عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    رئيس مجلس السيادة القائد العام والرئيس التركي يجريان مباحثات مشتركة بشأن دعم وتعزيز علاقات التعاون المشترك    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آخر حوار للشهيد مكي علي بلايل مع الصحافة السودانية
نشر في الانتباهة يوم 23 - 08 - 2012


حوار: روضة الحلاوي تصوير: هالة نصر الله
في المساحة التالية تعيد الانتباهة نشر آخر حوار للشهيد مكي علي بلايل الذي نشر في يوم الاربعاء (20) رمضان الموافق (8) اغسطس الجاري تناول فيه الراهن السياسي بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق ومفاوضات الحكومة مع قطاع الشمال.
التقت «الإنتباهة» في حوار مطول أحد قيادات الحركة الإسلامية بجنوب كردفان «مكي بلايل»، فأكد أن سياسة التصفية والهمجية سمة من سمات الحركة الشعبية اتبعتها مع أبناء النوبة بصورة خاصة، موضحاً أن كل همّ الحركة هو إفراغ منطقة جنوب كردفان من قياداتها المناوئين لها سواء بالتصفية أو التعذيب حتى الموت، واصفاً أجندة الحركة قطاع الشمال التي طرحتها في التفاوض مع الحكومة بأنها مستفزة للرأي العام وللحكومة السودانية ولأبناء جبال النوبة الذين لم تتحدث عنهم الوثيقة إلا في سطر ونصف، وقال بلايل في حديثه إن عرمان مصاب بوهم المنتصر الذي يفاوض على شروطه، متوهِّماً أن أمريكا تقف من خلفه، ووصفه بأنه مجرم حرب من الدرجة الأولى ولا يحق له ولا لوليد حامد التحدث باسم مناطق جنوب كردفان، مؤكداً أن عرمان هو من أشعل نار الحرب في المنطقة وأن أكبر قياداتها مثل كودي وتابيتا بطرس وخميس جلاب على غير علم بذلك، وكثير من الملفات الساخنة ناقشناها معه:
أنت كنت واحداً من المستهدَفين من قِبل الحركة الشعبية وكانت هناك محاولة لاغتيالك.. نريدك أن تحدِّثنا عن أدبيات ذلك وأيضاً اغتيال إبراهيم بلندية؟
هذه سياسة منهجية متَّبعة من جانب الحركة الشعبية منذ وقت بعيد، والأمر ليس اغتيال بلندية أو استهداف بلايل، ولكن هناك عشرات الاغتيالات لا يعرفها الشعب السوداني في سلوك الحركة الشعبية، فهذه المحاولات تستهدف بصورة أساسية القيادات المناوئة لخط الحركة الشعبية، وكذلك قيادات الإدارة الأهلية باعتبارها مؤثرة في القبائل التي لا توافق على خط الحركة الشعبية، الخط العنصري الدكتاتوري الشيوعي، وكذلك تستهدف بوجه خاص الدعاة وأئمة المساجد، وللحركة الشعبية برنامج في السودان عموماً وفي مناطق سيطرتها على وجه الخصوص في جبال النوبة والنيل الأزرق تريد في إطار السودان الجديد إحداث تحوُّل ثقافي وعقائدي في منطقة جبال النوبة.
لماذا تريد الحركة أن تفرغ جنوب كردفان من قياداتها وأبنائها؟
تريد الحركة الشعبية أن تنفرد وتقول إنه ليس هناك صوت يمثل جبال النوبة في الحركة الشعبية، لا بد أن تصل لهذا، والحركة منهجها في العمل هو منهج الشيوعيين، بمعنى أن من هو ضدنا ليس له حق الحياة، هذا هو منهجنا، وإذا أُعطي حق الحياة فلا بد أنه يكون في السجون معذَّباً، فالحركة اعتادت على اغتيال قيادات أو سجنهم وتعذيبهم، وسجنهم عبارة عن حفر وبعضهم مات من شدة التعذيب داخل هذه الحفر أمثال «كوكو كمساري» «والنور جادين»، لهذا الحركة تريد أن تفرغ جبال النوبة من كل القيادات المناوئة لخطها.
عبد العزيز الحلو هل يمثل أهل جنوب كردفان؟
هو ليس من النوبة، بل من قبيلة المساليت، والإشكال ليس هو نوباوي أم لا ولكن هو غير مكترث لمعاناة أهل جبال النوبة أصلاً، بل هو وُظِّف من قِبل الحركة الشعبية للقضاء على قيادات النوبة والذين يحملون هموم أهلهم، فقد تم القضاء عليهم بالتصفيات لصالح أجندة الجنوبيين والأجندة الدولية التي تقف خلف الجنوبيين، فقام بهذا الدور بشكل ممتاز على مدار عشرين سنة، فقد كان الذراع الأيمن ليوسف كوة في استغلال أبناء النوبة في القتال لصالح الجنوب، وبعد الانفصال الآن هو يقوم بنفس الدور لأن المطلوب مرة أخرى أن يقاتل النوبة بحرب الوكالة لصالح أجندة دولة الجنوب ومن يقف خلفها، وهذا ما يحدث الآن.
ما رأيك في التفاوض مع قطاع الشمال؟ هل خُلقت له أر ضية لأن يبني عليها اتفاقًا ثابتاً؟
أولاً لا بد أن نفرِّق بين الأشياء، نحن من حيث المبدأ مع التفاوض، نقول ليس هناك حكمة لرفض الحوار، والحوار لا يعني تقديم أي تنازل، ورفض الحوار من حيث المبدأ يعطي رسالة خاطئة للرأي العام المحلي والدولي والإقليمي بأن هذا الطرف لا يريد أن يحل القضية إلا بالسلاح، لذلك هذه خطورة رفض الحوار من حيث المبدأ، وهذه فرصة سانحة لأصحِّح ما نُسب إليّ في صحيفة المجهر السياسي حيث ورد أني قلت إن عودة الحوار مع قطاع الشمال كارثة، وأنا لم أقل هذا أصلاً، فنحن مع الحوار، ولكن الحوار من أجل تثبيت الحق وليس من أجل تقديم تنازلات أو من أجل تحقيق رغبات الحركة الشعبية، الآن هناك موقفان معلنان في أديس أبابا.. الحركة الشعبية قدَّمت موقفها التفاوضي وكان فيه نوع من الاستفزاز للرأي العام السوداني وللحكومة السودانية ولأهل جبال النوبة، بمعنى أن الحركة أولاً اشترطت أن الحكومة تصدر بياناً اعتذارياً تعترف فيه بالاتفاقية الإطارية وأن يتم الاعتراف بقطاع الشمال بأنه حزب سياسي مع أنه يحمل السلاح حتى الآن، وهذا في المحادثات المباشرة أما في المفاوضات فمنطقة جبال النوبة والنيل الأزرق ورد ذكرها من بين ست صفحات في سطر ونصف فقط، وما تبقى هو وصاية كاملة لأهل دارفور وعلى شرق السودان وعلى مناطق السدود وعلى مشروع الجزيرة.. ودائماً تريد الحركة أن تكوِّن لجانًا من الطرفين «هي والوطني» لمناقشة مشكلات هذه المنطقة، «بمعنى أن يا السيسي والدوحة كل ما قمتم به كلام فارغ»، وكذلك اتفاقية سلام الشرق، ومعنى هذا أن الحركة هي الوصي للتفاوض في مثل هذه المناطق، وما قيل عن أنها تريد أن توحِّد السودانيين مرة أخرى، وفي تقديري أن الحركة تتحدث عن وهم كبير جداً بأنها منتصرة!! منتصرة بماذا؟ وأنا أطالب الحكومة السودانية بأن تثبت على الموقف الذي أعلن في أديس وجوهره أنه ليس هناك اتفاق جديد، ولكن هناك اتفاق نيفاشا، اتفاق تبقى فيه ما يجب أن يُنفَّذ ويُكمل، ثانياً أن تكون البداية بالملف الأمني والترتيبات الأمنية، والشيء الأساسي استيعاب من تنطبق عليه الشروط للعمل في القوات المسلحة أو القوات النظامية الأخرى، ومن لا تنطبق عليه الشروط أن يُسرَّح ثم التسوية السياسية لا بد أن يكون برأي أهل المنطقة جوهر المشورة الشعبية، وهذا الموقف نحن نؤمِّن عليه ونطالب الحكومة بعدم التراجع عنه.
الحركة من الواضح أنها لم تأتِ للاتفاقية للحوار حول منطقتي النيل الأزرق وجبال النوبة ولكن أتت لتقول إنها تمثل السودان من مناطق الهامش في دارفور إلى شرق السودان.. والجزيرة وهي جاءت لإعادة هيكلة الدولة السودانية.. وإعادة هيكلة الجيش السوداني، كما وضح من الوثيقة التي سُمِّيت مواقف الحركة الشعبية من هذه المفاوضات، ولكن هي تفعل ذلك وهي مستندة إلى القتال في بلاد النوبة والنيل الأزرق بمعنى أنه مطلوب من أهل هذه المناطق أن يدفعوا فاتورة الحرب دماء وأشلاء ونزوحًا وقتلى وتشريدًا من أجل تحقيق طموح أباطرة الحركة الشعبية.
هذا التفاوض والأجندة المطروحة فيه ماذا تستفيد منه مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق؟
إذا استثنينا الجانب الإنساني فإن كل الحديث عنها كان في سطر ونصف السطر فقط، فالواضح أن قيادة الشمال غير معنية بالنيل الأزرق وجنوب كردفان بل معنية بطموحاتها السياسية في كل السودان، لذلك هم يريدون التماهي أمام مشروعات القوى السياسية بالداخل إضافة لمكوِّنات ما يسمى بالجبهة الثورية إضافة للقوى الدولية التي تقف خلف كل هذا.. أهالي جبال النوبة قاتلوا عشرين عاماً في إطار الحركة الشعبية الأم ولم يجنوا شيئاً ووقعوا بروتكولاً بائساً، والدليل على ذلك عودتهم مرة أخرى للحرب وللأسف البرتوكول لم يتحسَّب لمصير أهالي جبال النوبة في الجيش الشعبي إذا حدث انفصال، وهذا أمر غريب، والآن ليس هناك أي شيء يمكن أن يجنيه أهل جبال النوبة والنيل الأزرق من هذه الورقة التي قُدِّمت بغرض التفاوض من قبل قطاع الشمال.
«طيب».. برأيك هل ياسر عرمان مؤهل لقيادة مثل هذا التفاوض والتحدث باسم أهل جنوب كردفان؟ وما علاقته بهذه المناطق؟
عرمان صُعِّد كقيادة منذ فترة قرنق، فهو والحلو وآخرون هم المجموعة التي أُطلق عليها «أولاد قرنق»، وأمر الحركة الشعبية في جنوب كردفان أمر غريب جداً بل هو مجال كبير لإجراء بحث، وأبناء المنطقة الذين لهم الغيرة الحقيقية على منطقتهم تمت تصفيتهم من قِبل الحركة الشعبية ولم يبقَ منهم أحد، وناب عن المنطقة الذين لا يكترثون بها أصلاً وغالبهم من خارج المنطقة ولا ينتمون للنوبة تحديداً بما في ذلك الحلو وعرمان، ومن الغرائب أن الذين قدموا ورق التفاوض الآن ومعلوم للرأي العام أن هذه الجولة ووفق القرار 2046 المحادثات بين الحكومتين لحل مشكلة منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق، هذا الذي نفهمه، لكن هاتين المنطقتين تحدثت عنهما في سطر ونصف في المذهب السياسي أم الإنساني، فقالت الحركة أن يصبح هناك خط إمداد لقوات الحركة الشعبية وهذا أمر آخر ولكنه يتعلق بالحركة.. وكل ما ورد في الوثيقة جبال النوبة غير معنية به، واللذان قدما الوثيقة هما عرمان ووليد حامد وأنتم تعلمون أن عرمان من الجزيرة ووليد من الشايقية وهذان الشخصان هما الوصيان على المنطقة ويتحدثان باسمها!!.
عرمان نفسه كان متهماً منذ البداية بإشعال جنوب كردفان وتم فتح بلاغ في مواجهته بالإنتربول.. هل سوف تسقط هذه الوثيقة بالتقادم؟
هنا يوجد تداخل بين ما هو سياسي وما هو قانوني، وللأسف هذا التداخل في منطق السياسة مختلف، فالآن نائب رئيس الجمهورية كان متهماً ومطارَداً والآن هو داخل القصر.. وبالمثل الحركة الشعبية كانت خارجة على القانون وإرهابية وعندما تم الاتفاق جبّ كل ذلك، لذلك لا تناقض، فنحن لا نعامل الجرائم السياسية بالمنطق الجنائي البحت، وهذا قد ينطبق على عرمان، ولكن الإشكال في أن عرمان هو مجرم حرب حقيقي، ويُفترض أن نتعامل معه بهذه العقلية، وهو الذي أشعل جنوب كردفان في المرة الأخيرة.. والذي لا يعلمه الناس أن هناك قيادات كبيرة من النوبة لم تكن تعلم بالحرب أمثال دانيال كودي وتابيتا بطرس وخميس جلاب والذين كانوا يعلمون هم حلقة ضيقة من مجموعة اليساريين، وهؤلاء هم الذين كانوا يعلمون بالحرب، ولعل عرمان هو آخر من ذهب ووضع اللمسات الأخيرة، ولأنه هو الذي اجتمع قبل ساعات من بدء العمليات كان اجتماعه بالحلو فهو المسؤول الأول عن إشعال الحرب الأخيرة وليس هذا فقط بل هو مسؤول عن استمرار هذه الحرب لأنه هو الذي سمح بالفرصة للمفاوضات مع رئيس الجمهورية وثاني يوم أعلن الاستمرار في الحرب.. ولكن المفترض أن لا يصدر أي اتفاق يسمح لعرمان أن يأتي مرة أخرى ليتحكّم في رقاب الناس، وسقف التفاوض من قبل الحكومة الآن سقف معقول وهو أنه لا توجد ترتيبات جديدة لقسمة السلطة حتى لا يأتي عرمان أو عقار نائب رئيس أو غيره، وأنا أدعو الحكومة أن تلتزم بذلك.. وإذا وضعت اتفاقيات جديدة للتسوية السياسية نرجع لإكمال نيفاشا، وهذا يعني تشاور أهل المنطقة عبر المشورة الشعبية بالبرلمان الذي انتخب وإذا تجاوزنا المشورة الشعبية ومع التشاور بالولاية مع كل القوى السياسية وهذا هو موقف الحكومة الآن.. وفيما يتعلق بالترتيبات الأمنية موقف الحكومة واضح، فالترتيبات الأمنية في نيفاشا الأولى اعترفت بثلاثة جيوش فقط الجيش السوداني وجيش الجنوب والوحدات المشتركة، وإذا حصل انفصال تحل الوحدات المشتركة وكل عنصر يرجع للجيش الذي أتى منه، ومعنى هذا أن من أتى من الجيش الشعبي يرجع له ويسرحوا ويصبحوا مواطنين فقط.
«طيب» أنتم قيادات في المنطقة هل تمت استشارتكم في هذا التفاوض؟ ومن الذي يمثلكم فيه؟
التفاوض أصلاً سواء كان نيفاشا الأولى أو هذه المفاوضات هو تفاوض الأقوياء حاملي السلاح، وهذا هو الأمر الواقع والمنطق، منطق من يملك القوة المسلحة، في نيفاشا كل القوى السياسية كانت خارج قاعة المفاوضات، كان المؤتمر الوطني الحاكم والذي يملك الجيش والأمن، والحركة الشعبية باعتبارها تملك السلاح والتفاوض كان معهم ليس لأنهم أعقل الناس أو أحكم الناس وإنما لأنهم يحملون السلاح، الآن الحكومة تجلس مع الحركة لأن الحكومة دستورية لهذا يمكن أن تمثلنا الحكومة في المفاوضات لكن تمثلنا باستصحاب رأينا السياسي فإذا هي واضعة اتفاقية لا تمثل رأينا السياسي لا نؤيد هذه الاتفاقية.
هل تمت استشارتكم ولديكم ممثلون؟
نعم استشارونا، ولكن ليس لدينا ممثلون، ووفد الحكومة جلس معنا ونوّرنا انهم ذاهبون للمفاوضات في نيفاشا، ونحن قلنا لنا وثائق قبل هذه المفاوضات وهي معروفة، وما طرحته الحكومة في المفاوضات يتفق معنا لحد كبير، فإذا حادت عن الطريق فسننتقد وإذا استمرت فسنكون مساندين للموقف الحكومي.
نفس سيناريو نيفاشا يتكرر الآن، عرمان يتحدث باسمكم وكذلك الحكومة؟
هذا ما ليس منه بد، رفضنا إذا كان رفضًا سياسيًا المجتمع الدولي يعرف أن هناك حكومة مسؤولة وأن هناك حركة أخلَّت بالسلام فالأمر كله الإتيان بالسلام للناس.. يبقى الجهة المسؤولة ليست الجهة التي لديها أفكار سياسية وإنما هي الجهة التي تملك السلاح، وهذا منطق الأمر الواقع وليس بجديد.. نحن لدينا مقدرة إدخال رأينا عن طريق القبول حتى الآن القناة أصبحت مفتوحة وفي الماضي أصلاً لم تتم استشارة أحد ونحن انتقدنا هذا كثيراً، وهذه المرة الحكومة دعتنا وأنها ذاهبة للتفاوض، وقالت ماذا ترون؟ وكلٌّ منا قال رأيه.
إذا قلنا لك قدِّم لنا أجندة لهذا التفاوض برؤيتك ماذا تقول؟
قبل عام قدمنا مبادرة تحتوي أولاً على ما أسميناه إجراءات بناء الثقة ثم التسوية النهائية وبها الترتيبات الأمنية والتسوية السياسية، هذه هي أجندة المفاوضات التي تدور في أديس أبابا باستثناء أن الحركة الشعبية فعلاً قدَّمت أجندة هي غير الأجندة التي يُفترض أن تقدَّم، هي أجندة تتحدث عن مناطق أخرى، وإعادة هيكلة الجيش، والعلاقة مع دولة الجنوب، ولكن الحكومة قدَّمت أجندة فيها التباحث حول المنطقتين، ترتيبات أمنية وتسوية سياسية وعمل انساني، وإذا طلب منا تقديم أجندة للتفاوض لن تخرج عن هذه الأشياء والتي كانت قبل عام.
هل حقيقة أن هذه القضية ستكون بمثابة فصل ثانٍ لجنوب كردفان إلحاقاً بالجنوب؟
لا.. ليس كذلك، والحركة الشعبية لم تطرح رأيها حول وثيقة الموقف وإنما قالت إن اللجان المكوَّنة أو التي نُصَّ عليها في الاتفاقية الإطارية تناقش قضايا المنطقتين، وغير معروف ماذا تطرح، ولكن الموقف الحكومي هو الموقف الصحيح والمسنود، ونيفاشا الأولى حسمت الأمر.. ولا أعتقد فيما يتعلق بالتفاوض الحالي أي إشارات لانفصال أو تقرير مصير.
هل الأجندة المطروحة الآن تهتم بقضايا جنوب كردفان في التنمية والتهميش بالنسبة لأبناء النوبة أم لم تطّلعوا عليها؟
هذه هي وثائق التفاوض أمامي لكن أصلاً لم تذكر هذه المناطق لا بتنمية أو غيرها، كل الذي ذكر بخصوص المنطقة لم يتعدّ السطر والنصف وما ذُكر كلُّه قضايا عامة.
من الشروط التي قدمت إعادة الوضع على ما كان عليه.. ما رأيك في هذا الشرط؟
إعادة الوضع على ما كان عليه فهذا توهم شخص يظن أنه جاء منتصراً فيُملي شروطة، وكون عرمان يملي شروطه لبدء المباحثات بأن يصدر بيان بالاعتراف بالاتفاقية الإطارية من حكومة السودان قبل أي شيء، والاعتراف بالحركة الشعبية كحزب عامل في السودان، ولا بد من إعادة مالك عقار، والحكومة تدرك جيداً أن هذا وهم، والحركة الشعبية لا تملك أي شيء إلا قوات قليلة محاصرة ولديها وهم أن السند الدولي خلفها والسند الدولي ليس شيكًا على بياض لأي شخص حتى إذا كان أمريكا تقف مع الحركة الشعبية، وهذا لا يعني أن هناك قدرة لأمريكا أن تفعل ما تشاء في السودان، وعرمان جاء ومعه وهم المنتصر لكي يُملي شروطه على الحكومة بما يشاء.
أنتم كأبناء للنوبة وقيادات في منطقة جنوب كردفان لم يعد لكم أي دور ملموس.. ما السبب؟
حال النوبة في ظل الحركة الشعبية حال يدعو للخجل والحياء، وأنا أعترف بذلك، وهذا الأمر تم نتيجة لعمل طويل، عندما خدع بعض النوبة بالعمل في الجيش الشعبي باعتبار أنهم مناطق التهميش وسوف يرفع عنهم هذا جون قرنق ومن معه، وبمكر شديد استغلوا هذا استغلالاً بشعاً، ولكي يستغل هذه القوة استغلالاً صحيحاً لا بد أن تكون قوة مقاتلة دون عقل سياسي، وكيف يفرق بين العقل السياسي والقوة المقاتلة؟ عن طريق تصفية كل الذين لهم الاستقلالية ولهم الغيرة على أهلهم، فقد تمت تصفيتهم بالعشرات، والذي لم يُقتل سُجن ولكن بعد الاستحواذ على النوبة باستخبارات الحركة الشعبية وتسليط الخائرين منهم وهم ليس لهم كلمة حقيقية لا في تفاوض ولا غيره، وما يجري في أديس أبابا من قيادات تبارك ما يفعله عرمان ووليد حامد والتي هي قيادات الشعبية قبل الانفصال، لم يكن لهم وجود.. واستطاعت الحركة الشعبية بأخطاء الشريك «المؤتمر الوطني» أن تفرض سيطرتها على جبال النوبة، وكانت رسالة الوطني خاطئة عندما عمد أن لا تكون هناك أي سلطة إلا للوطني وللحركة الشعبية، وأخطأ الوطني بصورة كبيرة عندما سمح للخدمة المدنية أن تسيّس لصالح الحركة الشعبية وتم استيعاب الآلاف في وظائف الولاية.. وأسوأ من ذلك كله المؤتمر الوطني ترك الحركة الشعبية أن تغلق عليها مناطق كاملة وتصنيفها مناطق محرمة لأي حزب سياسي بما في ذلك المسؤولون والدستوريون بأن لا يدخلوا هذه المناطق لعمل غسيل مخ كامل للناس لتسويق فتوحاتهم وتحاول أن تسيئ سمعة كل الذين لا ينتمون للحركة من القيادات وأقامت أجهزة أمنية موازية والحكومة سمحت بذلك.
كل ذلك جعل صوت قيادات النوبة منخفضاً.. الآن العشم في أن يكون صوت أبناء النوبة في المؤتمر الوطني أعلى.
إلى أي مدى سيظل أبناء النوبة مطية لغيرهم لتحقيق أحلامهم؟
إلى أن يعوا الدرس، والآن هم تبعوا الحركة الشعبية لمدة 20 عامًا وخرجوا من مولد نيفاشا بلا حمص، والآن أصبحوا مطية لليساريين يقاتلون والآن هم مهمشون ومشردون ونازحون، فلماذا يتبعون عرمان والحلو ووليد حامد سيأتي اليوم الذي يكتشفون فيه أنهم كانوا مطية للجنوبيين، والآن هم مطية لليساريين، ولن نقف لكي يأتي هذا اليوم ولكن سنبذل جهدنا بتوعية الناس ولكن متى سيعون الدرس ويفيقون للحقيقة؟ هذا في رحم الغيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.