أصبحتم أيها الشهداء نغمة على كل لسان.. وغدوتم حيث للمجالس عطر المساحرة.. نعم لقد صغتم واقعًا جديدًا وما كنا نظن أن سنوات قليلة ماضية كانت كافية لصياغته.. ولكن دم الشهيد عندما يسيل فإنه يختصر الزمن ويبارك العمل والجهد. ولأن الشهادة هي خلاصة كدح المؤمن في طريق الله وزبدة الصدق والمصابرة فإن هذه الشهادة تعطي نورًا هديًا وسراجًا منيرًا... لن تكون الدنيا أرخص في عيون أهل السودان من رخصها اليوم. اجل.. رخيصة والله لا تساوي قطرة دم واحدة سالت من جرح جريح أو دمعة شوق فاضت من عين متشوق للجنة لأنها لو ساوت ذلك لما انسكبت تلك الدماء فوق ذلك الجزء النائي من بقاع العالم. ولكن الدنيا عند هؤلاء ليست إلا معبرًا إلى الآخرة. -- وظننت جهلاً أن ساعدك استوى بقلم الشهيد/ على السنجك ما أجمل العيون التى ينبثق سنا الفجر من بين حدقاتها وما أعظم الوجوه التى يشع من جبينها نور الحق، وما أفضل البسمة وأنبلها، بسمة العز والوقار، عندما نحس نبض الاوتار فى ثورة النغم وصحوة الأحرار وكأنها تسبيحة الوحدة فى الملاحن، ما أجملها حينما ينتبه الفؤاد ويرتدى الضمير ثوب الخشية الإلهى. ويفرح الصدر المغمور لعودة الإيمان فى شمخة المآذن!!.. ليسوا سواء.. الذى يرتضع القوة من ضرع السماء والذى يشرب دهن الزيت من جلد الهباء ليسوا سواء.. ما أجملها لحظات عندما صدح القوم بنشيد التوحيد ووضعوا الأيامن فى الأيادي!!، ما أجملها لحظات تذوب فيها الفواصل وتصغى فيها الأحاسيس لهمس الحور بين المخاضر ويسمع القوم فيها نبرة الصدى من مرتل بمصحفه ترن منه صلاة المشاعر.. واشتعل التكبير وعلا.. وفى وجه كل شاب بريق المستقبل الزاهر.. مستقبل هذا الدين.. ما أجمل ذلك الموقف وتلك المشاهد.. مشاهد لزحفنا الطويل بالنور والعطور وفرحة العبور، عبور لمرافئ السلام!!. مقتطفات من مقال للشهيد على السنجك نُشر بجريدة الوان 1988م علي السنجك صحفي استُشهد في البوسنة.