عندما تظاهرت الخرطوم إنتصاراً لرسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم، ألقى القس فيلوساوث فرج كلمة في المظاهرة المليونية. مثلما ساء المسلمين فيلم (الإغواء الأخير) للسيد المسيح عليه السلام، ساءت الأقباط ذلك اليوم الرسوم الدنماركية عن النبَّى صلوات الله وسلامه عليه. ليس بمستغرب مشاركة الأقباط في الإنتصار للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الأقباط هم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل أم المؤمنين السيدة مارية القبطية أم إبراهيم إبن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. شهد السودان الأقباط يدرسون في الخلوة ويحفظون القرآن. وعرفت أم درمان خلوة (بولس). وشارك الأقباط السودانيون مشاركة بارزة في ثورة 1924م. بعدئذ في نفس العام، طبَّقت الإدارة البريطانية الأجنبية سياسة تستهدف التفرقة والشقاق بين السودانيين المسلمين والسودانيين الأقباط. ذلك بينما كان الشاعر القبطي السوداني صالح بطرس يكتب قصائد الشعر في المولد النبوي والهجرة النبوية ومجد العرب والإسلام والحضارة العربية. وحينما تعثر إكمال بناء مسجد أم درمان الكبير، كتب صالح بطرس قصيدة يستنهض الهمم لإكماله مطلعها: يا مسجداً مطَلَت بنوه بعهده... حتى غدا وهو الفقير المعدِمُ. فكان أن تدافع الأخيار بعدها للتبرع بالمال، وتمّ إكمال المسجد. صالح بطرس من أبطال النهضة السودانية، وشاعر ثائر ووطنيّ مقدام شارك في ثورة 1924م، وكتب قصيدتين يحثُ السودانيين على اليقظة ويبارك ثورة الأحرار. من شعراء الأقباط السودانيين إلى جانب صالح بطرس، هناك شفيق مينا (زهير) وحبيب سلامة وسعد ميخائيل. عرف السودان الأقباط في دنقلا وسنجة والأبيض وعطبرة ومدني وكسلا وبربر وأم درمان وشندي وبورتسودان، وغيرها، عرفهم أكثر الناس أمانة، وأدباً وتهذيباً، وأخلاقاً ووداعة، وحسن خُلق وصلات. عرف السودان الأقباط في مناصب قيادية مثل وزير الصحة موريس سدرة، ومدير البوليس في مديرية النيل الأزرق لويس سدرة، ووزير الزراعة وديع حبشي، وغيرهم. كان ذلك في عهد اختيار المسؤولين السودانيين على أسس الكفاءة والوطنية، قبل أن تدخل جمهورية السودان تيه القبليات والجهويات. كانت المشاركة السياسية الوطنية للسودانيين الأقباط إمتداداً لتحالف وطني تاريخي عريق، بين المسلمين والأقباط في مصر، تحالف أبرزته حديثاً ثورة 1919م من أجل الإستقلال الوطني. وقد كان أن انضمت الأغلبية القبطية في مصر إلى حزب الوفد حزب الأغلبية بزعامة مصطفى النحاس، حيث أقام الحزب قيادته وقواعده على مبدأ المواطنة. لذلك من الطبيعي ومن المفترض والمنتظر في السودان أن يحدث انضمام الأكثرية القبطية السودانية، إلى الحزب الذي أكثر من غيره يستوفي المواصفات الوطنية. في أنموذج حزب الوفد كان هناك وجود قبطي قيادي في المستويات العليا والوسيطة للحزب، مثل رئيس مجلس النواب (ويصا واصف)، ونقيب المحامين مرقص حنا، ومكرم عبيد السكرتير العام لحزب الوفد و الرجل الثاني بعد الزعيم مصطفى النحاس. كان مكرم عبيد يحفظ القرآن الكريم. سيظل التاريخ يردد أصداء كلمة مكرم عبيد(أنا مسلم وطناً نصراني ديناً).والذي يستمع إلى المحاضِرة في الجامعة الأمريكية الدكتورة مُنى مكرم عبيد وهي تدافع عن الحضارة العربية الإسلامية، يحنى رأسه إجلالاً واحتراماً. ومثلها الدكتورة يوفين حدّاد(شقيقة سامي حدّاد بقناة الجزيرة). سيظل التاريخ المعاصر يذكر الباب شنودة الثالث، الذي حرّم على مواطنيه زيارة القدس بعد احتلالها من اسرائيل. وكان أقوي تعبير عن وطنية الكنيسة القبطية في القرن العشرين، ولم يزل، هو التزامها بحق الشعب الفلسطيني في أرضه، وعروبة القدس، وتفنيد دعَاوَي اسرائيل بالحق الديني لليهود في العودة إلى أرض فلسطين. سيظل الضمير الوطني يذكر بالمحبة البابا كيرلس السادس، والبابا شنودة الثالث، والأنبا صرامون والقس فيلو ساوث فرج، والدكتورة حنان ميخائيل عشراوي، والسيد طارق عزيز، والأديب الكبير مارون عبود، والمطران كابوتشي، والزعيم كمال ناصر، والكاتب غسان كنفاني، وغيرهم من رموز الثقة الكاملة والإحترام العميق، والحميمية الوطنية والقومية الصادقة. سيظل في والوجدان عبدالرحمن الأبنودي، ويوسف السباعي، وإبراهيم عبدالقادر المازني، وسمير غانم (الكوميدي) وهالة صدقي وجورج سيدهم، بجذورهم القبطية. كان السودان ذلك اليوم أكثر سعادة بمشاركة أصهار رسول الله في المظاهرة المليونية، التي انتصرت للنبي الكريم في مظاهرة الإحتجاج ضد الرسوم الدنماركية المسيئة للمصطفى صلوات الله وسلامه عليه. --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.