في عام «1964م» نقلت من خور طقت الثانوية مديراً لملجأ القرشي بأم درمان وطلب السيد محمد طلعت فريد وزير المعارف يوم ذاك طلب من اللجنة أن تخلي منزل الملجأ المخصص للمدير والذي كان مستأجراً للسيد أحمد إبراهيم دريج وصديقه اللواء شرطة مكي حسن أبو وفعلاً أخليا المنزل ووصلت وسكنت بالمنزل وهو داخل حوش المعهد. وبعد أسبوع واحد طلب مني الأخ دريج بأن أسمح لأبناء دارفور ليعقدوا اجتماعاً بالمنزل ورحبت. وذهب دريج بسيارته وجمع عدداً من أبناء دارفور وتدارسنا وضع أهلنا بدارفور والظلم والتهميش الواقع عليهم من حكومات الأحزاب وكونا «جبهة نهضة دارفور» ككيان مطلبي واتصلنا بأبناء دارفور البارزين مثل السيد علي حسن تاج الدين سليل سلاطين دارفور «الجنينة» وكان موظفاً بالمالية ثم علي الحاج محمد خريج كلية الطب جامعة الخرطوم وبدورهما رحبا بالفكرة وظل جميعنا يدعوا لها ووجدت قبولاً كبيراً من كبار رجال دارفور وشجعوها وتجمع حولها عدد كبير، وكان في ذاك الاجتماع الرئيس دريج والسكرتير محمود موسى محمود. وذاع الخبر بمولد هذه الجبهة و«نهضة دارفور» وبعدها تحرك أهل الشرق وأهل جبال النوبة إلخ وهنا ذاع الخبر وعم الربى والحضر وخافت الأحزاب من سحب البساط من تحت أقدامها. قف.. وبعد هنا اهتز حزب الأمة وشعر بأن الأرض بدأت ترتج بقيام هذا الكيان وسيفقد دارفور كقاعدة له، لأن أهل دارفور سينصرفوا نحو أبنائهم لهذا طلب السيد الصادق أن يلتقي الأخ دريج باعتباره الرأس المفكر في الأمر، وأقنع الأخ دريج بأن حزب الأمة أقدر على تنفيذ كل شيء ستطلبونه من تنمية لأهلكم على أن تنضم إلى حزب الأمة ونحن بكل حسن نية قلنا له انضم إليهم وهذا أقصر طريق لتحقيق أمانينا وتطلعاتنا ووافق برضائنا جميعاً وما كنا نعلم بأن في السياسة غش وخداع ونحنا ناس الله يا مؤمن يا مصدق وظن السيد الصادق أن دريج يبحث له عن موقع لنفسه ولذا صعدوه إلى درجة زعيم المعارضة بالبرلمان وطالت المدة وشعر دريج أن المسألة لعبة لا تحقق لدارفور أي شيء وانسحب تاركاً حزب الأمة وركل زعامة المعارض وخرج غاضباً. ونحن من جانب آخر «لموا فينا» ناس الأحزاب ولخمونا لخمة وطرطشونا طرطشة بكلمات جهوية وعنصرية وقبلية وفتر حماسنا ولو تركوا هذه الجبهة أن تحيا وتستمر لما وصلت دارفور للحالة التي تعيشها اليوم والتي جعلتها تحمل السلاح ويدور الاقتتال والخراب والدمار لأن المثل قال «دهن النعام بشيله جلده» لأن مواجهة أهل دارفور لأولادهم أفضل من مواجهة الأحزاب التي لم يرَ بعضها دارفور قط ولم يعرف طبائع أهل دارفور وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم وظلت دارفور بدون أحزاب على مدى ستمائة وخمسين عاماً يديرون أنفسهم بأنفسهم لم يحدث لهم مثل الذي يحدث اليوم. قف.. وبعد الذي حركني لكتابة هذا الحديث هو كلام الباشمهندس الطيب مصطفى بجريدة «الإنتباهة» العدد رقم «2428» بتاريخ 10/ ديسمبر/2012م كتب عاتباً على الأخ السيسي أن يرسل وفداً للجزيرة للوقوف على أمر أحداث جامعة الجزيرة بخصوص إعفاء المصاريف الدراسية ومع هذا الوفد نحن غير راضيين على السيسي أن يرسل وفداً بل الواجب يحتم عليه أن يذهب بنفسه ويقف على الحقيقة لأنه أقدر من معرفة الحقيقة من السيد الوالي «شيخ العرب» ومن السيد مدير الجامعة ومن السيد مدير الأمن لأن الأمر تناوشته الإشاعات المغرضة والمتعددة والكلام من رئيس السلطة أقيم من كلام الوفود واللجان وهذا من مصلحة النظام إطفاء الشرارة قبل اشتعالها. «كما لا يمكن تغطية النار بالعويش» كمسكن وقتي والسيد السيسي قادر في الحال معالجة موضوع المصاريف المفروضة على أبناء دارفور لأنه أعلم بحالة أسرهم وأوضاعهم المالية. وموضوع المصاريف على أبناء دارفور موضوع قديم طرقه أعضاء دارفور بالبرلمان وتم فعلياً إفعاء أعداد كبيرة منهم بجامعة الخرطوم قديماً وسارت بعض الجامعات عليه ولمن لا يعرف الحقيقة أن معظم البيوت فقدت شهيداً أو شهداء وأنا أعرف عددًا كبيرًا منهم فقدوا معظم أفراد الأسرة ومن يدفع مصاريف من تبقى من الأسرة المكلومة التي فقدت أبقارها وأغنامها وخيلها وحميرها بسبب هذه الحرب اللعينة. قف.. وبعد وحكاية جهوية وعنصرية وقبلية أصبحت لا تخيف أحداً أبداً وأصبحت أسطوانة لا تصلح اليوم في عهد الإنقاذ وعلى الناس أن يواجهوا الحقائق ساخرة ويعيشوا بواقع ومناصحة أولياء الأمر واجبة ليعمل الجميع على مداواة الأمور وإصلاح الحال أفضل لهذا النظام الذي نرى فيه الخير كل الخير على البلاد وقضية ما عالجتها الإنقاذ مافي حكومة أخرى تستطيع معالجتها وشفنا معالجات الحكومات الحزبية التي زادت الطينة بلة وكان في البدايات إطفاء الشرارة أهون ولكن عجزها جعلها تشتعل بالصورة التي نراها اليوم تقضي على الأخضر واليابس وأجبرت الشباب على حمل السلاح وإننا نرى في السيسي أنه طوق النجاة لدارفور خاصة بعد أن فتحت له الإنقاذ قلبها وعقلها والحكومة معذورة الآن لكثرة المصائب والمشكلات في الداخل من المعوقين وفي الخارج من المستعمرين. وقبل عدة أيام كتبت رسالة للأخ التجاني سيسي رجوته أن لا يصر على ال «200» ألف مليون دولار التي التزمت بها الحكومة نقدًا ولكن يمكنه أن يطلب مثلاً خمسين «دونكي» ويمكن للحكومة أن تنفذها له بأكثر من المبلغ الذي طلبه لأن الحكومة دوربها كتار مثلاً بالغروض الميسرة التي يمكن سدادها خلال «20» أو «30» عاماً أو تنفذها تحت حساب البترول أو الذهب أو يتقسمها أصدقاؤها بينهم المهم أنت تحصل لأهلك «الدوانكي» كجزء من التنمية وتشربوا بالهناء والسرور، أما حكاية «يا تحلبي يا نكسر قرنك.. ما بتحل شيء».