تختلف اشكال الهجرة وتتباين احيانًا لكن دائمًا ما يكون الدافع وراء الهجرة تحسين الوضع المعيشي للفرد والاسرة وقد يكون ذلك هو الدافع الاكبر وراء هجرة السودانيين وقد يختلف عدد السنين من شخص الى آخر وفق الخطة الزمنية التي يرسمها المغترب ثم يعود الى ارض الوطن فيجد ان الوضع الاقتصادي قد تبدل وتحول الحال فيبدأ في رحلة البحث عن كيف يستثمر ما جناه في سني الغربة. وحتى تكون هذه الاستثمارات ناجحة كان لا بد من رؤية ناجحة للاستفادة من تراكم الخبرات في الخارج ورغبة الآلاف من السودانيين في المساعدة والمساهمة في تطوير مجتمعاتهم واوطانهم وهذه الرؤية يجب ان يؤسسها المغتربون انفسهم وهذا الدور من المفترض ان يتولى مسؤوليته جهاز المغتربين الا ان الجهاز يبدو انه بعيد عن رغبات هؤلاء المغتربين. والاحصاءات المرصودة لدى الجهاز تشير الى ان عدد السودانيين بالخارج يبلغ 753835 مغتربًا في آخر احصاء تم في «يناير 2009» منهم 520566 بالمملكة العربية السعودية فقط و56056 بالامارات العربية المتحدة و190542 باليمن و20344 بدولة قطر و57057 بليبيا كما توجد اعداد مقدرة فى بقية الدول العربية واوروبا وامريكا وافريقيا. من ناحية اخرى وبالتحليل حسب المهن نجد ان هناك 456692 عاملاً وهو ما يعادل «60%» من المغتربين و87422 موظفًا بالاضافة الى الفئات المهنية الاخرى كالمهندسين والاطباء والبياطرة والزراعيين والمعلمين. اما على مستوى المشروعات الاسثتثمارية المطروحة من قبل جهاز المغتربين التي تمت بالتنسيق مع بعض الجهات «ولاية الجزيرة نهر النيل القضارف شمال كردفان النيل الأبيض سنار البحر الأحمر كسلا الشمالية»، هذا بالإضافة إلى وزارة الشؤون الهندسية ووزارة التخطيط العمراني ولاية الخرطوم ووزارات الزراعة والصناعة ووزارة الاستثمار شملت مختلف القطاعات «صناعي زراعي خدمي».الا ان المستشار الاقتصادي بالمستشارية الاقتصادية لسفارة السودان بالمملكة العربية السعودية الاستاذ حسين سليمان كويا كان قد اكد في حديث سابق ان هنالك مشكلات ومعوقات تواجه الاستثمار وتتمثل هذه المشكلات في عدم وجود اراضٍ خالية من الموانع كما لا توجد معلومات تفصيلية عن المشروعات الاستثمارية بالولايات بالاضافة الى عدم وجود نافذة واحدة للتعامل مع المستثمر، ايضًا ضعف النقد الاجنبي بالبنك المركزي والذي يساعد على تحويلات ارباح المستثمرين مع عدم استقرار سعر الصرف مما يودي الى زيادة في التضخم الذي يؤدي بدوره الى تأكُّل رأس مال المستثمر، وطالب المستشار الاقتصادي الجهات المسؤولة عن الاستثمار في السودان بضرورة العمل على ايجاد حلول للمشكلات والمعوقات التي تواجه المستثمرين الذين يشتكون من بطء الإجراءت وعدم وجود النافذة الواحدة المتخصصة. وفي السياق اوضح الأستاذ محمد المعتز جعفر الطيب الباحث بمركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان ان بعض المعوقات تتعلق بالمغترب نفسه فهو في كثير من الأحيان رؤيته للاستثمار ضبابية الى جانب ضعف ثقته في النظام المصرفي للدولة، فالمغترب يتهم النظام المصرفي بالبطء وعدم الفاعلية والبعد عن تلبية طموحات المغتربين مقارنة بالانظمة الأخرى الامر الذي جعله في حالة تذبذب وانعكاس ذلك على انكماش دخله، بالإضافة لاتساع الهوة بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق الموازي، ما يجعله يفضل التحويل بطريقة عشوائية، تُدخله أحياناً في دائرة الغش والتلاعب، فضلاً عن عدم فهمه الاقتصادي الصحيح لآثار ذلك على التضخم، وتأثره بشكل مباشر وعدم فاعلية بعض السياسات الاقتصادية الرسمية للدولة تجاه المغترب، ومن المشكلات ايضًا ارتفاع رسوم الجمارك للمستلزمات المستجلبة وعدم شمول الإعفاء الجمركي الممنوح للعودة النهائية للمغترب حيث يشمل فقط جزءًا من الأثاث ولا يشمل على سبيل المثال كل الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والعربة، بجانب عدم كفاءة وقدرة المغتربين على مقابلة الاحتياجات المعيشية، وايضًا طبيعة المغتربين التي تميل نحو الاستهلاك.