لم تسلم مؤتمرات الحركة الإسلامية التي قامت مؤخراً في معظم ولايات البلاد من النقد إما للطريقة التي قامت بها هذه المؤتمرات أو المؤتمرين الذين أمّوها، أو توزيع رقاع الدعوات التي أغفلت الكثيرين من الإسلاميين الذين لهم وزنهم وتاريخهم في مسيرة الحركة الإسلامية، هذا التكوين الإسلامي الذي له قواعده ومرجعياته التي أرست دعائم حكومة الإنقاذ وجعلتها منبراً يجتمع حوله الناس ليستمعوا إلى خطبائه ذات الرسالة الإسلامية الخالصة التي راحت دونها أرواح وعقول قل أن يجود الزمان بمثلها. من خلال تتبعنا لمسيرة تلك المؤتمرات تلاحظ أنها قد أغفلت القواعد والمبادئ التي كانت تتركز عليها الحركة الإسلامية من حيث الفترات التي يجب أن يمضيها الأشخاص في تولي إمرتها أو غيرها من عدم تعمق في قضايا التنظيم والبعد عن المشكلات الحقيقية التي تعترض مسيرته، بالإضافة لإغفال الأوراق التي قُدِّمت عن كثير من النوبات والاهتزازات التي تعرض لها جسم التكوين الإسلامي والتي جاءت جميعها لغياب المؤسسية والمرجعية التي ينبغي أن يُحتكم إليها كلما ادلهم أمرٌ في محيط التنظيم للبس والاختلاط الذي حل في كثير من أوراقه ما بين نظام حاكم وتنظيم أتى بالنظام وبمن يحكمون كان واجبًا عليهم الاهتداء بمبادئه وأدبياته ومرجعياته بعيداً عن حسابات السيطرة والهيمنة. إن مبادئ الحركة الإسلامية احترام الإمرة والاقتداء والإبشار، وهي مبادئ ارتكزت عليها كل منجزات الإنقاذ الناجحة كأرضية صلبة لا يعرف ثمنها الآن المنتفعون والمندسون الذين يقلون عند الفزع ويكثرون عند الطمع وهم كثر في المؤتمرات التي قامت حديثاً، إن للحركة الإسلامية أبناءها من أصحاب المبادئ الذين اكتووا بنيران إرساء دعائم حكومة الإنقاذ سواء بالجهاد في الأحراش والأدغال أو في المنابر والمناظرات بالكلمة القوية والرصينة قد أغفلتهم رقاع الدعوات لحضور هذه المؤتمرات لا ندري لماذا كان هذا هل جاء سهواً أم قصداً وبمن استعانت مكاتب الحركة في التعرف على هؤلاء الذين وجهت إليهم الدعوات هل استعانت بأشخاص أم بما لديها من مرجعيات واستبيانات سابقة لا أدري؟ فإن كانت الدعوة لم توجه لهؤلاء سهواً فذاك هو الخطأ الكبير، وإن لم توجه إليهم قصداً فذلك هو الخطأ الأكبر الذي يُعتبر مهدداً حقيقياً لمسيرة التكوين ومستقبله، لأن إبعاد مثل هذه العناصر التي تحمل مبادئ وأفكار الحركة الإسلامية في جنباتها وصدورها في تضييع وفصل لمسيرة جيل بأكمله عن تاريخ الحركة الإسلامية وذاك إضعاف لتكوين الحركة الإسلامية. وللحفاظ على بنيات التنظيم يجب التقيد بما تووثق عليه من مرجعيات في كل الظروف والأحوال. إنما جرى في مؤتمرات الحركة الإسلامية الأخيرة لأمر يثير شفقة الحادبين على مصلحة هذا التنظيم الحقيقية حاضراً ومستقبلاً، وليس الباحثين عن منفعة لحظية يحصلون عليها الآن في هذه المؤتمرات التي جاءوا إليها دون أدنى معرفة عن الحركة الإسلامية إن القلة من أعضاء الحركة الإسلامية الحقيقيين الذين نالوا فرصة لحضور هذه المؤتمرات قد اخطروا لكسر حاجز الحرج والجمود الذي أصاب تلك المؤتمرات أخطروا لأن يرووا تاريخ انضمامهم للحركة الإسلامية أو قل تجندهم بها ليكسروا حاجز الرتابة والملل، وهذا الشيء يؤكده أيضاً ما جاء في كتابات البعض التي كان أحسنها الإشادات التي جاءت بخطاب شيخ علي عثمان محمد طه الذي ألقاه في مؤتمر ولاية الخرطوم عدا ذلك فجميع الكتابات كانت انتقاداً لتلك المؤتمرات ومخرجاتها التي جاءت بعيدة كل البعد عن مرجعيات الحركة الإسلامية وأهدافها. ما يجب ألا يغفل هو أن الحركة الإسلامية كتنظيم له مبادئه التي ارتكز عليها وهي تميزه عن سائر التنظيمات بالبلاد وهي أن جعل الإسلام منهاج حياة متكامل يطبق في كل مفاصل الدولة الإسلامية وهو الشيء الذي أكسب هذا التكوين عضوية مؤمنة بقضاياها وما تحمله من أفكار وهو الإرث الذي قامت عليه الحركة الإسلامية وحافظت عليه عبر مختلف الحقب وفترات الحكم والتي كانت فيها الحركة الإسلامية في المعارضة تدافع عن الحق وهي خارج السلطة والآن قد تهيأ لها أن يكون زمام الأمور في يدها فماذا هي فاعلة هل تفعل ما اختطته من مبادئ مقابل الحرص على غيرها. إن عضوية الحركة الإسلامية ليست كرت دعوة نقدمه لحضور المؤتمرات، إنما هي إيمان بالمبادئ واقتداء بسلف ومدرسة تربي الأجيال لهذا لا يمكن أن تُختزل كل هذه الموروثات والأدبيات في أشياء شكلية لا ترتكز على أسس أو مرجعيات. إن ما رأيناه وقرأنا عنه عن مؤتمرات الحركة الإسلامية التي قامت في الفترة الماضية لا ينبئ بخير قد يعود على التنظيم مستقبلاً، فإن كنا حريصين على بقاء مكون إسلامي قوي يحمي مكتسبات هذه الأمة كما كان يفعل في السابق فعلينا أن نعيد النظر في بعض الأمور التي تمت وما هو قادم.