نعم!! أنا أسأل.. وأنا أجيب!! نعم.. من حق البروفيسور عبدالله النعيم أن يتطاول كما يشاء.. ومن حقه أن يدلس كما يشاء.. ومن حقه أن يكذب كما يشاء.. ومن حقه أن يغالط في المعلوم من الدين بالضرورة كما يشاء.. بل من حقه أن يدعي ما يشاء من الدعاوى دون أن يطالبه أحد بإقامة الدليل على دعواه لا من العقل ولا من النقل.. فما الذي أعطاه هذا الحق؟ ومن الذي أعطاه هذا الحق؟ كنا قد فرغنا من الفكرة الجمهورية ومن الجمهوريين كلهم عندما انبرى النميري بسيف الشرع على شيطانها وشيطانهم.. فلم يعد لهم ذكر ولم يُسمع له ركز.. إلا بعد مجيء الإنقاذ.. والإنقاذ متخصصة في إحياء الموتى.. الإنقاذ متخصصة في إحياء الكفر فبعد أن انبرى النميري بسيف الشرع على شيطان الشيوعية بل شياطين الشيوعية فلم يعد لهم ذكر ولم يسمع لهم ركز.. إلا بعد الإنقاذ .. عندما تبرعت بإخراج محمد إبراهيم نقد من مقبرته الاختيارية.. وأدخلته البرلمان.. هذا المدعو عبد الله النعيم يتطاول على قامات الفكر وقامات الدعوة وقامات السياسة بدعاوى فارغة المحتوى لا يقدمها إلا لأنه يعرف أنه لن يُسأل عليها دليلاً ولا شاهداً ولا حجة.. يكفي أن يطلقها ويكون تكذيبها على أمثالنا والدولة التي أُنيط بها حراسة الدين وسياسة الدنيا خرجت من الاثنتين صفر اليدين .. فلا هي أحسنت حراسة الدين ولا هي أحسنت سياسة الدنيا!! البروف عبد الله النعيم ينكر شيئًا اسمه الدولة الإسلامية ويقول إن تطبيق الشريعة الإسلامية منوط بالأفراد حسب فهمهم ولكنه يعود ليقول إن هناك أحكاماً في الشريعة لا بد من إعادة النظر فيها.. وليس كل الأحكام.. فالبروف مشكوراً يزعم أن هناك أحكامًا وقضايا يجب علينا فيها الاستدراك على الله سبحانه وتعالى.. وأحكام أخرى لا يجوز الاستدراك فيها عليه.. والدكتور الجهبذ لا يقول بإعادة النظر في فهمنا بل يقول علينا إعادة النظر في هذه الأحكام المتعلقة بحقوق المرأة وحقوق غير المسلمين وحرية الاعتقاد. وحتى لو قلنا إن المطلوب إعادة النظر في فهمنا للأحكام فهل يريد البروف أن يضيف حقوق المرأة وحقوق غير المسلمين وأن يمنع حرية الاعتقاد لأن الموجود في الإسلام ليس موجوداً في غيره من الأديان ومن النظم الاجتماعية إلا إذا أراد البروف أن يبيح الزنا والسحاق ووأد الأولاد وسب الأديان وسب الآلهة فهذه هي الأشياء المضيَّق عليها جداً في الإسلام. والذي أدهشني جداً سعة اطلاع البروف على الفكر السياسي الإسلامي فهو من سعة اطلاعه يبدو أنه لم يسمع بابن خلدون ولا الماوردي ولا الفراء ولا ابن رجب الحنبلي ولا ابن القيم.. وكلما زاد عدد الذين لم يسمع بهم تأكد لنا سعة اطلاعه. ولهذا السبب فهو ينكر الفكر السياسي الإسلامي جملة وتفصيلا وينكر دولة الخلافة. مع أن ابن خلدون عندما قسم أنواع الحكومات إلى ثلاثة أنواع ذكر أولاً 1/ الحكومة التي تستند إلى شرع الله «الخلافة» 2/ حكومة السياسة العقلية لمصالح الدنيا فقط.. 3/ المدينة الفاضلة وعند ابن خلدون لا وجود لها. وبغضاً في البروف وكيداً له ودساً عليه لإزعاجه فإن ابن خلدون يقرر أن الحكومة التي يجب أن تسوس شؤون مجتمع العمران هي الحكومة الإسلامية لما فيها من الحفاظ على مصالح الناس في الدنيا والآخرة. بل ينص في المقدمة في تعريفه للحكومة على أن «الحكومة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي على مصالحهم الأخروية والدنيوية إذ ترجع أحوال الدنيا كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة. وبين ابن خلدن أن وظيفة الخلافة «اسماها الخلافة» دينية اجتماعية سياسية.. وذم الملك القائم على العصبية لأنه يؤدي إلى القهر وذم الملك القائم على السياسة وحدها لأنه مجرد من الصبغة الدينية. وهناك اتفاق بين ابن خلدون والماوردي في تعريف الخلافة أو الإمامة على أنها خلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا. والحق الذي يجب أن يُعرف أن فقهاء السياسية الشرعية بعد الماوردي كلهم ميال عليه وعلى فكره ونظرته الثاقبة حتى ابن خلدون نفسه الذي جاء في القرن الثاني الهجري بينما الماوردي من علماء القرن الخامس الهجري وابن خلدون على جلالة قدره وتقدمه إلا أنه لا يزال هو يستقي من منهل الماوردي. وأهم وأخطر ما صرح به ابن خلدون هو عين ما قاله الماوردي وغيره «إن عقد الأمانات لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع». وبهذا يكون البروف عبد الله النعيم خارج إطار التاريخ والفكر والوعي.. وأظن أن أمريكا هي أفضل مستنقع يعيش فيه البروف عبد الله النعيم .. أدام الله إقامته هناك ومتعه بها.