ما قاله نزار قباني عندما زار السودان إنه اكتشف أن السودان يسبح في الشعر كما تسبح السمكة في الماء وأن السودان بغير الشعر كيان افتراضي ووجود غير قابل للوجود.. وأنه ثمة بلاد تعيش على هامش الشعر وتتزين به كديكور خارجي، أما السودان فموجود في داخل الشعر كما السيف موجود في غمده.. وأن قدر السودان أن يبقى مسافراً نحو الشعر وفي الشعر إلى ما شاء الله.. جسدته شاعرتنا روضة الحاج بفوزها بجائزة سوق عكاظ وتفوقها على شعراء الدول الأخرى وحريّ بنا أن نفخر بها وبرفعها اسم السودان واسم المرأة السودانية في المحافل الدولية.. وما كتبه نزار مخاطبًا جمهور الشعر السوداني تأثرًا وانفعالاً وإعجابًا بالشعر السوداني وكاتب الشعر السوداني شهادة عصر «لا تنمحي».. .. الإنسان في السودان... حادثة شعرية فريدة.. لا تتكرر ظاهرة غير طبيعية... خارقة من الخوارق... التي تحدث كل «عشرة آلاف» سنة مرة.. الإنسان السوداني هو الوارث الشرعي.. الباقي لتراثنا الشعري... هو الولد الشاطر... الذي لا يزال يحتفظ دون سائر الإخوة بمصباح الشعر... داخل غرفة نومه.. وبخزانة الشعر المقصبة التي كان يعلقها المتنبي في خزانة ملابسه.. كل سوداني عرفته.. كان شاعرًا.. أو راوي شعر.. ففي السودان إما أن تكون شاعرًا.. أو عاطلاً عن العمل... فالشعر في السودان.. هو جواز السفر... الذي يسمح لك بدخول المجتمع.. ويمنحك الجنسية السودانية.. الإنسان السوداني.. هو الولد الأصفى.. والأنقى.. والأطهر.. الذي لم يبع ثياب أبيه ومكتبته.. ليشتري بثمنها زجاجة خمر.. أو سيارة أمريكية.. .. ونأمل أن يستمر ذلك الولد الأصفى.. وتتفجر كل يوم إبداعات أبناء بلدي ويظل اسم السودان مرفوعاً هيبة وقوة وعلماً وإبداعاً وما قدمته لنا روضة تقدمه لنا أخريات في كل مجال مبدع سواء إبداع فكري أدبي أو علمي أو إنتاج مادي ملموس أو صناعات يدوية أو في تربية أجيال أرضعتهم الإبداع فجرى في عروقهم صافيًا نقيًا.. ومنها وإليهم تتحقّق معادلة الإبداع التي يجب أن نحرص عليها بخلق نفسية متفائلة «زائد تفكير منظم زائد هدف واضح زائد بيئة واعية يساوي إبداعًا»..!!