام البعث السوري وقوى أجنبية يستفيد منها بشار في استمرار حكمه رغم حمامات الدم اليومية ضد شعبه؟! المقارنة غريبة ومريبة وغير منطقية بين بشار والبشير.. بل لا تجوز المقارنة بين بشّار وصدام حسين لأن الأخير لم يدخل في صفقات سرية مع الكيان الصهيوني بل أطلق عليه الصواريخ التي تحمل اسم سيدنا الحسين بن علي وسيدنا العباس ابن عبد المطلب ولذلك كان التعجيل بإطاحته من خلال الجلبي والجعفري والمالكي والخوئي، وهل تدري إلى أي طائفة ينتمي هؤلاء؟! إنهم ينتمون إلى طائفة بشار الأسد في نطاقها الأوسع. وهم الذين استدعوا المؤامرة الصهيونية إلى العراق. وهاهي المؤامرة الصهيونية تفعل الأفاعيل ضد الشعب السوري من خلال أقلية طائفة حقيرة تافهة تحكم باسم حزب البعث. لكن هل يستطيع عبد الرحمن الراشد أن يحكي لنا ماذا فعل البشير بشعبه؟! لماذا خرج الشعب مضحيّاً بأرواحه في ليبيا وتونس ومصر وسوريا واليمن، ولم يخرج في السودان، تجاوباً مع الربيع العربي؟! نرجو مقالاً من الراشد عنوانه هذا السؤال.