كان لافتًًا للنظر ومثيرًا للفضول ضمن حزمة الإجراءات الأمنية التي أعلنها والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر لضبط الأوضاع الأمنية بالولاية عقب محاولات الاغتيال التي جرت مؤخرًا ضد معتمدي محليتي الواحة وكتم أودت بحياة الأول تلك الفقرة التي أشارت إلى إصدار أمر طوارئ رقم واحد يقضى بمنع استخدام القناع الذي يعرف ب «الكدمول» في كل أرجاء الولاية. والكد مول عبارة عن غطاء أو عمامة ملونة تتميز بأكثر من لفافة على الرأس يغطَّى بها الرأس والوجه حتى أسفل العنق بغية إخفاء شخصية مرتديه وإن بدأ الكد مول زيًا لبعض أهالي المنطقة التي تتميز بارتفاع درجة الحرارة والأتربة مؤخرًا إلا أن البعض يقول إنه جاء إليها من دول مجاورة ولكن بدأ البعض استخدامه في الحرب والسلب والنهب والاغتيالات مما حدا بالوالي إلى تضمينه ضمن الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذها. وللإجابة عن سؤال هل الكدمول بكل هذه الخطورة التي تجعل الوالي يصدر أمرًا بمنع ارتدائه؟ وهل يساعد حظره في إيقاف أو التخفيف من حدة وكثرة جرائم الاغتيال والنهب التي انتظمت مدن ومحليات الولاية مؤخرًا؟ «الإنتباهة» هاتفت المهتم بالشأن الدارفوري الكاتب عبد الله آدم خاطر الذي أكد خطورة الكدمول ويدلل على ذلك بالقول: «الشخص الذي يرتدي الكدمول تكون معالمه غير واضحة خاصة عندما يكون مزوَّدًا بالسلاح وهو وسط مجموعة من الناس مما يساعد في عملية الإفلات من الجريمة والعقوبة» ويؤكد خاطر أن منع ارتداء الكدمول يساعد من الناحية العملية على عدم الإفلات من الجريمة ويؤدي إلى كشف غموض بعض الجرائم ومرتكبيها. وكانت حركة التحرير جناح مناوي عقب وصول قياداتها للخرطوم بعد سلام أبوجا في «2006» ظل منسوبوها من فرق الحراسة التابعة لقيادات الحركة وعلى رأسها مني مناوي يتوشحون بالكدمول وكان أمرًا مقلقًا جوبه باستنكار من كل الأوساط ويشير مراسل «الإنتباهة» بولاية شمال دارفور مالك دهب إلى أن الجرائم بسبب الكدمول تحدث نهارًا وليس ليلاً وأن مرتكبيها لا يتم التعرف عليهم بسهولة، وقال إن الكدمول يوجد بكثرة في المدن والمحليات البعيدة عن عاصمة الولاية، ولكنه أشار إلى انخفاض سريع للظاهرة بعد صدور الإجراءات الأمنية ومنع ارتداء الكدمول بسبب إلقاء القبض على كل من يرتديه والتحقيق معه. عبد الله آدم خاطر أكد ل«الانتباهة» أن الكدمول لفظة تشادية، ويدلل على ذلك بأن من يستخدمونه ليسوا بسودانيين وأشار إلى أن هذا يحسم ما يدور من نقاش يشير لوجود بعض الأجانب يُشتبه في ضلوعهم في بعض الجرائم هناك، ويشير خاطر إلى لهجات وكلمات يستخدمها هؤلاء مثل كلمة «كلامه» في إشارة للهاتف الخلوي أو «الموبايل» وكلمة «كيلا سكر» والمقصود «كيلو سكر» ومجمل هذه الألفاظ إضافة للكدمول يقول خاطر «تعني أن الظاهرة ليست كلها سودانية». حديث ضيفي بأن الكدمول وافد إلى السودان تؤكده بعض المعلومات التي أشارت الى أن هذا النوع من الغطاء ترتديه عدد من العشائر والقبائل الصحراوية في الساحل الشمالي الغربي من إفريقيا من بينها مجموعة الطوارق الذين يوجدون في شمال مالي والنيجر، ويشار إلى أنه دخل إلى دارفور مع دخول التمرد والحركات المسلحة للإقليم واستلهمته الحركات من نظيراتها التشادية التي كانت ومازالت تصارع الأنظمه هناك. ويرى البعض في الكدمول لبسًا صحراويًا يقي الرأس والوجه من الحر والبرد والرياح التي تتسم بها مناطق دارفور لذا فهو يُلبس لحماية الوجه والرأس من عوامل الطبيعة الصحراوية القاسية وهو ربما الذي شجع بعض الحركات المسلحة على استخدامه في عملياتهم العسكرية ضد القوات المسلحة ولكنه الآن صار غطاءً مشبوهًا بعد أن بدأ استخدامه في الاغتيالات والعمليات السرية مما قاد حكومة الولاية لحظر ارتدائه، وبذلك صار الكدمول ربما أول أنواع الأزياء الممنوعة بأمر الوالي، ولكن ما يتطلب الإشارة إليه أن الوالي كبر أراد كشف وجوه خصومه على الأقل، وإن كانت الأحداث التي جرت بولايته كشفت عن وجه آخر لولاية شمال دارفور، ربما ظل كبر يخفيه بكدمول من نوع آخر!!