عمري الاغترابي في البحرين الآن قارب للست سنوات، وعندما سألت من سبقني إلى هذه الديار الطيبة وبالأخص من أعضاء النادي السوداني القدامى في المنامة: هل زاركم الأمين العام لجهازكم «جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج»؟ قال لي أبداً وأنا هنا لا أقصد الأمين العام الحالي فهو «كتر خيرو» سار في طريق من خلفه «خير خلف لخير سلف» ولكن أقصد كل الأمناء العاملين على الجهاز. الجالية السودانية في البحرين من الجاليات الفاعلة جداً في هذا البلد الخير وتضم خيرة الكفاءات العلمية ولها رصيد معرفي ودبلوماسي شعبي كبير واستطاعت أن تثبّت الصورة الناصعة للسوداني في البحرين مما أكسبها احترام شعب البحرين وقيادته الرشيدة واحترام الجاليات الأخرى له.. وهذه الجالية أيضًا لها مواقفها الوطنية؛ فهي تحتفل كل عام بعيد الاستقلال المجيد وتساهم في دعم المجهود الحربي وتدفع بمدخراتها لدعم الاقتصاد الوطني وترعى أسر سودانية كثيرة وتسهم بعلاقاتها الشخصية في إيجاد مستثمرين للسودان. وما يميزها أيضاً هي العلاقة الوطيدة بين كل السفراء الذين تعاقبوا على السفارة السودانية في المنامة وبين أفراد الجالية؛ فهنا تذوب الرسميات ويكون السفير واحدًا من أفراد الجالية. رغم كل هذا العطاء الإنساني المتفرد ورغم كل هذا الهم القومي وهذا الحضور القوي إلا أن هذه الجالية منسية تماماً من قبل جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج لم يزرها أحد من قبل وكأن كتب على مدخلها: لا يوجد سودانيين هنا!! حقيقة لا أعرف ما السبب بالرغم من أن الأمناء المتعاقبين على الصندوق يصولون ويجولون من فوقنا ومن تحت أرجلنا، ولكنهم لا يلقون إلينا بالاً ولا يكلفون أنفسهم «تعب الجية» وما بيننا وبين المملكة العربية السعودية التي تمثل لهم ملجأ ومتكأ جسر مسافته «25» كيلو متر فقط! وأعتقد أن جولات الأمناء العامين للجهاز مرتبطة بالمصلحة المادية «مكان مخدرة يروعوها» وليس الهدف منها المغترب نفسه وتبصيره بما يدور في هذا الجهاز ونوع الخدمات التي تقدم له وحتى ولو افترضنا الفرضية الأولى فالجالية السودانية في البحرين ليست قليلة وفيها أكثر من ثلاثة آلاف سوداني، وهذا ليس بالرقم القليل وما يزيد من رصيدهم أنهم من صفوة المغتربين «بروفسيرات ودكاترة ومستشارين وإعلاميين و..و..و» فهل هؤلاء لا يستحقون أن يزورهم أحد؟. الدكتور كرار التهامي كان مغترباً ويعرف تمامًا قيمة أن يذهب الأمين العام للجهاز أو أي مسؤول لزيارة السودانيين في ديار المهجر فهي لها فائدة للجانبين للوطن وللمغترب خاصة مع غياب المعلومة وغياب الإعلام الحقيقي لهؤلاء المغتربين. وما يحز في النفس أن الغياب لم يشمل الأشخاص فقط حتى مطبوعات الجهاز لا تصل لهذه الجالية «المنسية» بالرغم من الصرف البذخي الذي يصرفه الجهاز على الإعلام إلا أن التقصير حاصل في هذا الجانب.