رغمًا عن كل ما شهدته ولاية النيل الأزرق من أحداث مؤسفة وتفلتات أمنية كبيرة كان لها أثر بالغ على استقرار مواطنيها وإعاقة مسيرة مشروعات التنمية في عهد واليها الأسبق مالك عقار الذي كان يصف الولاية بأنها مهمشة وتحتاج لمزيد من الاهتمام والدعم الحكومي، إلا أن شعاراته تلك التي رفعها إبان فترة توليه لم ينجز منها على أرض الواقع شيئًا من مشروعات التنمية التي كان ينادي بها بدلالة أن وزارة المالية الاتحادية خصصت للولاية مبلغ «500» مليون دولار بدَّد منها عقار ما يقارب ال «150» مليونًا دون أن تصب في مشروعات الولاية بسبب عدم امتلاك حكومته الترتيب الإداري المطلوب. بدءًا نريد تقييمًا شاملاً لأوضاع الولاية؟ تشهد الولاية استقرارًا تامًا في الأحوال الأمنية في الوقت الحالي، وفيما يتعلق بمشروعات التنمية فهي تأخرت كثيرًا خلال الستة أعوام الماضية، ولم تحرز أي تقدم يذكر بالرغم من رصد وزارة المالية الاتحادية لمبالغ مالية كبيرة وعقودات المباني ظلت حبيسة الأدراج منذ العام 2008م واكتملت هذا العام فقط والطرق الداخلية والكهرباء في الأحياء عقوداتها منذ العام 2006م ونستطيع أن نقول أي عمل أو مشروع تنموي لم يتجاوز مرحلة العقد وبناء حجر الأساس وواجهته مشكلات كبيرة وعقار لم يستفِد من المبالغ الموجودة. ما هي الأسباب التي أدت إلى كل هذا التأخير؟ لا توجد أي أسباب منطقية من قِبل حكومة الولاية السابقة وعدم وجود المؤسسات الفنية المسؤولة هو السبب الرئيس لتأخر تنفيذ المشروعات والوالي السابق ونائبه كانا في حالة غياب دائم ربما يمتد لفترة 45 يومًا مما أثر على حركة الأداء ومشروعات التنمية بالولاية. كيف تم تعيينك وزيرًا في عهد الوالي السابق عقار وماهية العلاقة بينكما؟ أتيت للولاية كوزير لوزارة التخطيط العمراني وعقار في البداية لم يرحب بي وعند أول لقاء مشترك بيننا قال لي بالحرف الواحد (ارجع أهلك أنا ما عايزك)، وذهبت واليًا لنهر النيل وبعد مضي شهرين أتى قرار بعودتي للدمازين، وقال لي إن عاصمتك في الكرمك، ووافقت وهي عاصمته ل 10 سنوات وعندما وصلتها كنت أقوم بتأجير تانكر لمسافة 7 كيلو لتوفير المياه للمدينة، وبدأنا العمل في السدود والحفائر والمضخات وبعد مضي فترة أتى إلى الكرمك ورأى التغيير الذي حدث، وهذا ترك عنده انطباعًا جيدًا وأوضحت له أنني أتيت للعمل فقط دون الخوض في صراعات معه ومن أولويات الولاية الطرق والمياه وليس الصراع مع المركز وفي نهاية الأمر طبع علاقاته معنا. أين ذهب مبلغ ال 500 مليون دولار المخصصة للولاية؟ موجودة في وزارة المالية الاتحادية وهنالك أموال كثيرة بددها عقار. هل بدأتم في صرفها فعليًا؟ بدأت جدولتها لمشروعات التنمية بالولاية. ما هي خطتكم للعام 2013م؟ الولاية في مساحتها صغيرة حوالى 38 كيلو أي ما يعادل 1500 كيلو متر مربع ويبلغ عدد سكانها 825 ألف نسمة وتغطي حوالى ثلثي المساحة سافنا غنية و60% من السكان يسكنون في المدن الكبرى وفيها أكبر المشروعات الزراعية منها مشروع التكامل المصري والشركة العربية والأهم من ذلك هي ولاية المعادن وعلى رأسها الذهب وموجود في كل رقعة وشبر من الولاية ويتم استكشافه عبر العملية البدائية، ولم تكن الفائدة عظيمة نتيجة لعدم الاستقرار والمعدن الثاني الكروم وتبلغ إنتاجيته حوالى 45 ألف طن في العام. ما هي الأولويات للمشروعات؟ حقيقة الآن من أولوياتنا الطرق فالولاية تعيش 6 أشهر فقط فهطول الأمطار يبدأ من منتصف شهر مايو 15 مايو يتراوح من 600 إلى 1000 ملم ولا أحد يستطيع بعد ذلك التاريخ الذهاب لمدن الكرمك وقيسان، والآن حددنا الطرق وبدأت إجراءات التعاقد للشركات لربط الولاية ب 547 كيلو متر طرق معبدة والأمر الآخر إقامة مشروعات المياه ولا توجد بالولاية مياه جوفية بالتالي نركز على مشروعات حصاد المياه وإقامة السدود والحفائر بالتنسيق مع الإخوة في السدود، واستطعنا هذا العام إنشاء 10 حفائر والعام الماضي 12 حفيرًا وتم تأهيل كل السدود القديمة حوالى 5 والعام الحالي 3 سدود في أبو قلسيل ودندرو وهنالك حوالى 10 أودية أنهار موسمية مستهدف إقامة سدود كبرى عليها وحاجتنا إلى السدود لتوطين العرب والرحل الذين يذهبون للجنوب. ماذا عن خدمات الصحة والتعليم؟ لا توجد لدينا مشكلات حرجة في الصحة والتعليم وغيرها من الجوانب، وأنشأنا عددًا من المستشفيات والمدارس ولكن المشكلة الوحيدة التي تواجههنا هي كيف يستقر الكادر إذا لم توجد طرق ومياه؟.. ماذا عن قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية؟ الولاية زراعية في المقام الأول، والثروة الحيوانية تخرج من الولاية لمدة 5 أشهر وتذهب لدولة الجنوب لذا قلَّت الاستفادة منها في نواحي الألبان واللحوم. المشروعات التنموية كافة كم تبلغ تكلفتها المالية؟ حوالى 840 مليونًا حاليًا متوفر منها 50% المجاز في الميزانية وهنالك مشروعات المانحين منها طرق بنحو 120 كيلو مترًا والطريق القومي للكرمك ثلثين منه مانحين وعدد ضخم من المدارس والولاية بها صندوق دعم المانحين ولديه بعض المشروعات ونركز على التمويل الوطني المستقر. حدثنا عن الآثار المترتبة نتيجة لتعلية سد الرصيرص؟ تعلية السد صاحبتها كثير من المشروعات، وفي تقديرنا هي مشروعات أساسية ومهمة وعلى رأسها سفلتة الطرق الداخلية لمدينتي الدمازين والرصيرص بطول 36 كيلو مترًا وتكملة مشروعات المياه وتأهيل عدد من المرافق الاجتماعية منها التلفزيون والإذاعة و8 مدارس وإجلاس 13 ألف تلميذ واكتمال المستشفى الصيني وتوصيل الكهرباء لعدد من المدن والفائدة العظمى تتمثل في توطين المتأثرين بالتعلية عبر إنشاء 12 مدينة سكنية تضم 22 ألفًا و300 منزل لسكان الولاية وتوفير مساكن وخدمات وطرق من مدخل المدينة 57 كيلو بالضفة الشرقية و73 بالضفة الغربية وهنالك فوائد ولائية منها زيادة الثروة السمكية والحوض الفيضي من 60 ألف فدان إلى 125 ألف فدان يمكن الآن زراعتها في الري الفيضي لاستمرار الزراعة طوال العام والمشروع يمكن من الري الانسيابي في أقصى شمال الرصيرص والفوائد القومية تتمثل في أن تعلية السد تعتبر سدًا قائمًا بذاته والخزان القديم كان في السابق يخزن مياهًا تبلغ حوالى 3 مليار لتر حاليًا حوالى 7 مليار متر مكعب، والكهرباء التي لم نستفِد منها مطلقًا في الرصيرص سوف تعمل السبع توربينات بشكل مستمر لاستقرار التيار الكهربائي وزيادته بمعدل 40% والمشروع بجانب حل مشكلة الري بمشروع الجزيرة الذي يحتاج يوميًا إلى 35 مليون متر مكعب من المياه والآن التوربينات تعطي مشروع الجزيرة حوالى 70 مليون متر مكعب مما يسهم في حل مشكلة الري بمشروع الجزيرة والسوكي وكل المشروعات الموجودة على النيل الأزرق كل العام والمشروع نفسه يمكِّن من قيام مشروعات جديدة مثل الحلم الذي انتظره أهل السودان طويلاً مشروع ترعتي كنانة والرهد. التكلفة المالية لتعلية السد؟ حوالى 442 مليون دولار، والمشروع انتهى في زمنه المحدد تمامًا 30 أكتوبر، ويفتتح في الأول من يناير تزامنًا مع احتفالات البلاد بأعياد الاستقلال. ما هي الجهات الممولة؟ الصناديق العربية وتم إدراج مشروعات كثيرة ولكن يظل صندوق دعم الوحدة تحت أي مسمى من المسميات وصندوق دعم المانحين أهم الآليات لإكمال مشروعات التنمية وزيادة الاهتمام الحكومي. المشروعات التي ذكرت ما هي المعوقات التي تواجهها؟ بلا شك التمويل، وتواجه الولاية مسألة أخرى تتعلق بطول فترة الخريف حوالى 5 أشهر. ذكرت في أقوالك زيادة الثروة السمكية.. هل هنالك خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والصادر؟ نخطط لقيام 3 أسواق حديثة للأسماك بجانب المصانع للفرز والتبريد والتسويق والاهتمام بإنشاء نماذج للزراعة السمكية والتدريب للمساهمة في الناتج القومي وليس الولائي فقط. ولايتكم تنعم بالعديد من المشاهد السياحية.. هل لديكم خطة لتوظيف العمل السياحي؟ شرعنا في إعداد خطة جيِّدة في الإطار، ولكن يظل الإشكال في الطرق والأمر يتوقف عليها، وفي الخريف هنالك مناظر جميلة سياحية في جبال الأنقسنا والشكل السياحي وأنواع الأشجار وعدم وجود الطرق حرم الولاية من الاستفادة في جانب السياحة. سؤال أخير: بما أن الحكومة الآن حكومة طوارئ ما هي إمكانية الحوار مع عقار؟ عقار لا يتفاوض باسم النيل الأزرق ولديه إصرار كبير على تبني المسؤولية عن مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور بوصفها مناطق مهمشة، وبالتالي صعب على نفسه قضية التحاور والتفاوض وليس لديه أي سبب ليتحمل قضايا آخرين وحكومة الطوارئ تنتهي بمجرد انتهاء العمليات في الولاية.