زيادة أسعار السلع الحكومية المهمة جداً مثل السكر والمحروقات تكون دائماً لأسباب موضوعية مقدّرة؛ لأنها تكون نتيجة لظروف اقتصادية واضحة مثل ضعف الإنتاج بالتالي عدم التكافؤ بين العرض والطلب في سوق العملة الحرة «الدولار» حينما يكون العرض لا يغطي حجم الطلب كما الحال هذه الأيام.. لكن أن تكون زيادة سلعة حكومية مثل السكر بلا سبب موضوعي حينما يكون هذا السبب هو إعادة تعبئته في أوزان أقل بواسطة شركات «طفيلية» لا تنتجه وإنما فقط تريد أن تتكسب وتتربّح بدون وجه حق وعلى حساب المواطن الفقير ومن هو تحت خط الفقر ففي هذه الحالة لا يمكن أن تكون زيادة سعر السكّر مقدّرة، وإنما تكون إضافة عناء على المواطن البائس الفقير.. وإذا كانت الدولة ترى أن تعبئة السكر أفضل أن تكون في أوزان أقل من زنة الخمسين كيلو جرامًا وهي تعبئة مصانع السكر، فإن الأوزان الأقل يمكن أن تكون بواسطة المصنع المنتج للسكّر لا الشركة الطفيلية التي تتسبَّب في زيادة سعره على حساب المواطن وكأن شعب السودان هو «الثلاثة ملايين» ميسورو الحال الذين لا يتأثرون بالزيادات غير الموضوعية، وليس ثلاثين مليوناً أغلبهم فقراء جداً.. نعم يمكن أن يقبل المواطن بعد توعيته بالزيادات الموضوعية على السلع وما دام أنه يتقدم إلى الجهاد في سبيل الله ليدافع عن أرض ومكتسبات بلاده ويحمي نساء وأطفال وشيوخ جبال النوبة والنيل الأزرق وهم أبناء الوطن، يمكن أن يتفهّم أسباب أية زيادات موضوعية على السلع لكنه بالتأكيد سيستاء جداً من زيادة بلا سبب موضوعي تتسبب فيها الشركات الطفيلية من أجل التكسُّب والتربُّح غير المشروع.. والغريب أن البرلمان السوداني يقاوم أي اتجاه لرفع الدعم عن المحروقات لكنه لا يثير قضية إعادة تعبئة السكر بواسطة شركات طفيلية لا تنتجه بل تتسبب في زيادة سعره دون أن تكون هذه الزيادة إفرازًا طبيعيًا لظرف اقتصادي معيَّن.. والمفهوم لدينا أن رفع الدعم عن هذه المحروقات يكون لصالح أمن واستقرار وخدمات أغلب المواطنين الذين لا غرض لهم في هذه المحروقات، ولذلك كان الحديث عن رفعه لتحقيق كل هذا من أجلهم في مناخ ظروف اقتصادية واضحة.. إذن البرلمان لا يدرك كيف يمكن أن تنقل الحكومة المواطن الفقير من دائرة معاناة أكبر إلى دائرة معاناة أقل.. لذلك يحتاج بعض نوابه لمحاضرات مكثفة من خبراء وأساتذة الاقتصاد.. ليقولوا لهم لا بد من رفع الدعم عن سلعة لا تهم أغلبية المواطنين، ولا بد من إلغاء عمليات إعادة تعبئة السكّر بواسطة الشركات الطفيلية؛ لأن سلعة السكر تهم أغلبية المواطنين. { خلط المعونة بالجنائية يقال إن هناك تشريعًا أمريكيًا مرتقبًا لقطع المعونة عن أية دولة تقوم باستضافة الرئيس السوداني عمر البشير في أراضيها؛ لأنه مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.. لكن سؤالنا هنا: ما علاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية بهذه المحكمة الجنائية الدولية؟! إن واشنطن تقول إنها ليست عضواً بها ولم توقع على ميثاق روما الخاص بها.. أي أنها مثل السودان تماماً، فهو أيضاً ليس عضواً بها وحتى الدول العديدة التي يزورها البشير تقول إنها ليست عضواً، ولذلك لا يسعها أن تستجيب لطلب مدعيها العام أوكامبو. واشنطن لم توقع على المشاركة في عضوية المحكمة الجنائية؛ لأنها تشعر بأنها هي الأولى بالمحاكمة أمامها، وستجد نفسها إذا وقعت في تناقض محُرج جداً.. وتبقى الولاياتالمتحدة في جرائم الحرب والإبادة الجماعية في المرتبة الثانية بعد إسرائيل، وفي جرائم الاغتصاب بعد حوادث سجن «أبو غريب» العراقي تبقى في المرتبة الأولى.. وقد كانت عمليات اغتصاب جنودها لنساء العراق بعد احتلاله بصورة استفزازية لم تسعد من العراقيين إلا شيعته لماذا خلط المعونة بالجنائية؟!.