قبل أن يقوم رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت بزيارة إلى الخرطوم، وصفها برلمان دولته بأنها ستكون تاريخية وداعمه لاتفاق التعاون المشترك بين الدولتين الذي اعتبره فاتحة خير لتبادل المنافع الاقتصاية والأمنية والاجتماعية، وقبل هذه الزيارة جاء في الأخبار أن الجيش الشعبي الذي يقوده سلفا كير نفسه قد سلم حركة العدل والمساواة سبعين سيارة لا ندكروزر لاستخدامها في العمليات الحربية، إضافة بالطبع إلى عمليات العدوان على المناطق السكنية البعيدة عن الحاميات العسكرية، ولها في ذلك سوابق كثيرة أشارت إليها حتى تقارير وزارة الخارجية الأمريكية. وجاء في الخبر أن بعض قادة الجيش الشعبي الذين وقفوا على عملية التسليم أفادوا رئيس الحركة المتمردة جبريل ابراهيم «شقيق خليل ابراهيم» بأن ما تسلمه من آليات وأسلحة «يُعد آخر تعامل بين الطرفين»، أي أن ما قامت به حكومة الجنوب مع الحركة المتمردة هو «وداع» وليس إبعاداً كما هو مطلوب، وكانت حفلة الوداع تسليم الحركة المتمردة الآليات والأسلحة العسكرية، ويقول برلمان الجنوب كما أوردنا آنفاً إن زيارة سلفا كير ستكون فاتحة خير لتبادل المنافع «الأمنية».. والسؤال هنا: هل يدخل تسليم الآليات والأسلحة للمتمردين لاستخدامها ضد المواطنين في تبادل المنافع الأمنية؟! ولم يكن برلمان دولة الجنوب دقيقاً وهو يتحدث عن منافع أمنية وكذلك اجتماعية، لأن المشكلة الأمنية تفرز المشكلات الاجتماعية بالطبع، وكان يتحدث فقط عن منافع اقتصادية متمثلة في عائدات رسوم النفط، لكنه زمان «الجهالة السياسية». إعدام تلفون التغطية مستمرة أصبحت قضية المعتقل السوداني بسجون دولة جنوب السودان السيد تلفون كوكو أبو جلحة ملفاً مهماً لعله سيكون نبراساً لأبناء منطقته «جبال النوبة» وأبناء ولايته «جنوب كردفان» من نوبة وحوازمة ومسيرية وغيرهم، يضيء لهم طريق النضال الصادق لنهضة الولاية في مختلف الأصعدة. وبغض النظر عن صحة تلك التوصية التي قدمها الجيش الشعبي بدولة جنوب السودان للرئيس سلفا كير وفيها مطالبة بتنفيذ الإعدام على المواطن السوداني تلفون كوكو، فإن أية أخبار تشير إلى أحواله سواء أكانت حقيقية أو من باب الشائعات، فإن تناولها بأي شكل ينعش الذاكرة، ويذكر بأن الحركة الشعبية لا ترى في أبناء النوبة غير أنهم وقود لحربها ضد الخرطوم، وإذا كان عبد العزيز الحلو ليس من أب من جبال النوبة، فإن الحركة الشعبية ممثلة في قيادتها الجنوبية العليا في جوبا قد قدّرت أنه الأنسب لقيادة أبناء النوبة وقيادة الحرب بهم في مناطقهم للاستفادة من عدم انتمائه لهم من ناحية الأب، فتضمن بذلك أن يكون مطيعاً لأوامر القيادة العليا حتى وإن جاءت على حساب مصالح أبناء النوبة، وما تسببه الحركة الشعبية الآن في مناطق النوبة من نسف للاستقرار وبؤس في العيش لا يمكن أن يقبله أمثال تلفون كوكو ودانيال كودي وعبد المسيح، ولم يكن يقبله قبل رحيلهما يوسف كوة وفيليب عباس غبوش. لكن الحلو وعرمان وعقار يقبلونه لأبناء النوبة. الحزب الشيوعي «المتأمرك» الحزب الشيوعي السوداني وصلت به الأيام إلى اللحظة التي يقول فيها بلا حياء سياسي ولا مراعاة لتاريخه «تحت عنوان الجبهة المعادية للاستعمار» بأن التراجع الأمريكي عن دعم التحول الديمقراطي بالسودان يصل إلى «180» درجة، ويريد أن يقول إنه تراجع كبير. إذن أولاً نقول «بشرى لهذه الحكومة».. فقد أخزت واشنطن المعارضة السودانية بما فيها الحزب الشيوعي «المتأمرك». ثم لماذا ينتظر الشيوعيون أمريكا لإسقاط الحكومة تحت عنوان دعم «التحول الديمقراطي»؟! ما هو المقابل الذي ستتقاضاه واشنطن؟! وما هي مصلحة واشنطن؟! وهل لو كانت لها مصلحة كانت تراجعت 180 درجة؟! الحزب الشيوعي أصبح يتيماً بعد أفول نجم موسكو وعزاؤه مثل هذه التصريحات التعسفية.