سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خارطة الطريق «وما أشبه الليلة بالبارحة!!».. «1/3»..عبد الجليل ريفالا أُريد أن أتحدث عن السعي الإسرائيلي لتفتيت السودان ولا عن الذراع الإسرائيلية وهي الولايات المتحدة الأمريكية.. ولكن أُريد أن أتحدث عن الكليات في هذه الهجمة التي استهدفت السودان «هجليج» و
لا أُريد أن أتحدث عن السعي الإسرائيلي لتفتيت السودان ولا عن الذراع الإسرائيلية وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية.. ولكن أُريد أن أتحدث عن الكليات في هذه الهجمة التي استهدفت السودان «هجليج» وهي تمثل العروبة والإسلام وسنداً حقيقياً للقضية الفلسطينية، فالهجمة على الإسلام والمسلمين والتي تعتبر الصهيونية جزئية من هذه الكليات.. فقبل مجيء الإسلام كان الصراع بين المجوسية وتمثلها الدولة الساسانية والفرس في الشرق ويمثل الدولة الثانية الدولة البيزنطية في الغرب.. وعندما جاء الإسلام أصبح الصراع بين الشرق والغرب وهو صراع حضارات بين الإسلام والمسيحية واستمر هذا الصراع يعلو تارةً ويخبو تارةً أخرى إلى يومنا هذا.. لم يهدأ هذا الصراع ولم يتوقف وإن تعددت صوره وأشكاله في كل المراحل والأطوار المختلفة في تاريخ الإسلام بل احتلت المواجهة في أشد ضروبها عند الحملات الصليبية الثانية التي كان مسرحها الشرق في القرنين الثاني عشر والثالث عشر ونشاهد الآن ونحن في صدر الألفية الثالثة أن هنالك حملات صليبية يهودية ونصرانية أخطر مما كانت عليه ممثلة في الجانب الثقافي «الفضائيات» التي تنقل الحضارة الأوربية الماجنة والغزو الثقافي الذي يدمر الأخلاق والهدم الاجتماعي الذي يمثل الظاهرة الاجتماعية الهدّامة فأوربا كانت أمة متخلفة متوحشة قبل مجيء الإسلام، فتروي إحدى الروايات «كان الغربيون يأكلون لحوم موتاهم» ففي بريطانيا وايرلندا الجديدة كان جسد الميت عندهم وجبة عشاء لأسرته بل كان لحمه يباع في الأسواق وفي وايرلندا يباع بالكيلو».. وعندما جاءوا إلى الشرق تعلموا دفن الأموات من الإسلام فنقلوا ذلك إلى بلادهم وهذا الصراع القائم الآن والذي يأخذ صورًا متعددة ليس إلا صراعًا مباشراً.. ثم جاء عصر القوميات وهو يعني أن تبنى الدولة على أساس اللغة وعلى أساس الوجود في حيز جغرافي واحد وعندما جاء الصليبيون عملوا على تمزيق الأمة الإسلامية والعربية عقيدة وجغرافية.. لقد هزم الإسلام إمبراطوريتين في زمن وجيز لا يتعدى السنوات الخمس وهما الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية وبقية الدولة الإسلامية لمدى ثلاثة عشر قرناً.. فأما الآن مع اضمحلال وضعف الدولة الإسلامية فإن أوربا ما زالت متخوفة من بقاء حضارتها الغربية من عودة الدولة الإسلامية وهذا الرعب هو الذي يهدد الغرب، ولذلك يتسابق الغرب إلى إخماد أي ظاهرة إسلامية مهما صغرت. خارطة الطريق.. عندما لحقت الهزائم بالجيش الشعبي لتحرير السودان إبان قيادة جون قرنق الهالك حيث حصر جيشه في ركن قصي وأوشك على الاستسلام فتقدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية لإنقاذه من السقوط إلى الهاوية بترتيبات رسمتها الحركة الصهيونية لإنقاذ الحركة الشعبية لتحرير السودان وذلك بمشروع سلام.. قصد منه أن ترتب الحركة الشعبية أوضاعها وتجمع شتات جيشها المنهزم والمتهالك وتعيد تشكيله وتسليحه وتجديد مصادر سلاحه وتمويله وتدريبه ونجد ذلك واضحاً في الكتاب الذي أصدره مركز البحوث لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا التابع لجامعة تل أبيب بتمويل من جهاز الموساد الإسرائيلي.. تأليف العميد موشي فيرجي التابع لجهاز الموساد الإسرائيلي وأهم ما ورد في الكتاب هو ملخص للإستراتيجية التي نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي مع الجيش الشعبي لتحرير السودان وهي تمهيد لاتفاقية سلام نيفاشا والرامية لفصل جنوب السودان وفقاً لإستراتيجية شد الأطراف وبترها من خلال اتفاقية نيفاشا، ولقد تم هذا الفصل وفقاً لما خطط له الإسرائيليون كأجندة سرية بُنيت عليها اتفاقية سلام نيفاشا الرامية لفصل جنوب السودان. اليوم نسير على نفس الخطى في ظل خارطة طريق جديدة ومشروع سلام جديد على إطار مشروع سلام نيفاشا وهذه الخارطة أي خارطة الطريق جاءت بإيعاز من مجلس الأمن الدولي إلى الاتحاد الإفريقي حيث وجّه مجلس السلم والأمن الإفريقي السودان وجنوب السودان باستئناف المفاوضات خلال أسبوعين بعد تهيئة المناخ المناسب وحدد ثلاثة أشهر للطرفين لإنفاذ خارطة طريق ووقف العدائيات وترسيم الحدود.. كما أضافت خارطة الطريق وقف العدائيات ومنع دعم المتمردين لدى الطرفين مع جلب آلية مراقبة الحدود، يشير المتحدث باسم البيت الأبيض «جاي كارني» للصحفيين إلى أنه يدين بشدة التوغل العسكري في جنوب السودان ولا يدين تدخل الجيش الشعبي في هجليج حيث إنها لا تتبع للمناطق المختلف عليها، وجاء في معرض حديثه متعرضاً للاتفاق الإطاري، ويرى ضرورة الرجوع إليه لاستئناف الحوار بين الحركة الشعبية لتحرير السودان لشمال السودان وحكومة شمال السودان وهنا.. يكمن الخطر؛ لأن الجلوس وفي ظل الاتفاق الإطاري يجيء الاعتراف بالحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة «قطاع شمال السودان» وهذا لن يعترف به السودان لأن هذا القطاع غير موجود سياسياً في شمال السودان بل خرج على إجماع السلام وتمرد عليه بقوة السلاح فهو غير موجود الآن، الموجود الآن ما يسمى بالجبهة الثورية ولها أجندة تختلف عن أجندة الحركة الشعبية لشمال السودان كأولوية وهي إسقاط نظام الخرطوم.. إذن العودة للاتفاق الإطاري أمر طوته الأحداث إذ أصبح جزءاً من أجندة الجبهة الثورية.. وما أورده جاي كارني في معرض حديثه بالعودة غير المشروطة وهذا يعني أن هنالك إطارًا جديدًا يضمن الاعتراف بالحركة الشعبية قطاع شمال السودان وهذا لا يعترف به المفاوض السوداني مهما تم تغليفه فإن العوة لهذا الإطار تعني الاعتراف بالاتفاق الإطاري والجلوس مع الحركة الشعبية لقطاع الشمال المتمردة والتي خالفت برتكول سلام جنوب كردفان والنيل الأزرق والتي وقعت عليه واستمرت عليه لمدة خمس سنوات هذه الحركة التي تمردت بقوة السلاح خرجت على إجماع السلام وقتلت مواطن جنوب كردفان والنيل الأزرق وأوقفت التنمية والتعليم والصحة وشردت المواطنين الآمنين فهل يعقل وبعد سنة كاملة من القتال تجلس حكومة السودان مع قادة هذا التمرد!؟. والآن عندما هزمت الحركة ولم يبقَ لها أي شيء لا جنود ولا سلاح ولا قيادة ولا ذخائر بل تساقطت كما يتساقط الورق عند هبوب رياح الخريف فهو يتساقط بلا ترتيب فجنودها تساقطوا في الأحراش والجبال والوديان وأكلوا الحشائش والأوراق بفعل الجوع والمرض وتأثير المخدرات، وعندما هزمت دولة الجنوب تسارع الغرب وفي صدره إسرائيل وأمريكا فهرعت أمريكا عن طريق مجلس الأمن ومجلس الإيقاد لإيقاف القضاء عليها.. نفس الدور الذي نفذته اتفاقية نيفاشا هو نفس خارطة الطريق التي قدمها مجلس الأمن والسلم الإفريقي بإيعاز من مجلس الأمن الدولي، وما أشبه الليلة بالبارحة!! وأحسب أن المفاوض السوداني وعى الدور بوضوح تام.. وأن تكون الأولوية للمسألة الأمنية مع دولة الجنوب وتطبق لمدة عام كامل ومن بعدها يمكن الرجوع للحوار على مستوى الإطار الذي يساهم في أجندته حكومة شمال السودان؛ لأنه شأن داخلي فالتستمر الحرب بين السودان والمتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق فهم الآن تمت هزيمتهم تماماً وهم يبحثون الآن عن طريق للسلام فإنهم أقرب للسلام من الحرب، ولكن الدروس والعبر تقضي بجمع السلاح أولاً من الأفراد أو الجماعات..