قد تكون الفكرة سوداوية بعض الشيء!! لكنها تتقارب من الحقيقة.. فالسؤال المشروع: لماذ نحرص نحن على الاتحاد الإفريقي.. إذا صار أحد أهم منصَّات التآمر ضدنا، يتعامل معنا من باب العداء المطلق!!! هذا القول قد لا يُعجب وزارة الخارجية، لكن الشاهد أنه خلال السنوات القليلة الماضية ومع تطورات الأوضاع في السودان منذ توقيع نيفاشا وانفصال دول الجنوب، فإن مواقف الاتحاد الإفريقي معنا ليست كلها مشرِّفة ولا مضوعية لا مُنصفة وبعضها متحامل علينا، ونحن الذين ساهمنا في قيامه ومن أوائل الدول التي دعمت فكرته عندما طرح في ليبيا وأعلن في 9/9/1999 في قمة سرت، وقبله منظمة الوحدة الإفريقية التي كان السودان في مقدمة الدول التي أنشأتها في مطلع الستينيات من القرن الماضي في أديس أبابا.. اليوم عندما تنظر لتعامل الاتحاد الإفريقي مع قضايا السودان، خاصة النزاع والخلاف مع دولة جنوب السودان أو في قضية دارفور والحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق وقضية أبيي، فإن مجلس السلم والأمن الإفريقي والمفوضية نفسها دع عنك القمة، تجد عند إجالة النظر أن الاتحاد الإفريقي يلعب في الملعب الخطأ دائماً ويمهِّد الطريق لتدويل قضايانا، بالرغم من أن منطلقات السياسة الخارجية السودانية كانت تقول لنا إن اللجوء للاتحاد الإفريقي هو لحصر مشكلاتنا داخل البيت الإفريقي ومنع تدويلها!! لكننا نُفاجأ بأن هذه المنظمة الإقليمية هي التي تشرعن وتقرِّر وتمهِّد الطريق نحو التدويل، صحيح أن بعض الدول والقادة الأفارقة من ذوي التأثير وقفوا ولا يزالون مع السودان خاصة عند استهداف الرئيس من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، لكن بقية القضايا لم يكن فيها الاتحاد الإفريقي قوياً ولا محايداً ولا صلباً في وقوفه مع بلادنا... وكل المؤشرات اليوم تشير إلى أن قضية أبيي والخلاف مع الجنوب لولا تواطؤ مجلس السلم والأمن الأمن الإفريقي واللجنة الإفريقية رفيعة المستوى التي يقودها ثابو مبيكي رئيس جنوب إفريقيا السابق، لما جرت وتجري محاولات تدويلها والذهاب بها لمجلس الأمن الدولي واستصدار قرارات بشأنها مثل الذي يجري الآن لقضية أبيي.. صحيح أن من واجب الدبلوماسية السودانية السعي والعمل الجاد من أجل استقطاب الدعم القاري لقضايانا، لكن كل قضايانا التي نحتاج فيها لوقفة متعلقة بقضايا داخلية مثل قضية دارفور أو جار كان جزءًا منا، فنجد في هذه أن الاتحاد الإفريقي ومؤسساته ليست فوق الشبهات من تهمة الانحياز والتباطؤ والتواطؤ... وليس هذا القول جزافياً وتُلقى فيه التهم تجاه الاتحاد الإفريقي بلا دليل، وقد ذكر لنا مراقب لصيق الصلة بالمفوضية الإفريقية التابعة للاتحاد، وشخصيات دبلوماسية من دول إفريقية صديقة للسودان وأخرى عربية، في أكثر من مناسبة أن المنظمة الإقليمية التي من المفترض أن تكون ملاذاً وظهراً قوياً للسودان تُستخدم أحيانًا ضده وتجري فيها نقاشات وآراء داخلية تتعامل مع السودان كأنه من خارج القارة أو عدو متربِّص لا بد من إضعافه ومواجهته.. هذه هي الحقيقة.. فهناك جهات في القارة لا تريد للسودان الاستقرار وتجاوز أزماته، وهي تنطلق في ذلك من ارتباطات وفواتير لازمة التسديد لقوى غربية كبرى تتحكَّم في مصائر الدول والشعوب.. ولذا يجب التفكير بصوت مسموع، ما حاجتنا نحن للاتحاد الإفريقي إذا كان هو بهذه الكيفية، وما الفائدة التي جنيناها منه ومن تذبذب مواقفه وضعفه وارتهان قراره لخارج القارة الإفريقية نفسها؟ ما الذي خسرته المملكة المغربية الشقيقة عندما خرجت عن منظمة الوحدة الإفريقية ولم تدخل الاتحاد الإفريقي على خلفية قبول المنظمة لجبهة البوليساريو كمراقب بعد دعوتها لحضور قمة إفريقية؟! يجب أن نكون أكثر وضوحاً وصوتُنا أكثر علواً مع الإخوة الأفارقة فهل هم معنا أم ضدنا؟ وقال دبلوماسي سوداني عريق: «من الخطأ الفادح أن نكون أعضاء في نادٍ سياسي مثل الاتحاد الإفريقي وهو يناصبنا العداء المبطن والمعلن...» !! هذه مجرد دعوة للتفكير! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.