يبدو أن الذين يسعون الى ما يسمونه توحيد الحركة الاسلامية لا يعرفون ماذا يريدون!!. إن عليهم أولاً أن يتريثوا حتى يفهموا وحتى نفهم ماذا يقصدون »بالحركة الاسلامية« وماذا يقصدون بتوحيد الحركة الإسلامية. إن المصطلحات غير محررة وغير متفق عليها وقديماً قالوا »حكمك على الشيء فرع عن تصوره«. إن الذي يسعى له هؤلاء فيما يبدو لا يغادر محطة توحيد الهياكل التنظيمية. مع أن الذي يدركه ويعرفه القاصي والداني أن الذي تحتاجه الحركة الإسلامية »الجناح الرافد للمؤتمر الوطني« أو حركة الإسلام بمعناها الواسع الفضفاض ليس هو توحيد الهياكل التنظيمية بل هو توحيد الهياكل الفكرية أقول ذلك استطراداً على »الهياكل« التنظيمية.. وأضيف أيضاً استطراداً - إذا صح التعبير - الهياكل العقدية. إن أول مزالق اللجنة - التي لا أدري مَنْ كَوَّنَها - انها تعتبر الحركة الإسلامية »الجناح الرافد للمؤتمر الوطني« جسماً موحداً، بل جعلته هو الأساس لأي عملية توحيد تقوم بها لذلك لما أرسلت خطابات لأحزاب منبر السلام العادل وحزب الأمة القومي والاخوان المسلمون والمؤتمر الشعبي وقال الخبر معلقاً على اختيارها باعتبار أنها جزء من الحركة الإسلامية. إن مثل هذا الكلام يدخل العملية كلها في نفق مظلم. إذا تجاوزنا عن موقف اللجنة من الحركة الإسلامية »الجناح الرافد للمؤتمر الوطني« رغم خطئه الفظيع.. ألا يجدر بنا أن نسأل لماذا لم تقدم اللجنة خطاباً للمؤتمر الوطني؟ أليس جزءًا من الحركة الإسلامية بفهم اللجنة؟ وإلا فبالله كيف أصبح المؤتمر الشعبي جزءًا من الحركة الإسلامية مع أنه منشق من المؤتمر الوطني.. وأما المؤتمر الوطني نفسه فليس جزءًا من الحركة الإسلامية. وإذا كانت اللجنة المحترمة تعتبر حزب الأمة القومي جزءًا من الحركة الإسلامية »رغم شنشناته العلمانية المعروفة« فلماذا لم تخاطب الحركات والتنظيمات السلفية وهي حركات مبرأة تماماً من كل نقائص ومثالب ومواريث الأحزاب التقليدية؟ وأين ذهبت الأحزاب المنشقة عن حزب الأمة القومي بأسمائها الكثيرة وخلافاتها المتعددة والمتجددة؟ ولماذا حزب الأمة القومي دون حزب الاتحادي الديمقراطي؟ وأجنحته أيضاً متعددة ومتجددة؟!. والاخوان المسلمون أنفسهم جماعات ولا أحد يفهم عندما تقول اللجنة الاخوان المسلمون.. من تعني ومن تقصد؟ وهل تنكر اللجنة أن الحركة الإسلامية »الجناح الذي يرفد المؤتمر الوطني« أقل هذه الحركات والجماعات توحداً؟ بل هي اليوم أكثرها تشظياً وتفرقاً وتفككاً!!. إذا كان هؤلاء الاخوة يقصدون الحركة الإسلامية »الجناح الرافد للمؤتمر الوطني« فعليهم إخراج المؤتمر الشعبي والأمة القومي ومنبر السلام العادل. أما إذا كانوا يقصدون بالحركة الإسلامية حركة الإسلام الواسعة فعليهم أن يجلسوا ويقوموا بعمل إحصاء وتصنيف دقيق لكل الجماعات والحركات العاملة في الساحة السودانية.. السياسية والدعوية والتربوية والجهادية حتى لا يسقطوا اسماً يعود عليهم باللائمة. أنا لم أرد أن أذكر من الأسماء في هذه الورقة غير التي ذكرها بيان اللجنة يكفي أن يعلموا جميعًا أنهم في البال وفي الخاطر. أما بال اللجنة وخاطرها فيبدو أنه بني على مسلمات خاصة بها وحدها.. لا يشاركها فيها أحد من الذين ذكرتهم ولا من الذين أضربت عن ذكرهم. إن على اللجنة أن ترسم مسارها بدقة.. فهي اما أن تسعى لتوحيد الحركة الاسلامية »الجناح الرافد للمؤتمر الوطني« أو تسعى لتوحيد أهل القبلة في السودان. إن الذي يجب أن تهتم به اللجنة وتهيئ نفسها له هو التوحيد الفكري والعقدي لحركة الإسلام أو للحركات الإسلامية في السودان. إن بعض هذه الحركات التي ذكرها بيان اللجنة وخاطبها على أنها جزء من الحركة الإسلامية تضمن في أنظمتها الأساسية تعابير ومصطلحات غير إسلامية وإن قيادات هذه الحركات يتبنون سياسات ومناهج مخالفة للأصول الشرعية.. بل إن بعض هذه الحركات ينكر بعض قادتها المعلوم من الدين بالضرورة. إن توحيد الحركة الإسلامية أو حركة الإسلام أو توحيد أهل القبلة لا تكفيه لجنة واحدة بل يحتاج الى عدة لجان تعكف كل واحدة على فرع من فروع العلاقات الشرعية في السياسة وفي الاقتصاد وفي الشأن الاجتماعي. إن تجربة الإنقاذ والإنقاذ هي الواجهة السياسية ومن ثم التنفيذية للحركة الإسلامية مليئة بالثقوب ومخيبة للآمال.. ولا يستطيع أي إنسان يأخذ الأمر بقوة أن يجعلها أساساً ينبني عليه توحيد أهل القبلة أو توحيد أهل السودان.. إن تجربة الإنقاذ في الحكم.. وتجربة الحركة الإسلامية »الجناح الرافد للمؤتمر الوطني« يجب أن تدرس للاعتبار فقط. أود أولاً أن أعتذر عن هذه العبارة التي لم أجد سواها لأعبر به عن حالة اللجنة.. فإني أرى محاولتها هذه ساذجة وغير عميقة وغير فاحصة فنحن نعلم أن المئات من أعضاء الحركة الإسلامية التي ينتمي إليها رئيس اللجنة بل الآلاف يجلسون على الرصيف، وهو التعبير الحداثي للإشارة النبوية للعزلة «ولو أن تعض على أصل شجرة». ومنذ المذكرة الناصحة وإلى يومنا هذا فإن اللقاءات لم تنقطع بل ان قدراً ليس باليسير من التمايز بدأ في الظهور. هذا الذي ذكرته من التمايز لا أجد له مرداً إلا إلى تفكك البناء الفكري والعقدي للحركة الإسلامية.. فهذه اللقاءات والتجمعات تعبر عن اعتراض بل رفض لكثير من سياسات وأداء الدولة التي تجاهر بأنها دولة الشريعة. وأقول للجنة ولرئيسها إنه يجدر بكم قبل القفز إلى تلابيب الإخوان المسلمين أو حزب الأمة أو منبر السلام العادل عليكم أولاً الأخذ بتلابيب أنفسكم وتلابيب المؤتمر الشعبي. تلابيب أنفسكم فيما أدخلتموه من الفكر السياسي الغربي على السياسة الشرعية »وليس هذا أوان التفصيل« وتلابيب المؤتمر الشعبي فيما يتطاول به رئيسه على مسلمات الملة العقدية وشعائرها وشرائعها.. إن على هذه اللجنة أن تكون لجنة جادة وأن تأخذ الكتاب بقوة.. فإن لم تستطع فعليها أن تتوارى. ابتهال وضراعة «2» اللهمَّ يا من لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل.. ولا يبرمه إلحاحُ الملحّين.. أذقني برد عفوك