يتوارى الدكتور حيدر إبراهيم علي، مدير مركز الدراسات السودانية منذ تأسيسه خارج البلاد عام 1991 حتى اليوم، وراء حجج وتفنيدات واهية، وهو يحاول ستر عورة الجريرة التي ارتكبها بجعل يده هي السفلى، تتلقى المال الأمريكي من الصندوق الأمريكي لنشر الديمقراطية، حتى تسير بلادنا في اتجاه تماثلي مع المفهومات الأمريكية للديمقراطية وحتى يستجمع هو ومن شايعه من أصحاب الأهواء المفرقة والانتماء المزدوج، ما تناثر من غثاثات الترخُّص السياسي، ويستمتعوا ببلوغ النشوة بقضاء وطر في المضجع الأمريكي الفخيم لتخصيب بويضات التحوُّل الديمقراطي في العالم الفسيح. كتب الدكتور القابض كل عام على«60.400» ألف دولار أمريكي، من أخطر مؤسسات المخابرات الأمريكية، مقالاً بعنوان: «أخلاق الصحافة الصفراء الرزيقي «الإنتباهة» نموذجاً»، رداً على ما كتبناه قبل أيام، عن تبريراته وتسويغه لاستلام المال الأجنبي، لتشييد صروح الديمقراطية في السودان من الصندوق الوطني لنشر الديمقراطية (National Endowment for Democracy/ NED) . ولن نجادله غث حديثه ولن نجاذبه حبل شتائمه المهترئ، فللرجل مواجد وطرائق قددا، في لجم الحكمة وجعل البذاءة مرسلة تحلِّق بجناحين من ريش التوهُّم المزيَّف، وتلك حالة شابت العديد من المعارضين خاصة المتعلّمين منهم والمتثاقفين، ولم يكن ظهور الدكتور حيدر عند منعرج السنوات التسعين من القرن الماضي غداة تأسيس مركز الدراسات السودانية ما بين قاهرة المعز والرباط، إلا مثار أسئلة حائرة بين جمهرة من المعارضين، وذكر شاعر كبير ومعارض صميم حتى اليوم لصاحبه عندما هاتفه في لندن عقب تأسيس المركز بأن الدكتور حيدر قد وضع اسمه ضمن مجلس الإدارة، أن صاحبه سأله عن هذا الحيدر فقال له «إنه نبت شيطاني» ...!! ومن خصائص النبت الشيطاني، كما يقول المخيال الدائري الشعبي للمعنى، أنه يظهر بغتة بلا مقدمات صنعته الصدفة وأوجده الفراغ، أو ولدته دائرة من دوائر الشيطان ، خاصة إن كان من بين ترائب الشيطان الأكبر، ولد مركز الدراسات السودانية من صلب وترائب مؤسسات الدعم الأمريكية التي كانت تُسخِّر كلّ من تجد للعمل ضد بلاده وتهيئتها للتتبيع ونظمها في العقد المرقش لتوابع الفلك الأمريكي الشديد البهرج والبريق. ومن ذاك الوقت تعوّدت الأيادي السفلى لزمرة مثقفي اليسار ومن يدّعون النضال الناعم في الفنادق والأرصفة الباردة في عواصم الصقيع والدفء المتوسطي، أن تتاجر باسم السودان والسودانيين، وتعض بنواجذها البيض على رزم الدولارات، تتكسّب بقضايا وطنها وتتسوّل الموائد من أجل ورشة عمل وكتاب جديد وندوة مارقة ومحاضرة في قاعات الضوء الخافت أو تراقص في وله مجيد في صالات «الإستربتيز السياسي» ... ما أشرنا إليه كان واضحاً لم ينكره ناكر، وحاول تبريره الدكتور حيدر في مقاله الأخير، كل مؤداه ومفاده أن العمالة تتجلى في أبشع وأفظع صورها وتبدو شمطاء مستقبحة، عندما ترتبط باسم الدراسات والبحوث والعمل العلمي والدرس الأكاديمي، وللأسف صار مركز الدراسات السودانية ورئيسه المخلد فيه، إحدى مطايا الدوائر الاستخبارية الأمريكي ، يهبونه المال ليقدِّم خدماته ويفتحون له الأبواب ليرفع تقاريره، بلباس البحث العلمي وكتاباته التي لا تنتمي للعلم ورصانته وعمقه إنما لمدرسة كلامية ذات تخريج لفظي خواء. وما لم يستطع نفيه، ولن يقوى على ذلك، أنه قبض مع غيره هذه الأموال لقاء عمل يؤديه، ولا ينكر علاقته بالجهة الأمريكية التي أعطته ولم تبخل عليه، وهي لم تكشف في تقريرها الأسماء والمبالغ المدفوعة لربائبها من ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني السوداني، رغبة في فضحها، لكنها ملزمة بتوضيح مصارف وأوجه إنفاق ميزانيتها التي تدفع من جيب دافع الضرائب الأمريكي، فلماذا لا يحذو مركز الدراسات السودانية، مثل مانحيه ويعلن عن ميزانيته وأوجه صرفها؟ ولم نسمع طوال واحد وعشرين عاماً من قيام هذا المركز، عن انعقاد جمعيته العمومية أو الإعلان عن ميزانيته ومصروفاته ومصادر تمويله. يعلم الدكتور حيدر أن الجهات الأمريكية التي تعطيه هذه المبالغ كل سنة، لا تعطيها وتهبها له صدقة، تمنحه مقابل مهمته المحددة وهو سيد العارفين بالثقافة الأمريكية التي تعتقد أنه (no free lunch)، فهل أعطوه لسواد عيونه أم لأنه بيدق في رقعة شطرنج ؟؟