مقترحات كثيرة وجلسات عديدة عقدت بشأن معالجة المشكلة في أبيي، آخرها ما نوقش في مفاوضات الرئيسين البشير وسلفا كير بأديس أبابا أخيراً، رغم ذلك ظلت المسألة عصية ولم تستطع الخروج من المنطقة الحرجة التي وجدت أبيي نفسها فيها بسبب اتفاقية نيفاشا. فكلما يشار إلى أنها اقتربت من الحل، تتلكأ بين مقترح الوسطاء ومطالب جنوب السودان، وتمسك السودان ببروتوكول المنطقة الذي أقرته نيفاشا. وأكد رئيس التفاوض طرف الحكومة أن رفضهم لمقترح الجولة السابق لأنه سلب مفوضية أبيي حق تحديد معايير المواطنة، واقترح رئيساً للمفوضية من خارج الطرفين، الشيء الذي وقفت ضده الحكومة السودانية بصلابة، فتقف أبيي بذلك في نقطة لم تستطع الأوساط المختلفة والمجتمع الدولي تحريكها منها، ما دعا رئيس جنوب السودان يطالب بنقلها لمجلس السلم والأمن الأفريقي الذي ينعقد بعد غد بشأن المنطقة، بعد أن وقفت حجر عثرة أمام اتفاق أديس أبابا، الذي وقع أخيراً بين الخرطوم وجوبا، وضم «9» بنود، لم تضم أبيي والمناطق الحدودية، الأمر الذي جعل القوى المعارضة تتكهن بعودة الحرب بين البلدين بسبب هذه المنطقة. وكان البرتوكول الموقع عليه حول أبيي هو اقتراح أمريكي محض تقدم به المندوب الأمريكي كحل وسط عندما احتدم الخلاف حول أبيي في المفاوضات، لأن الحكومة أصرت منذ البداية على تطبيق حدود 1956 المتفق عليها في بروتوكول ماشاكوس كفاصل بين الشمال والجنوب، وأصرت الحركة أن أبيي تابعة لبحر الغزال وبها عموديات دينكا نقوك التسع التي ضمها الانجليز إدارياً في العام 1905م إلى مديرية كردفان. وحول سيناريوهات قرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي المزمع انعقاده بشأن المنطقة بالعاصمة الإثيوبية بعد غدٍ يقول القيادي المسيري وابن المنطقة الأستاذ عبد الرسول النور ل«الإنتباهة»: «إنهم وإلى الآن لم يسمعوا رأياً قاطعاً من الحكومة بشأن أبيي، وكل ما سمعوه مجرد حديث متناقل عبر وسائط الإعلام المختلفة». وقال: «ما نقله المبعوث الروسي لا يمثل الحكومة لأن رأي الحكومة يجب أن يؤخذ من الحكومة نفسها وليس من المبعوث الروسي». مؤكداً رفضهم للمقترح الداعي إلى تقسيم المنطقة. وقال: «إن ذلك من شأنه تقسيم قبيلة المسيرية إلى قسمين شمالي وجنوبي، وبالتالي يقطع أوصال الأسر». مؤكداً أن المقترح هذا يتنافى مع إعلان مبادئ الإيقاد والبروتوكول الذي يحدد الجنوب بحدود 1-1-1956م، معلناً تمسكهم بهذه الحدود، وأن أي مقترح يقسم أبيي إلى قسمين مرفوض تماماً، ويضع قبيلة المسيرية في خيار صعب إما أن تكون مع الجنوب أو مع الشمال. وأضاف بقوله إن الحكومة لا يمكن أن توافق على شطر الأراضي الشمالية ترضية للمجتمع الدولي. وطالب عبد الرسول بضرورة أن يكون لهم ممثلون في جلسة مجلس السلم الإفريقي في جلسته بعد غد بشأن المنطقة لدعم موقف الحكومة الرافض للتقسيم. مؤكداً أن اتخاذ المجلس لأي رأي أو قرار بدون رأي القبيلة، لن يحقق السلام ويكون السودان بذلك قد خسر الوحدة ولم يربح السلام، مؤكداً أن رأيهم هذا لم يكن بشأن أبيي وحدها، وإنما بشأن كل المناطق المختلف حولها «14» ميل وهجليج وحفرة النحاس وكل مناطق التماس. ويقول قيادي حزبي رفيع تحدث ل«الإنتباهة» - فضل حجب اسمه -إنه وكما تنازلت الحكومة في حال جبال النوبة وفى حال جنوب النيل الأزرق، تنازلت أيضا في منطقة أبيي وأعطتها وضعاً إدارياً متميزاً تابعاً لرئاسة الجمهورية، كما أعطتها حق تقرير المصير بعد الفترة الانتقالية، وعزا تفاقم مشكلة أبيي إلى الموقف الحكومي المتساهل. كما يقول متحدثون وسياسيون آخرون إن الحكومة تساهلت كثيراً في قبول المقترح الأمريكي الذي انحاز لموقف الحركة الشعبية، وقبلت أن يكون الخبراء الدوليون هم الحكم النهائي في ترسيم حدود سودانية سبق أن حسمت عند الاستقلال، وبتوقيع ماشاكوس الذي اعتمد حدود 1956م، ورضيت أن يكون كل الخبراء من الغربيين والأفارقة الذين عرفوا بانحيازهم لموقف الحركة وتحت رئاسة أمريكية سياسية تريد إرضاء اللوبي الموالي للحركة في أمريكا، كما تريد أن تضع يدها على كميات البترول الهائلة التي تزخر بها منطقة غرب كردفان. إذن فإن اجتماع مجلس السلم الإفريقي بعد أيام قليلة، من شأنه أن يضع أبيي في المنطقة الحرجة على الأقل حتى إشعار آخر.