طالب الهندسة يفقد (عقله) في المهجر! العنوان أعلاه أعنيه تمامًا.. وهذا ما جعلني أتساءل ماذا تفعل إذا قُدِّر لك الرحيل عن أرض الوطن من أجل (العلم) وسيطرت عليك هواجس وجنون الهجرة (العلمية).. رغم أنها أمر مشروع لست بحاجة للدفاع عن نفسك أمام الآخرين إذا قررت الإقدام عليها وممارسة قدر أوسع من حريتك الفردية.. وعزمت الانسلاخ عن أرض الوطن غصبًا عنك وراء حلم المجهول وكل ذلك من أجل الحصول على أعلى درجات العلم. حقيقة لم تعد أراضي المهجر التقليدية منزوعة الأبواب تمتد شواطئها على طواف البحار العالمية كما كانت منذ آلاف السنين.. كما لم تعد المغامرة محفوفة بصورة الإثارة التي كنا نشحن رؤوسنا بخيالاتها تجري في عوالمها أنهار الثروة بلا حدود. فالسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الدوافع التي تجبر أبناؤنا على الهجرة خارج الوطن لتلقي العلم؟؟ وما هو دور الآباء والأمهات وأولياء الأمور تجاه هجرة أبنائهم لطلب العلم؟ وهل دور الآباء وأولياء الأمور مقتصر فقط على ساعات الوداع الأخيرة بالنسبة لابنهم طالب العلم؟؟ أم ماذا؟.. أيها القارئ الكريم وأولياء الأمور والآباء.. أدعوكم لوقفة قصيرة على جزء بسيط على حقيقة الهجرة العلمية لأبنائنا وفي وقتنا هذا؟.. المرارة تملأ حلوق السودانيين وضباب العدم الكثيف يحلق فوق الرؤوس وأبواب اليأس مفتوحة على مصراعيها يطل منها آلاف الطلاب على مساحات الوهم المجهول التي احترقت وأحرقت أجسادهم وهم طلاب العلم الذين خرجوا من أوطانهم لطلب العلم لكن ما هي النتيجة؟ طالب وفي السنة الرابعة (النهائية) بكلية الهندسة بالهند.. قضى أربع سنوات بين الكتب والقراءة.. وفي عامه الأخير وفجأة وبدون أي مقدمات (فقد) عقله وأصبح خارج حدود الحياة بفقده لعقليته.. والسبب تجاهل أهله له.. نعم أهله الذين لم يراعوا ابنهم بل أطلقوا له العنان دون التفكير في مصيره العلمي أو حتى حياته التي تهمهم كثيرًا.. أربع سنوات قضاها في بلاد الهند ولم يسأل عنه أحد من أهله.. أربع سنوات قضاها دون اتصال من أهله لمعرفة أحواله وأحوال دراسته! ورغمًا عن ذلك واصل المسيرة دون توقف.. إلا أن عقله لم يتحمل تلك الضغوط النفسية وكانت النتيجة (فقدان) عقله. ومن هنا أناشد جميع أولياء الأمور والآباء والأمهات الاعتناء بفلذات أكبادهم وأن لا يتركوهم فريسة للغربة والاغتراب.. وهذا الطالب لن يكون الأول ولا الأخير هنالك الكثير من أمثاله.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد..