دبّت الحركة صباح أمس في قاعة الصداقة بصورة لافتة فجميع المؤتمرين بشأن مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن كانوا كالنحل لحظة انشغاله بأمره وليسوا القائمين على المراسم واللجان الفنية والأمنية.. ولكن لم تكن التحركات هنا وهناك عفوية وجاءت بحسب مقتضيات الحضور الكثيف وتوافد الإخوان من كل الولايات.. باختصار كان الأمر على علاقة وثيقة بفعاليات اليوم الثاني للمؤتمر وتحديدًا الجلسة الأولى ليوم أمس التي خُصصت لمناقشة دستور الحركة توطئة لإجازته وعندما دخل الجميع القاعة الرئاسية حدث ما لم يكن في الحسبان عند التداول حول الدستور.. «الإنتباهة» كانت حضورًا ولذلك نلقي الضوء على بعض مجريات الأحداث في اليوم الثاني للمؤتمر الذي تختتم فعالياته اليوم. «الإنتباهة» تخترق المؤتمر كانت ملامح التشديد في إجراءات الدخول لمقر المؤتمر بائنة وبشكل لافت حيث خُصصت الجلسة لمناقشة الدستور وكانت حصرية على عضوية المؤتمر ولم تشفع لنا بطاقة بصفة المراقب ناهيك عن اللجنة الإعلامية في المؤتمر للدخول ولكن بطريقة لا داعي لسردها هنا تمكنا من الدخول ومتابعة الجلسة الساخنة وللمفارقة أن المؤتمرين لم يقع بينهم أي خلاف حول دستور الحركة الذي تمت إجازته بواسطة مجلس الشورى في دورة انعقاده الثامنة في 11 مايو الماضي الذي حوى «32» مادة إلا في مادتين فقط لا غير وهما المادة «20» المتعلقة بمهام مجلس الشورى وتحديدا الفقرة «2» التي تنص على أن إحدى مهام مجلس الشورى القومي انتخاب الأمين العام.. والخلاف الثاني في المادة «22» القيادة العليا والتي مفادها « تنشأ القيادة العليا للحركة الإسلامية من قيادات الحركة العليا في الصعيد التنفيذي والسياسي والخاص المنتخبين وفقاً لمرجعيات ونظم مؤسساتهم». ودار نقاش عنيف وسط المؤتمرين وحدث شد وجذب ومشاحنات وساد المؤتمر حالة من التوتر بين الانقسام العنيف الذي ضرب صفوف المؤتمرين فإحدى المؤتمِرات من شمال كردفان أعلنت التشكيك في المؤتمر حال تم انتخاب الأمين العام من مجلس الشورى وأعلنت تأييدها لاختياره من المؤتمر العام وكان الرأي الغالب اختيار الأمين العام من المؤتمر العام وفقاً لما تم في المؤتمر السادس عندما وُضع صندوقان وتم الترشيح لاختيار الأمين بين علي عثمان محمد طه ود. غازي صلاح الدين العتباني وحدث تنافس شديد بينهما وفاز طه. وكان كلما يقترح عضو اختيار الأمين العام من مجلس الشورى الذي سيتم انتخابه اليوم كان كثير من الحضور يهمهم في إشارة لرفض الخطوة. لكن في النهاية خضع الأمر للتصويت وكانت الغلبة لأصحاب رأي انتخاب الأمين بواسطة الشورى وصوت لذلك «1800» مقابل «600» لاختيار الأمين بواسطة المؤتمر العام. القيادات.. تقوية مجلس الشورى!! النقاش الكثيف وهياج البعض مطالباً بإعطائه الفرصة دفعت الوزير د. مصطفى عثمان إسماعيل للتعليق على أن الخلاف الحقيقي بين الجميع حول الدستور انحصر في المادتين المذكورتين بشأن انتخاب الأمين العام من الشورى أم المؤتمر العام؟ ومسألة القيادة العليا واقترح مصطفى حصر النقاش حولهما فقط، وبالفعل ظل الجدل قائماً بينهما ونالت مستشار الرئيس الأسبق بدرية سليمان فرصة للحديث وطوّفت حول القوانين وضرورة التعمق فيها ومناقشتها بموضوعية ثم عضدت رأي اختيار الأمين العام بواسطة مجلس الشورى واستشاط البعض غضباً وقال عدد منهم بصوت عالٍ« دي ما حركة إسلامية» وأيدت أمينة المرأة سابقاً بوطني الجزيرة إقبال الطيب رأي اختيار الأمين بواسطة الشورى وخالفها وبشدة حسن رزق الرأي. الإسلاميون.. «من الملاواه إلى المدافرة» وسط بعض «الدغمسة» أثناء التداول حول دستور الحركة منح رئيس الجلسة الطيب محمد «سيخة» فرصة الحديث للوزير الأسبق الزبير محمد الحسن ولأن الجو سادته حالة من السخونة حاول سيخة تلطيف الأجواء وقال نعطي الفرصة لشيخ الزبير أحمد الحسن وهو زول حافظ القرآن الكريم ورجل بخاف الله وبقول كلمة الحق وبالفعل هدأ المؤتمرون بعض الشيء وبدا الزبير حديثه بالقول أذكِّر نفسي وإياكم بتقوى الله ونحن حركة إسلامية و«المدافرة والملاواة» الحاصلة في الحزب نحن ما دايرين ننقلها هنا نحن نريد «نسوي دين هناك» واعتبر أنه لو كانت هناك سوء مظان حول اختيار القيادة العليا فهي تبقى مشكلة» ومعلوم أن الجدل الذي انصب حول القيادة العليا حوى في طياته تشكيكاً وتخوفاً حول إمكانية سيطرة الحكومة أو قيادة الحزب على الحركة الإسلامية من خلال تقييد الأمين العام وممارسة دور الوصاية عليه وهذا ما دفع الزبير للقول « ما في مشكلة لو جلس رئيس الجمهورية وهو المنتخب من المؤتمر الوطني ومن الحركة الإسلامية مع الأمين العام إضافة إلى بعض القيادات لوضع السياسات العامة للحركة والدولة» وأضاف إذا نحن نشكك في رئيس الجمهورية ونعتبره سيخدع الحركة الإسلامية فهذا يعني أن الرئيس يخدع كل الشعب السوداني، وختم حديثه بأن لا غضاضة في تمرير المادتين كما وردتا في الدستور ولعله للمكانة التي يحظى بها الزبير داخل الحركة الإسلامية هدأ الناس بعض الشيء. كما مُنحت الفرصة لنائب الرئيس د. الحاج آدم والطريف أن سيخة قال له تفضل يا الأمين العام مما أضحك الحضور وساهمت تلك القفشة في تهدئة الحضور، وكان الحاج آدم ذكيا عندما مضى في اتجاه آخر من الحديث وقال إن الحالة التي عليها الإخوان الآن ما عاجباني ووصف الجو بالمليء بالمشاحنات والمخاشنات واقترح عدم أخذ أي قرار إلا بعد أن يهدأ الناس قليلاً خشية اتخاذ قرار يكون فيه نوع من التسرُّع. كما حظي د. نافع علي نافع بفرصة وكان من أنصار اختيار الأمين العام بواسطة مجلس الشورى لكنه قدّم رؤية جيدة من خلال التأكيد على أن انتخاب الأمين العام ليس بالغاية وإنما وسيلة لقيادة الناس والائتمار بأمره وقال إن مجلس الشورى منتخب من المؤتمر العام وبالتالي من الممكن جدا رختيار الأمين العام بواسطته وأضاف «إن الشورى قوية من قوة المؤتمر نفسه». بعد كلمة نافع انتزع أحد الحضور فرصة الحديث وتقدّم نحو المنصة وقال:« لا يعقل أن تظل ذات القيادات تتحدث طيلة هذة السنوات وأن المؤتمر العام كل أربع سنوات وهو ثلاثة أيام فقط فاعطونا فرصة الحديث» وههل كثيرون وكبروا لرأيه ونقلت الشاشات صورة د. نافع الذي لم يبدِ عليه ضيقاً من حديث العضو الغاضب.. وإجمالاً فقد حدثت شورى حقيقية داخل أروقه المؤتمر تمنى كثيرون استمرارها حتى على مستوى الحزب.. وممن أيدوا ذلك الرأي الوزراء أميرة الفاضل والمالية بشمال دارفور عبده داود والتخطيط العمراني بوسط دارفور صديق محمد بشار والشؤون الاجتماعية بسنار فضل المولى الهجا، لكن بالمقابل تخوّف البعض من سيطرة القيادات على مسألة اختيار الأمين بعد أن وضح أن جميعهم مؤيدون لاختياره بواسطة مجلس الشورى وعلى رأسهم دز نافع المتهم الأول بالسعي لتذويب الحركة في الحزب. غازي صلاح الدين.. وقصة الشاب الباكي في الجلسة العاصفة حول دستور الحركة منحت المنصة فرصة الحديث للدكتور غازي صلاح الدين وعندما صعد الرجل لم يستطع التحدث لنحو دقائق معدودات بعد أن ظل آلاف يهتفون وبصوت عالٍ مهللين ومبكبرين، وكان ذلك بمثابة استفتاء وتأكيد صريح للشعبية التي يتمتع بها غازي بل أنه وبعد هدوء الناس قليلاً وقف الوزير الأسبق بحكومة القضارف علي عبد اللطيف يكبِّر وبصوت عالٍ وكان على مقربة من الصف الأول الذي يتصدره علي عثمان محمد طه وإبراهيم أحمد عمر والحاج آدم ونافع علي نافع.. بدأ غازي حديثه كالعهد به مختلفاً عن الآخرين وقال: «هناك علم الأوراق وعلم الأذواق ونحن ما فيه الآن هو علم الأوراق»، وأضاف «من الجيد إيجاد علاقة عملية تنفيذية يمكن ننسق بها بين أطراف الحركة الإسلامية وأن نقدم المقترحات بشكل جيد واعتبر أن حرية الراي حرية ضمير، وقال إن من يلغي ضميره وعقله فهو آثم لأن هذا موقف للشورى وتصويب الرأي، وأشار إلى أنه استمع لكل الحجج وهي تقدير بشر كون الرأي الصواب يحتمل الخطأ واقترح عرض مسألة اختيار الأمين العام للتصويت، وطالب من الجميع أن تتوحد أرواحهم من أجل المستقبل. غازي بعد أن خرج من الجلسة وجد رجلاً مسناً واصطحبه معه ورفض الحديث للإعلاميين لكن شاباً من أعضاء المؤتمر «كتلة الخرطوم» دخل في نقاش جانبي طويل مع غازي الذي ترجل لأجله من السيارة وتابعناه من على البعد وكان واضحاً التقدير الذي يكنّه الشاب لغازي لكن المفاجأة كانت أن الشاب فور ذهاب غازي انخرط في البكاء وشاح بوجهه عن الجميع وذهب نحو حدائق القاعة. وعلمت «الإنتباهة» من عضو يبدو على صلة بالشاب حيث وقف بجانبه أن الأخير من أنصار الإتيان بغازي أميناً عاماً. المؤتمر .. صدى خارجي يستوجب وقفة في كلمة د. غازي صلاح الدين لفت الانتباه إلى أنه في أثناء جدلهم فإن فلسطين تضرب وآخرين من الخارج اعتبروا المؤتمر خصماً عليهم، وكان يقصد مدير شرطة دبي ضاحي خلفان وإن لم يذكر إسمه صراحة وقد طالب ضاحي إنتربول دول الخليج بإصدار مذكرات اعتقال بحق المرشد العام للإخوان في مصر محمد بديع، لجهة إن خطابه يشكل خطرًا عليهم واعتبرها أخطر ما في المؤتمر، وقال «إن لغة خطاب بديع تذكرنا بلغة خطاب الخميني في أعقاب الثورة الإيرانية». وقال بعض المؤتمرين تعليقاً على خطاب ضاحي أنه يستحق وقفة ودراسة قبل التعليق عليه وهو ذات الاتجاه الذي نبّه إليه غازي.