الحمد لله الذى جمع تلك القلوب التى تواثقت على نصرة دينه وإنفاذ شرعه وصدق الإخاء فيه وحسن الظن به والتوكل عليه... بهذه المبادئ جاء إخوانى من كل بقاع السودان تتقدمهم اشواقهم للقاء إخوانهم الذين لم يجدوا ولن يجدوا افضل منهم على وجه الأرض الى يوم القيامة... يحدوهم الامل الاكبر فى صون جماعتهم من الاختراق او التشرذم الذى عانوا من ويلاته ولا يزالون... ويسعون صادقين لإنقاذ انقاذهم التى حين انقذت الدين والبلاد والعباد كادت تغرق فى فتنة السلطة وحظ النفس الأمّارة بالسوء والمتآمرة على بعضها. وجاءت قيادات اخواننا فى الله من كل القارات تحضر حصاد ربع قرن من الابتلاءات والمعاناة وظلم ذوى القربى وجيران السوء والصبر الجميل للاستفادة من تجربتنا فى الحكم حربًا وسلمًا تقدمًا وتأخرًا نجاحًا وإخفاقًا دموعًا وافراحًا عل ذلك يعينهم فى اختصار الزمن وتجاوز المحن والفتن خاصة فى دول الربيع العربى والتى حرمت كوادرها المدنية من تجاوز عتبة مدير مدرسة او مؤسسة صغيرة اما كوادرهم العسكرية فمن افلح منهم لم يتجاوز رتبة النقيب حتى تناولته ايادى البطش والتشريد.. اما اهل السياسة فلم يتركوا لهم حتى حرية التنظير والجدل البيزنطى... ونجاحهم الاجتماعى ما كان الا لعجز الأنظمة وتهربها من تحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها فى الصحة والتعليم وكل الخدمات. وجاءت وسائط الإعلام المحلية منها والعالمية تشهد عرسنا وغرسنا الجديد وتقدم للعالمين حصاد ربع قرن من السهر والحمى والرهق الجميل فكتابنا مفتوح وقلوبنا وعقولنا وعيوننا اكثر انفتاحًا وتجربتنا تقبل النقد والتصويب وترفض المزايدة والاعتذار والخجل. وجئت مثل غيرى من الاربعة آلاف احمل افراحى واشواقى للقاء اخونى ولإسقاط بعض مواد دستورنا المقترح وتعديل اخريات... عشمى فى ذلك النقاش الواعى والمسؤول ذى الشفافية العالية الذى تناول مشروع الدستور فى مؤتمرات العاصمة والولايات وتبلور حوله شبه اجماع منزه عن الغرض وحظ النفس البئيس «خاصة فيما يتعلق بشأن انتخاب الامين العام والهيئة القيادية». لكن يرحم الله اخانا جمال زعقان بزعيقه الذى اسقط مساعي اصلاح الدستور وكاد يودي بجماعتنا لدائرة الانشقاق من جديد «وجراحنا ومنذ خمسة عشر عامًا ما برئت ويهيج صديدها حينًا بعد حين».. نعم الطريقة الحادة aوالمتشنجة وحظ النفس ونفث الشيطان الذى كان حاضرًا هو ما حرك قرون الاستشعار ومجسات التحسس لدى الاغلبية العظمى التى جاءت مطمئنة ومتيقنة وواثقة من ان بدعة الهيئة القيادية تضعف الامين العام وتنقص من صلاحياته ان لم تجعله مقررًا لها... كما ان بدعة انتخابه من الشورى التى غالبًا ما تسيطر عليها الكوادر التنفيذية التى يجب ان تكون محل متابعة ومساءلة لا فى مواقع التشريع والرقابة والمحاسبة حيث الفصل بين الواجهات مقصود منه السلامة وحسن الاداء وتجويده وانفاذ البرامج والموجهات ومنع التقاطعات وضرب الشلليات واللوبيات... بهذا الفهم الواضح والصريح جاء اخواننا.. لكن ان تتبدل المقاصد وتنفلت الالسن ويستباح الحمى ونُرد على اعقابنا للفتنة والتدابر مرة اخرى... ذلك ما جعل الأغلبية الغالبة تقبل بحركة تعانى الرشح والزكام قابلة للعلاج على حركة مبتورة الأطراف ميؤوس من علاجها تتلقفها المخابرات العالمية تمنيها الامانى لتفعل بها ما فعلته ببعض اخواننا فى الشعبى وببعض حركاتنا الإسلامية فى الصومال والعراق وافغانستان وباكستان. اخى جمال أسألك بالله مثنى وثلاث ورباع وبحق دماء الشهداء وعرق المجاهدين هل كان حديثك بتلك الصورة الصادمة من اجل الحق والتصويب ام من اجل الهدم وتسجيل المواقف.. ان كنت تريد الاولى وهذا عشمى فيك فقد اخطأت الهدف والوسيلة وإن كنت تريد الاخرى لمرارات شخصية فاغتسل سبعين مرة من بحر المالح فقد لعقتك شياطين الانس والجن وتسببت فى تأخير مشروع اصلاحنا الى حين فضلاً عن افلاحك من حيث لا تدرى ولا تريد فى ابتعاد اخينا غازى صلاح الدين الذى كان عشم الكثيرين فى صلاحه فى نفسه واصلاحه لغيره لكنه حين رآها فتنة وتصفية حسابات وتسجيل مواقف وبوادر انشقاق جديد زهد فيها وآثر الابتعاد ولعله عما قريب يشرى غنيمات يسرح بها فى الوديان والوهاد يحفظ بها دينه ويحافظ بها على صلاته لربه وصلاته بإخوانه... ويفلح ان فعل وكذلك تفلحون.. ولما سكت عن اخواننا الغضب جاءوا للشورى كجيئتهم للدستور فى ولاياتهم بصدر رحب وأُفق واسع واستشعار عال للمسؤولية ولا تزال تطن فى آذانهم وهم فى حضرة الشهيد الزبير صرخات وتشنجات ما قد كان بقاعة الصداقة والعداوة التى كادت تُذهب ريحنا وتُشمت الأعداء مجددًا فينا.. فكان التوافق بدل التراشق والتصافى عوض التجافى وعادوا اخواننا كيوم ولدتهم الحركة... «اعان الله اخوتنا الزبير ومهدى وعبد الله ولطيفة والاردب الذين حملوا عليها حملاً» لأنتم اهلها واحق بها وان جاءت كلماتكم رقيقة وحيية وخجولة لتشكل اضافة حقيقية لأدب الإمرة ومعانى الإيثار وتوقظ فينا ما كاد يندثر.. و لكن إن تقاعستم... فعهد الله أولى أن يراعى. ولا يفرح المنفلتون والمتفلتون ان ظنوا انهم افلتوا من الحساب، فالحركة اليوم ليست كحركة الامس وفق ما قال به الشيخان «الزبير ومهدي» فور تكليفهما الذين استشعروا همهمات وغمغمات الملايين من اعضائها ولئن كانوا البارحة وسط غمارها فهم اليوم على سنامها والعشم عليهم معقود والامل فيهم منشود فى الاصلاح والانطلاق من المحلية للعالمية بالتجرد وصدق النوايا التى لا يعلمها رسول مرسل ولا يطّلع عليها ملك مقرب كون الامر سرًا بين العبد والرب.. فالأمر ماضٍ والشورى ملزمة لا معلمة والمسؤولية فى كل مستوياتها بحقها وتحت النظر فالحركة حاكمة لا محكومة و قائدة لا منقادة... الا لله وحده.. وكلمات شيخ علي القوية والجريئة فى ختام المؤتمر الخاصة بالشأن الداخلي والخارجي والتي اعادت لنا مواقفه وصولاته وجولاته وزئيره وزفيره إبان المعارضة المايوية والجمعية التأسيسية وذكرتنا «بتابلوهات جكسا واقتحامات الدحيش ومراوغات كمال عبدالوهاب وصواريخ الفاضل سانتو وفنيات بيلية وفان باستن وبلاتينى... وكسرات ابو على» لن تذروها الرياح وتطمرها وثائق التاريخ بل هى برنامج عمل وعهد وميثاق. وختامه... عقب فضيحتنا ليلة البارحة بحق رئيسنا ورموزنا وكبارنا.. ماذا لو اثبتنا فى دستورنا عضوية اصيلة ومستحقة للأخ الرئيس ونوابه والولاة والامين العام للمؤتمر الوطنى ورئيس المجلس الوطنى ووزراء الوزارات السيادية وامناء الحركة ورؤساء شوراها من الذين لم يجدد لهم بالمركز والولايات ومنظماتنا الوطنية «عسكرية ومدنية».. مع تخصيص نسبة معقولة للدستوريين والتنفيذيين «اسوة بالقطاعات الاخرى» تضمن وجودهم الفاعل وتحجب عنهم الأغلبية التى يتخوف منها الكثيرون.. أخيرًا... الحمد لله الذي وفقنا جميعًا للالتزام بروح ومعنى شعار المؤتمر الثامن «واعتصموا».. وبارك الله فى من اقترحه ومن عمل به والحمد لله على نعمة الإسلام والإخاء فيه.....