دعاني الصديق موسى كزام الى مائدة عشاء عامرة وكان قد علم بحضوري الى مدينة ود مدني وبالتحديد مستشفى الجزيرة لأمراض وجراحة الكلى في اطار زياراتي الماكوكية لتوطين زراعة الكلى في تلك المدينة العامرة باهلها الطيبين، وقد صار كزام من مشاهير زارعي الكلى في السودان بعد ان اجرينا له عملية زرع كلى من ابن اخته بالبنج النصفي فواصل خلال العملية عبر الهاتف مع اهله واصدقائه وهم كثر وكزام مليء بروح الدعابة والفرح رغم المرض المزمن الذي الم به وقد سأله أحد اصدقائه «بتغسل في ياتو مستشفى اليوم» فأجاب «في أحمد شرفي» وكان وقتها يغسل في مستشفى احمد قاسم فسارعت زوجته بقولها «ياراجل انت ما بقيت لي احمد شرفي لسة» وكنت قد اقمت محاضرة تحدثت فيها عن مشروعية نقل الاعضاء من الموتى فسأل أحد الحضور شيخنا عبد الحي يوسف «يامولانا الكلوة المزروعة دي يوم القيامة بعذبوها مع المتبرع ولا المتلقي» فانبرى كزام بالاجابة مبددًا حيرة شيخنا الجليل «الكلوة بتقوم شاهد ملك». مائدة العشاء كانت على النيل الخالد في منتجع اقامه موسى كزام واسماه سمكمك كجزء من بره بي دعا الى مائدة العشاء الدكتور والملحن المعروف عبد الماجد خليفة وكان في صحبته شابة في مقتبل العمر أسر لي موسى كزام انها مفاجأة الدعوة السارة، كان في صحبتي من الخرطوم الأستاذة الصحفية منى ابو العزائم والشاعر الغنائي الكبير تاج السر عباس، كانت منى وقتها رئيساً لتحرير مجلة ايام وليالي وكان تاج السر عباس نائبًا لها وكان شخصي الضعيف محررًا لصفحتها الأخيرة، محور نقاش الجلسة كان يدور حول تلك الفتاة الصغيرة حجماً وسناً ولكنها تملك صوتاً ملائكياً يجمع بين بحة الحزن ودغدغة المشاعر ويدخل اذنك في انسياب موسيقي اقرب الى نافورة فرح منها الى شلال، اصر مضيفي كزام على عدم الإفصاح عن اسمها حتى سماعها، ابتدرت الجلسة بانشاد ديني أثرت وأثرت وأسرت وجداننا اسمها فهيمة عبدالله تنبأ لها الحضور بمستقبل فني باهر، كانت اديبة رفيعة خجولة عفيفة طيلة الجلسة، أصر الشاعر المرهف تاج السر عباس على اعطائها اسمًا فنيًا واقترح ان تسمى ابداع مدني أو ابداع ابوسن، اعترضت على التسمية الأخيرة وقلت هذا الصوت الملائكي لا يمكن ان نربطه بمشرط جراح، تبناها وقتها د. عبد الماجد خليفة لحنياً، شكرت موسى وقتها على ابداعه وعدت الى عاصمة الضباب لندن حيث مقر عملي، تعاقبت السنون وسمعت عن برنامج أخذ مكانه في المائدة الرمضانية مأخذ الحلو مر والآبري الأبيض تربع على ادارة عرشه استاذنا القدير المخضرم والشاعر والملحن والأديب السر قدور. دعاني الأصدقاء امير التلب وعماد حسين لتكريم شيخ المبدعين السر قدور على ضفاف النيل الخالد في صالونهم البهي البهيج «ملتقى الأحبة» كنت وقتها في طريقي الى مطار الخرطوم استمتعت بالتظاهرة الاحتفائية وودعت استاذنا السر قدور قائلاً انا في طريقي الى انجمينا وبحاسته الفكاهية قال لي «المنامة وانجمينا عواصم للراحة والنوم اتمنى لك نوماً هانئاً يا دكتور». كغيري من اهل بلادي استمتع ببرنامج اغاني واغاني بعد الافطار كلما سنحت الفرصة وعادت بي الذاكرة الى رفقة موسى كزام وسمكمك وكانت فهيمة تغني رائعة الاستاذ عبد الدافع عثمان «مرت الأيام كالخيال احلام وانطوت آمال كم رواها غرام مرت ومر نعيم كان لكن مر سريع» طرب لفهيمة زملاؤها بالاستديو في نشوة وغبطة فاستحقت مطربة مطربي اغاني واغاني، قطع انسجامي مع فهيمة مضيفي عبد المنعم المهدي من ضاحية الحاج يوسف «يادكتور في راجل اتشاكل مع مرتو وقال ليها الهدوم غسلتيها وسخانة» فقالت له يا راجل اغسلها ليك انضف من كدا ان شاء الله يغسل ليك ابوسن بعد الحال.