صلاح عثمان حامد الحويج، صحفي مشهور بصلاح الحويج بدأ تعليمه الأولي بمدينة كوستي ثم الثانوي بمدينة أمدرمان ودرس بمعهد الدراسات المصرفية بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وعمل قبل أن يتخرج بمصرف النيلين وكان في نفس الوقت متعاوناً بمجلة الإذاعة والتلفزيون وبعد أن تخرج سافر للمملكة العربية السعودية حيث عمل بمصرف الراجحي بالرياض وفي نفس الوقت كان يدير صحيفة الخرطوم منذ العام 1983 حتى عاد للوطن بصورة نهائية في العام 2002م حيث عمل بصحيفة الخرطوم حتى تاريخ اليوم، متزوج وأب لخمسة من الأبناء، التقيناه في هذه المساحة ليحدثنا عن تجربته مع الاغتراب فكانت هذه إفاداته. حدِّثنا عن تجربتك مع الاغتراب كيف كانت؟ التجربة بالنسبة لي كانت تجربة ثرة وغنية جداً لأني عشت في مناخ اجتماعي وثقافي يختلف كثيراً جداً عن المناخ في السودان ويتمثل في أن الإنسان يتعرف على ثقافات شعوب أخرى التقيناها هناك من الشعوب العربية والآسيوية والأوربية حسب طبيعة العمل وهذه زادت من حصيلة المعرفة والثقافة لديّ بتجارب الشعوب الأخرى وفي نفس الوقت لأن الإنسان بطبعه اجتماعي كنا نبحث عن بني جلدتنا بتكوين علاقات اجتماعية تعوضنا عن الشعور بالغربة والبعد عن الوطن، وفي هذا الجانب وبحكم العمل والعلاقات مع الآخرين استطعنا التغلغل في المجتمع السوداني في الغربة من خلال التنظيمات الرياضية والثقافية والسياسية وباختصار شديد الغربة اضافت لي الكثير جداً من المعارف والعلاقات ولكنها بالطبع أخذت مني الكثير لكن بالرغم من ذلك استطعنا أن نخلق نوعًا من التوازن ما بين الأخذ والعطاء وكان همنا الأخير أن نقدم شيئًا للوطن وللأسرة. هنالك ملاحظة وهي أن معظم المغتربين ينتابهم نوع من القلق يدل على أنهم يعانون من شيء ما فما سر ذلك القلق؟ في الغربة المعاناة أكثرها نفسية لأنك تشعر بعدم الأمان رغم الشعور بالأمن فالراحة النفسية لا تشعر بها لأنك في وطن غير وطنك وتشعر بخوف من المجهول لكن في الوطن تشعر بالأمان وقد لا تشعر بالأمن، إضافة لهاجس البُعد عن الأهل أو فراق الأهل لأنك تكون دائماً مشغولاً بهم وهذه تأخذ منك بالرغم من الاستفادة المادية. هل واجهتك صعوبة في التأقلم في المجتمع في الغربة؟ على العكس فقد تأقلمت سريعاً، فالسوداني بطبيعته انسان عاطفي جداً واذا وجد كلمة طيبة من أي انسان مستعد لخلق علاقة طيبة وحميدة مع الآخر والسعوديون يتميزون بالطيبة وتقبل الآخر والسودانيون عُرفوا لدى السعوديين بالصدق والأمانة لذلك كانوا مقبولين جداً فمثلاً بنك الراجحي به ثلاثمائة فرع من «70 80%» من أمناء الصناديق «الصرافين» وهم سودانيون ولأن السوداني شهم بطبعه وذو نخوة فهو مقبول لدى السعوديين والذي يجمع بيننا من الصفات هو الكرم والشهامة وكثير من العادات العربية الأصيلة وهي كلها تستند إلى إرث إسلامي. على ذكر الاستفادة المادية هل استفدت من الغربة وما هو حصادك منها؟ مادياً بحمد الله امتلكتُ منزلاً خاصًا وكان لديَّ مجموعة من الأراضي بأمدرمان وكوستي إضافة لمساعدتي لأفراد الأسرة والأصدقاء والأهل، وبحمد الله أيضاً استطعت أن أعلم أبنائي أحسن تعليم فابني محمد خريج كلية هندسة البترول من جامعة السودان وابنتي د. تيسير طبيبة أسنان خريجة جامعة الخرطوم وتعمل بجامعة التقانة وكوثر خريجة علوم فيزياء من جامعة الخرطوم وتعمل بشركة زين وعبير تدرس كلية علوم رياضيات بجامعة الخرطوم وابني عمر يدرس بالمرحلة الثانوية بالصف الثاني. ما هي رؤيتك لسياسة جهاز المغتربين تجاه المغتربين؟ جهاز المغتربين عايشته وأعلم الكثير جداً عنه وربما ما أعلمه لا يعلمه الكثيرون، وفي فترة سابقة كنت من أشد المعارضين للجهاز في فترة التسعينيات لأني كنت أظن أن هناك إجحافًا من قبل الجهاز تجاه المغتربين وما كان يؤخذ من المغتربين من جبايات ورسوم وهذا كان انطباعًا عامًا وحتى الآن هو في نظر المغتربين كيان خاص للجباية، لكن بحكم معايشتي اللصيقة جداً بالجهاز تغير المفهوم وبدأ الجهاز يأخذ منحى آخر في الاهتمام بشؤون المغتربين الحقيقية ومعالجتها، وأعتقد أنه حقق نجاحًا كبيرًا جداً خاصة فيما يتعلق بالضرائب وكل المسميات الأخرى للجباية خاصة أن أكثر من «70%» من المغتربين خرجوا من مظلة الضرائب منذ العام «2005م» كذلك قضايا التعليم الجهاز أولاها اهتمامًا كبيرًا جداً منها مثلاً معادلة الشهادات العربية بالشهادة السودانية فقد كان في السابق يتم خصم أكثر من «10%» من النسبة المحرزة، والآن هناك امتحان القدرات وقبول أصحاب النسب الكبيرة في الكلية الراغب فيها وهذا إنجاز كبير، أيضاً في مجال الاستثمار فتح الجهاز نوافذ كبيرة جداً لكن هذا الأمر يحتاج الى إعلام كبير ويكفي النجاح في شركة المهاجر العالمية للاستثمار. بما أنك عملت صحفيًا بالمملكة هل هنالك مقارنة بين الإعلام السعودي والسوداني؟ أعتقد أن الإعلام السعودي متطور جداً في كل النواحي لأنهم استعانوا بخبرات أجنبية سواء كانت عربية أو آسيوية من ناحية التصميم والإخراج ومعالجة النصوص والكتاب، واعتقد ان السعوديين استفادوا كثيرًا جداً مما أتاحته لهم المملكة من تعليم عالٍ داخل وخارج المملكة، لذلك أعتقد أن الإعلام السعودي متقدم علينا كثيراً. ما هو المطلوب حتى يلحق إعلامنا بركب الدول المتطورة في مجال الإعلام؟ أولاً نحن هنا نفتقر لشيء مهم جداً وهو عملية التدريب، فالصحفي يحتاج إلى تنمية مهاراته وقدراته من خلال التدريب المستمر داخل وخارج السودان للوقوف على التطور، فالإعلام متطور يومياً والتقنيات كل يوم بها جديد ثم تهيئة الأجواء للصحفي من خلال توفير كل المعينات التي تساعد في العمل الصحفي، وأيضاً المؤسسات الصحفية تحتاج إلى تغيير في العمل الإداري حتى نستطيع المواكبة، فالإدارة النمطية القديمة صارت غير مجدية.