أصبحت الصحافة في العصر الحديث السلاح الذري الموقوت ،واطلق عليها السلطة الرابعة المسلطة على كشف الفساد وخبايا المستور. وبفضل الصحافة انهارت حكومة انديرا غاندي في الهند. ثم كان للصحافة دور كبير في كشف فضيحة ووتر قيت الامر الذي جعل الرئيس الامريكي نيكسون يقدم استقالته، وهو اول رئيس امريكي يقدم استقالته طيلة فترة الحكومات الامريكية. وحددت نقابة الصحفيين في فرنسا تعريف الصحفي ان الصحفي الجدير بهذا الاسم يأخذ على عاتقه تبعة كل كتاباته حتى ولو كانت غفلا عن الامضاء .فيعتبر التشهير والاتهامات والقذف والطعن التي لا دليل عليها في اشنع اخطاء الصنعة وهو لايقبل إلا المهمات التي تتفق مع كرامة المهنة، ويمتنع عن إدعاء لقب أو انتحال صفة ليحصل على الخبر ، فهو لايأخذ مالا من عمل حكومي يقدم له نظير عمل وهو لايوقع باسمه في مقالات للاعلان التجاري ولايرتكب سرقة ادبية ولايسعى لأخذ مركز زميل له، ولايعمل من اجل فصله بقبوله العمل بشرط اقل مرتبة ويحفظ سر المهنة ولايبوح بكل مايسمعه .وقال هنرى ويلهام في تعليقه على الصحافة انها ليست حرفة كسائر المهن، بل هي اكثر من مهنة. وقال ان الصحافة طبيعة من طبائع الموهبة الإلهية وهي خليط بين الفن والعبادة. وقال احد الصحفيين ان رائحة حبر المطبعة اذكى عند الصحفي من العطور النادرة وان منظر قصاصات التجارب والبروفات ينسيهم انفسهم .إنهم مسلوخي الكواهل كعبيد السفن في العصور الوسطى والصحافي بلا مبدأ شجرة جرداء لها هيكل محطم دون ظل ممدود. وعلق الرئيس الامريكي جيفرسون عن اهتمامه بالصحافة في معرض حديثه لأجهزة الاعلام من الافضل لي ان اعيش في بلاد بها صحافة وليس بها قانون، افضل لي بكثير ان اعيش في بلاد تحكمها القوانين وليست بها صحافة. وتحدث العالم الفرنسي فولتير عن اهمية الصحافة بالنسبة له وللبلاد المتقدمة حين قال الصحافة آلة يستحيل كسرها ويستعمل على هدم العالم القديم، ويخلق عالماً جديدا يواكب تطور الحياة والمجتمع. ثم تحدث القائد الفرنسى نابليون عن دور الصحافة في ترقية المجتمع وتثقيف الناس ومحاربة الفساد، وقال قولته الشهيرة الصحافة ركن من اعظم الاركان التي نشيد عليها دعائم الحضارة والعمران. وعبر الكاتب اللبناني انطوان الجميل عندما وصف الصحافة بأنها قلاع من الورق لاتؤثر فيها قنابل المدافع والاقلام التي تكتب بها الصحف مصنوعة من الرصاص ، واذا كانت الحكومات تخاف وتخشى احيانا مما تكتبه الصحف، فيكون مصيرها التهلكة والانهيار لانها لاتسمع ولاتعمل بكلام الصحف، العين الساهرة لخدمة المجتمع. وتحدث الكثيرون عن دور اهمية الصحافة في العالم ،ولعل افصح ماقيل عن دور واهمية الصحافة في العالم الكلمة التي القاها رئيس جمهورية فنزويلا عندما قال لا اخاف بوابة جهنم اذا فتحت امامي، لكننى ارتعش من قلم الصحافي لانه يهز وجداني وشعورى ويفقد توازني عندما يفتح النار في كشف الحقائق وتوجيه الاتهام للمسئولين الذين يقعون تحت سلطتي. ولعل ابلغ ماقاله المعلم تولستوى الذي ولد العام 1828 وتوفي العام 1910 وعاش فترة 92 عاما من اعظم ماقاله عن الصحافه انها برق السلام وصوت الامة وسيف الحق القاطع. وملاذ المظلوم . ولجام الظالم : تهز عروش القياصرة وتدك معالم المستبدين لانها نار مسلط على رقاب المفسدين. واعظم شهادة قالها ملك البرتغال مانويل عندما واجهته الصحافة بحملة شرسة ادت الى انهيار عرشه قال للصحفيين انتم السبب في سقوط ملكي عندما اثرتم نقد الجماهير ضدى وطالبتني بالنزول من العرش وانني الآن لا استطيع ان افعل معكم شيء لان سلاح الصحافة اقوى من اي سلاح في ملكي الذي عجز ان يحميني من قلم يكتب بالرصاص الميت ومخازنى مليئة بالرصاص الحي ولم تقف الصحافة عند هذا الحد بل امتدت الى ابعد من ذلك لترك حصون الطغاة وتفضح امرهم وكم من ممالك وامبرطوريات انهارت بفضل الصحافة وبكى قيصر روسيا عندما انهار ملكه وقال امام الحاضرين وهو يتحسر على نظامه الذي انتهى بفضل قوة الصحافة التي اطاحت به وأعلن للملأ وهو يسب ويلعن الصحافة جميل انت ايها القلم ولكنك اقبح من الشيطان في مملكتي تسببت في عزلي وطردى لما اصابني من هدم ثم توالت قوة الصحافة في دك حصون الملوك والاباطرة عندما شنت الصحافة التركية حملة ضد السلطان عبد الحميد حتى فرقت بينه وبين كل معاونيه ولم يتحمل ماكتبته الصحافة من هجوم لاذع هذا عرش الامبراطورية العثمانية وغصب السلطان عبد الحميد وقال نحن نملك جيشا قويا لكنه لايستطيع فعل شئ امام الصحافة التي غزواتها تصيب في مقتل والشئ الوحيد الذي استطيع فعله لكي اسكت هذه الحملة لو رجعت الى مقرى لوضعت جميع محررى الصحف جميعاً في فرن واحد . وعلق الكاتب ابراهيم الباجي ووصف الصحافة بانها جليس العالم واستاذ المريد والموعد الذي يلاقي فيه المفيد والمستفيد، وحقا ان مدمني الصحافة لاينامون ولا ترمش عيونهم حتى يلقوا نظرة على عالم الصحافة التي اصبحت جزءا من كيان المجتمع. ثم تحدث وليم استير عن دور الصحافة في ترقية مفاهيم المجتمع وتنويرهم بما يدور حول العالم وتقديم النصح والارشاد وللحاكمين ولوعملوا بما تقوم به السلطة الرابعة لما ظلم انسان ولا استبد حاكم وتغطرس، وقال ان الكاتب السياسي يرتعش من منظره رئيس مجمع الشياطين لقوة قلمه وقسوته في مهاجمة المفسدين وازالة الستار عن المستور والمواجهة بالحقائق والارقام والبراهين. وتحدث العالم فولتير عن حياة أن الصحافي لاتكون الا في العراك والضرب والطعن ولا تهنأ حياة الصحفي الا تحت ظلال الحق والجمال والحب . ان القلم الذي تحملونه مسئولية امام المجتمع اعد لكي تغرسوه في حناجر وقلوب الشياطين الظالمين والمجرمين الحاكمين والاتقياء المزيفين فان لم تحركوا اقلامكم فاغرسوها في قلوبكم وفي احدى اللقاءات الصحفية التقى صحفي مع ايدسون وبدأ يتحدث معه ولكن ظل ايدرس ساكتا دون اجابة وفي اليوم الثانى كتب الصحفي عنوانا كبيرا اديسون اكبر مخترع في العالم فلما قرأ اديسون خبر المقالة بالخط العريض اسرع واتصل بالصحفي معلقا على المقالة قائلا له ارجو تصحيح هذا الخبر فإن اكبر مخترع في العالم هو انت . والصحافة لم تكن كما كانت عليه سابقاً بل طرقت كل المجالات وتشعب دورها بفضل التطور والتقنية الحديثة وعصر الطباعة الالكترونية مما سهل للصحفي متابعة الاحداث وتحليلها. ولعبت الصحافة الالكترونية دورا كبيرا في كشف المستور وماقدمه موقع ويكلكس في تسريب المعلومات التي هزت العالم من اسرار وخفايا وهزت عرش الحطام بفضل مانشرته سرية اجانب كشف حساب الحكام والعملاء وسارقي اموال الشعوب. وأكبر ثورة فجرتها الصحافة الالكترونية تلك التي قام بها شباب مصر من خلال الفيس بوك في مواجهة اقوى نظام امني ليس له مثيل حتى اطاحوا بحكم الرئيس حسني مبارك ومن قبله حاكم تونس زين العابدين بن علي واصبحت الصحافة الالكترونية هي السلاح الذري المخيف في مواجهة الحكام في تعبئة وتحريض الجماهير ضد الانظمة الدكتاتورية التي لم تتعظ حتى الآن من خطورة الصحافة والتي ظنت ان المليشيات والكوادر والبلطجية سيكون لها عون عند قيام الثورات لان المفهوم السائد لدى كل الطغاة والظالمين ان الاحزاب والحشود المصنوعة لدى استقبال الحكام والهتاف لها هي سند الحكومات الفاشلة ، ولو كانت اجهزة القمع تنفع الحكام لنفعت شاه ايران رضا بهولى ودكتاتور رومانيا شاوسيسكو ومنقستو وسياد برى وحسني مبارك وموسليني دكتور ايطاليا الذي شنق في ميدان عام 2000 في روما ولم تنفع اجهزة القمع حاكم السلفادور بوشونيه والجنرال غالتيري حاكم الارجنتين .