كم نحن سعداء أن تشدَّ «الإنتباهة» الرحال إلى أرض الحرمين الشريفين وقبلة أمة الإسلام وأن تكون المملكة العربية السعودية هي المحطة الأولى ل«الإنتباهة» خارج السودان، فأي أرض أحق بأن نتوق إلى تنسم عبقها الطاهر من مهبط الوحي وأرض هجرة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم؟ أقول إنه لطالما تقنا لهذا اليوم.. يوم تُطبع فيه «الإنتباهة» وتوزَّع في المملكة ولعلَّ فرحي بهذه المناسبة لا يعدله إلا ذلك الذي عشته يوم انطلاق تلفزيون السودان عبر الفضاء في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي ليتحول إلى قناة فضائية، ففي ذلك اليوم تمكَّن أبناءُ السودان في دول المهجر من مشاهدة السودان عبر تلفزيون السودان وهاهم اليوم يشاهدون نسخة أخرى من السودان ممثلاً ب«الإنتباهة» التي نزعم أنها الأكثر تعبيراً عن هُوية هذه البلاد وأرضها وسمائها وشعبها. حق ل«الإنتباهة» أن تنطلق إلى آفاق أخرى أرحب فهي الصحيفة الأولى في السودان من حيث التوزيع، وبمثلما نالت «الإنتباهة» ثقة الشعب السوداني من خلال تبنيها قضايا هذه البلاد نثق أنها ستحظى بثقة أبناء السودان في المملكة وفي كل مكان، فقد لمسنا ذلك من خلال تفاعل أبناء السودان في المملكة مع الصحيفة التي كانوا يطَّلعون عليها عبر النت. نعد بأن نكون صلة وصل بين المغتربين السودانيين والوطن الحبيب وأن نخدم قضايا أهلنا في تلك الأرض الطاهرة وأن نعمل بجد لربط السودانيين بوطنهم. سنعمل كذلك على توثيق الصلة والعلاقة بين حكومة خادم الحرمين الشريفين والدولة والحكومة السودانية وبين شعبي السودان والمملكة فباسم الله نبدأ. بين البرلمان وكرتي ودينق ألور!! كشف وزير الخارجية علي كرتي عن تورط «108» من سفراء الحركة الشعبية بوزارة الخارجية قبل الانفصال إبان تلك الشراكة المشؤومة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وتحديداً خلال فترة تولي دينق ألور لمنصب وزير الخارجية عن الحركة تورطهم في تشويه صورة السودان خارجياً، ومعلوم أن دينق ألور عُيِّن وزيراً للخارجية في أعقاب فصل د. لام أكول الذي رأت الحركة أنه لا يعبِّر عن توجهاتها في وزارة الخارجية ولا يخدم أهدافها. لام أكول الذي يتمتع بخُلُق رفيع كان يُصرُّ على أن يقوم بدوره الذي أدى عليه القسم كوزير لخارجية السودان وليس لخدمة أهداف الحركة التي جاءت به في الحقيبة الممنوحة لها الأمر الذي أغضب عليه باقان وعرمان وبقية أولاد قرنق الحاقدين على السودان الشمالي والذين كانوا يوظِّفون مناصبهم للكيد للسودان على النقيض مما كان يفعل لام أكول المتفرِّد بقِيم لا تشبه رفاقه. دينق ألور كان يحمل اسم أحمد ألار قبل أن يرتدّ عن الإسلام في آخر أيام دراسته بجامعة القاهرة الأم حيث رافق عدداً من الطلاب الشماليين ومنهم صلاح محمد الحسن المقيم حتى الآن في لندن والذي حكى لي قصته حين غيَّر اسمه في السنة الأخيرة بعد أن طرح على صلاح الأمر بأنه لن يُستوعب باسمه المسلم في وظيفة في جنوب السودان مما دعاه إلى تغيير دينه واسمه حتى تصدر شهادتُه الجامعية باسمه الجديد. معظم الأذى لم يلحق بالسودان من سفراء الحركة الشعبية التي ذاق السودان الشمالي من حقدها خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت اتفاقية نيفاشا المشؤومة ما كان كفيلاً بتدميره.. إنما من كل وزراء الحركة الشعبية خاصة دينق ألور الذي كان يجتمع بالمبعوثين والسفراء الغربيين داخل مكتبه في وزارة الخارجية ليتآمر على بلاده بالرغم من أن وظيفته تقتضي أن يفعل العكس تماماً وكنتُ قد كتبتُ أن الرجل كان يصرف مدير مكتبه الشمالي وبقية السفراء الشماليين عند الاجتماع بالمبعوثين والسفراء الغربيين والأفارقة حتى ينفث أضغانه في حضرة ضيوفه بل إن حكومتنا الغبيانة أوفدته إلى دول إفريقية قُبيل انعقاد القمة الإفريقية لكي يُقنعها بقبول تولي الرئيس البشير رئاسة القمة الإفريقية سيما وأن العرف يقضي بأن تؤول الرئاسة للدولة المضيفة لكن الرجل سخّر مهمة وزارة الخارجية في ذلك الطواف على الدول الإفريقية ليحُول دون أيلولة المنصب للسودان وقد كان، فقدْ فَقَدَ السودان المنصب وكتبنا عن ذلك في حينه وذكرنا ابتهاج مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية جيندي فريزر من داخل قاعة الاجتماع حين اتصلت هاتفياً بمحدِّثها في الطرف الآخر (أمريكا) وصرخت بصوت مسموع At last we got it (أخيراً حصلنا على ما نريد)!! لقد كتبتُ والله عندما طردت الحركة لام أكول ورشحت دينق ألور أو منصور خالد لمنصب وزير الخارجية كتبتُ حينها محذِّراً من تعيين دينق ألور وقلتُ إن العميل منصور خالد رغم سوئه وعمالته أرحم بالسودان من دينق ألور فعلى الأقل هو شمالي بالرغم من أنه ظل يكيد للسودان ويوالي الهالك قرنق الذي دمر وخرب وقتل خيرة أبناء السودان الشمالي.. لكن متى كان لقصير أمر؟! أخطاء كبرى ارتكبتها الحكومة دفع السودان ولا يزال ثمنها ولستُ أدري والله كيف تُتخذ القرارات في بلادي؟! تأملوا بربكم الاتفاق الإطاري الأول «نافع عقار»، ثم الثاني «الحريات الأربع»، ثم استقبال باقان في ذلك الحفل الراقص وتصديقه بالرغم مما كان يتأبّط من شرّ أوشك أن يورد الرئيس البشير مورد الهلاك؟! تأملوا ما نعانيه اليوم من «انفقاع للمرارة» جرّاء قرار مجلس الأمن بل جراء تفريطنا حين سحبنا قواتنا المسلحة من طرف واحد وأبقينا الفرقتين التاسعة والعاشرة في النيل الأزرق وجنوب كردفان مما نتجرّع علقمه المُر دماء ودماراً وخراباً واحتلالاً لأرضنا. قبل أن أُنهي هذا المقال: هل تعلم حكومتُنا أن قرار مجلس الأمن يفرِّق بين التفاوض بينها وبين حكومة جنوب السودان من جهة وبين التفاوض مع ما يسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) وهل تعلم أن فترة الثلاثة أشهر المحددة للتوصل إلى اتفاق مقصورة على التفاوض مع دولة جنوب السودان؟! أقول ذلك حتى لا يفرح أولاد نيفاشا بأن موعد السفر اللذيذ إلى أديس أبابا قد حان وحتى يُبقوا حقائبَهم في أماكنها هذا بالطبع إذا لم تصدُق أحاديث المجالس التي تؤكِّد أن روح هجليج التي لا تزال تسري في جسد القرار السياسي رغم انبطاحات الخارجية.. قضت بتغيير كبير في فريق التفاوض بعد فضيحة استدراج البشير واحتلال هجليج!! لا يفوتُني أن أعبِّر عن بعض الرضا أن البرلمان، رغم فتاوى دفع الله حسب الرسول وعنترياته المنافحة عن كل ما يصدر عن الحكومة، رفض التعاون والحوار مع قطاع الشمال باعتبار أن ذلك شأن داخلي يمسُّ السيادة كما رفض تحويل دور الوسيط إلى محكِّم وكذلك شدَّد على عدم السماح لمنظمات الإغاثة بالدخول إلى مناطق التمرد علاوة على عدم الدخول في أي مفاوضات سياسية قبل إنهاء الملف الأمني ولو كان الأمر بيدي لما قبلتُ بتفاوض حتى في الملف الأمني قبل تحرير كل ذرّة من أرض السودان من رِجس الحشرة الشعبية وأذيالها.