حوار: روضة الحلاوي تصوير: متوكل البجاوي أكد د. بابكر محمد توم أن الإصلاحات الاقتصادية المطروحة الآن يتوقف نجاحها على الآلية التي تنفذ عبرها، مقترحاً أن يترأسها النائب الأول لرئيس الجمهورية حتى تؤدي دورها، وأوضح في حواره مع «الإنتباهة» أن السبب المباشر لارتفاع الأسعار عدم وجود الموارد. وأن إشكالية الاقتصاد تكمن في أن صرفنا أكبر من دخلنا، وطالب بابكر وزارة المالية بضرورة فرض هيمنتها وسيطرتها على الوزارات المستأسدة حتى يكون هناك ضبط وربط، وقال إنهم يرفضون قيام اية شركة حكومية، موضحاً أن الشركات التي قام الرئيس بتصفيتها وُجدت فيها مخالفات كبيرة وكانت تعمل بالخسارة، وغيرها من قضايا الاقتصاد التي ناقشناها معه. بدأت موجة ارتفاع الأسعار قبل الانفصال وما زالت تواصل ارتفاعها حتى متى؟ أولاً لارتفاع الأسعار «سببان أولهما: زيادة القروش في يد الناس وانعدام السلع»، وللحد من الارتفاع لا بد من رفع الإنتاج وهذا ما تضمنه البرنامج، كما ركز البرنامج على خفض السيولة من أيدي الناس فإذا طالب بنك السودان البنوك الأخرى برفع كمية الاحتياطي من الودائع مثلاً من «13 إلى 17» فهذا يعني أن تأتوا بكل ما عندكم من سيولة، وأيضاً أن يطالبهم بودائعه، ثالثاً أن يأخذ من التجار الكبار مبالغ مالية ويوجهها للتمويل الأصغر، كل هذه السياسات النقدية المقصود منها كمش السيولة وتقليلها من أيدي الناس وكذلك زيادة الضرائب مع زيادة الإنتاج عندها سوف تنكمش السيولة ويزيد الإنتاج من ثم سوف تنخفض الأسعار.. أما زيادة أسعار اللحوم والدواجن والبيض بسبب الأعلاف ففي العام الماضي كانت كمية الأمطار قليلة في كل السودان وتم استيراد كميات كبيرة من الأعلاف.. إذن ما الحل في هذا الجانب؟ الحل في قيام مزارع رعوية كبرى حول المدن الكبرى المستهلكة، «فالبهائم» التي تأتي من نيالا تصل الخرطوم منهكة فتأكل بنصف ثمنها «بكم حتباع؟» ونحن نقوم بتصدير الأعلاف فلو قمنا ببيعها محلياً فهي أغلى من صادرها، فنحن محتاجون لقيام عشرات المزارع حول المدن ولكن هذا الحل يحتاج للتشجيع وذلك بخفض مدخلات الإنتاج فيجب أن لا نلوم تجار اللحوم والدواجن بل لا بد أن نعرف ما هي الأسباب التي أدت لارتفاع الأسعار، وهنا لا بد من تدخل الدولة بأن تخفض أسعار العلف وأن تأتي بأسمدة بأسعار مخفضة وتُدعم دعمًا كاملاً.. فهذه الظواهر تفرز لنا مستثمرين جدد.. قبل عام اتجهت وزارة المالية لخفض الواردات من سيارات وغيرها لخفض سعر الدولار.. لكنه ما زال مرتفعاً.. ما هي الأسباب الرئيسة في شح الدولار وارتفاع سعره؟ أصلاً تم إيقاف هذه السلع لخفض سعر الدولار وإذا لم نوقفها كان السعر ارتفع أكثر.. وأقصاها استيراد هذه السلع؛ لأننا نحن ليس لدينا دولار واحتمال «نفتح لأي شيء بعد الآن؛ لأننا فتحنا للسكر» وأصلاً هذه السلع كانت تموَّل من المغتربين والآن الدولة احتاجت لدور المغتربين لتستورد القمح والسكر والدواء ولكن الآن أمنت نفسها وقفل الاشات مهم لتشجيع الإنتاج الوطني والسيارات القديمة لم تمنع نهائياً ولكن موديل نفس العام؛ لأنه كانت تدخل بعض السيارات «الهكر» ولكن الهدف أصلاً حماية القطاع الوطني، والمكنيكية تحديداً يستفيدون عندما أوقفنا استيراد السيارات حدث أن تقدموا بالشكوى؛ لأن السيارات الجديدة لا تحتاج لصيانة طيلة فترة السنوات الأولى.. أما بالنسبة لشح الدولار فهو يأتي من ثلاثة مصادر من المغتربين أو التعاون الخارجي أو الصادر، ولم يكن لدينا تعاون خارجي كبير ما عدا بعض المشروعات ولم يكن لدينا صادر كبير بعد البترول، والمغتربون دورهم يأتي في استيراد سلع للقطاع الخاص ولا بد أن نرجع للسلع الأربع لزيادة الدولار، فالحكومة كانت أكبر مشتري للدولار إما من السوق الأسود أو من المغتربين لكي تشتري به قمحًا، فإذا زدنا السلع الأربع أو أُنتجت محلياً وقلَّلنا من الطلب على الدولار فسوف ينخفض سعره. الحكومة قالت إن معدل التضخم من المفترض أن يكون «9%» وفي الشهر الماضي أصبح «30%».. الحكومة في الأول بنت ميزانيتها في التضخم بسعر الصرف في معدل النمو على إيجار الخطوط وإيجار الخطوط لم يتم، فالميزانية اختلت وزاد التضخم حتى وصل «25 30%» الآن أجريت إجراءات سوف تنقصه «5%» والمالية أحياناً تضع برامج ولا تتم وذلك لعدم المتابعة.. نرجع مجدداً لآلية التنفيذ والمتابعة فهذه الآلية تعمل بنغم واحد وتنسيق واحد بين السياسات المالية والنقدية وحتى السياسات الاجتماعية وكنا نقول بعد أن سمينا برامجنا تحريك الجمود الاقتصادي قلنا أن لا يتم هذا التمويل على حساب الفقراء وعملنا صندوق التكافل، وكانت كل السلع مدعومة والآن برنامجنا جيد ولكن إذا لم توجد جهة عليا تشرف عليه لن ينجح ولن يؤتي ثماره. المشروعات الاستثمارية عائدها ضعيف ما هي رؤيتك للاستثمار في السودان حتى يعود بالفائدة المرجوة؟ الاستثمار هو الاستثمار في القطاع الخاص والآن أصبح يتبع لرئيس الجمهورية مباشرة بعد حل وزارة الاستثمار، الاستثمار يحتاج لتضافر الجهود ويحتاج للتفهم من المواطن العادي والمحليات والولايات على أساس أنه هو أفضل طريقة لإنقاذ الاقتصاد، هذه تجرية العالم لكن لا نقول نحن نمتلك موارد كثيرة ومياه النيل وهذه ليست موارد الموارد الحقيقية هي السياسات وهي الإدارة التي تنفذ الاستثمار ولكن لدينا بيروقراطية لذلك ترتفع تكلفة الاستثمار على المواطن.. الرئيس ووزير المالية تحدَّثا عن زيادة الرواتب لمواجهة موجة الغلاء ولكن هناك «ناس ما شغالين بمرتبات» ماذا عنهم؟ هذا هو القطاع الحر والدولة زادت من الأسر الفقيرة التي كانت تأخذ الدعم إلى «750» ألف أسرة على نطاق السودان والشيء الجميل أن هذا الدعم كان يصل عبر بنك الادخار وغيره والخطة الثانية زيادة «مائة جنيه» لكل معاشي ولكل موظف وألزموا الزكاة بمليون وخمسمائة مواطن، وصحيح أن نسبة الفقر «46%» أي ما يعادل «12» مليونًا والدراسة تقول إن معظم الفقراء في الريف من رعاة ومزارعين. ذكرت أن نسبة الفقر «46%» ما هي رؤيتك للمعالجة وما رأيك في إستراتيجية وزارة المالية لمعالجة الفقر؟ هذه الإستراتيجية لم تقُم بها وزارة المالية لوحدها بل معها وزارة الرعاية الاجتماعية وهي إستراتيجية متوازنة والفقر غير ثابت وإذا لم تقَم دراسات في المالية وخفضت الأسعار فإن الفقر سيزيد، وسياسات الدولة الكلية هي التي تزيد وتنقص الفقر وهذه الخطة التي وضعت سوف تساعد السودان في إعفاء الديون العالمية؛ لأن الدائنين دائماً يربطون إعفاء الديون بخطتك لمحاربة الفقر، الشيء الثاني توفير فرص العمل وتشجيع القطاع الخاص والمخدم الأول ليس الحكومة والحرب يحارب بالسياسات وليس بالمنع المباشر ونحن نريد «أن يكون كل الناس يد عليا» ما عدا المعاقين وأصحاب العاهات. ذكر الأمين العام لديوان الضرائب في تصريح له أن هناك رسومًا أو ضريبة بقيمة كبيرة يتم تحصيلها ولكن لا تورد؟ الحديث عن ولاية المالية على المال العام لا بد أن يحقق معناه وهذا الحديث يعني أن أي مال يدخل المالية وبطريقة قانونية وأي مال يخرج لا بد أن يكون بورق رسمي أورنيك «15» والمال يجب أن يخرج بإذن صرف مهما كانت الجهة وإن كانت القصر الجمهوري ونحن نقول للوزير اغلق الحسابات ومن المفترض أن يكون هناك مندوب للمالية في كل مكان، وأنا أدعو وزير المالية لتعيين مدير مالي في كل وحدة في الدولة ولا بد للوزارة أن تكون لديها الهمة التي تجعلها مدركة للمسؤولية. ولو كنت وزيرًا للمالية لأغلقت كل الحسابات «وهم سيأتون خاضعين في مكتبي» وأخاطب بنك السودان بأن يحول لي في الوزارة كل الحسابات والمسألة تحتاج لتنظيم والمالية تبذل جهدًا كبيرًا في صرف المال ولكن لا يبذلون أي جهد في جمع المال بل يتركونه على الجمارك والضرائب ولا بد أن يكون لي شخص في منصب أعلى من مدير الضرائب والجمارك وكنا قد اقترحنا هيئة الإيرادات وأن يكون وزير الدولة المشرف على الميزانية يومياً مطلعًا على حركة وسكنة الضرائب والوحدات الإيرادية..