يقوم الأوز بالطيران في شكل أسراب متتالية قد يصل عددها إلى ثلاثة أو أربعة أسراب.. ويقوم بقيادة السرب الأقوى منهم.. ويعرف السرب الأول بأنه السرب السابق، والأخير يعرف بالسرب اللاحق، والوسط يعرف بأنه السرب التالي.. وقد وضع الاقتصادي الياباني المشهور «اكاماتسو كانامي» في عام 1937م نظرية اقتصادية اعتمدت على طريقة أسراب الأوز، وعرفت بنظرية الطائر eFlying gees theory وقد انتشرت هذه النظرية وذاع صيتها على يد الاقتصادي «برسو كامنغز» في عام 1984م كنظرية بديلة شكلت اختراقا في مجال نماذج التنمية الصناعية التي طرحها الغربيون. وتقوم نظرية الأوز الطائر بتصوير عملية النمو الاقتصادي في دول شرق آسيا على أساس أن اليابان تأتي في مقدمة السرب باعتبار أنها قائد السرب، وتليها مجموعة السرب الأول الذي يضم كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورة.. ثم يأتي السرب الثاني الذي يشمل ماليزيا وتايلاند وأندونيسيا، أما السرب الثالث فيضم كمبوديا وفيتنام.. وبالطبع تفصل بين كل سرب والذي يليه مسافة تحددها سرعة السرب ومقدار علو طيرانه، وهو ما يعكس مرحلة النمو والتطور الاقتصادي في كل دولة. وتقول نظرية الأوز الطائر إن الدول الناهضة التي تمثل السرب اللاحق تميل إلى الصناعات الأقل تقدماً مقارنة بالدول التي تفوقها في التطور الاقتصادي «السرب السابق»، فمثلاً من المعروف أن اليابان كانت تاريخياً تستورد النسيج من بريطانيا ثم تحولت إلى منتج ومصدر لصناعة النسيج، واستطاعت أن تطور صناعات جديدة تعتمد على كثافة رأس المال والتقنية المتقدمة مثل صناعة السيارات والالكترونيات. وفي مرحلة لاحقة تحولت صناعة النسيج إلى السرب الأول من الأوز بالاستفادة من التقانة اليابانية ومحاكاة نمط نموها، وبدورها طورت دول السرب الأول اقتصادياتها وبدأت تنتج سلعاً كثيفة رأس المال وعالية التقنية، وانتقلت بذلك صناعة النسيج إلى السرب الثاني الذي تدرجت دوله في تطورها التاريخي من اقتصاديات تعتمد على الصناعات ذات العمالة الكثيفة غير الماهرة إلى الصناعات التي تعتمد على العمالة الماهرة. ونظرية الأوز الطائر تقدم تفسيراً لدورة المنتج، حيث تبدأ المرحلة الأولى باستيراد البلد الناهض «كوريا وماليزيا» السلعة من البلد المتقدم «اليابان»، ثم تليها المرحلة الثانية التي ينتج فيها البلد الناهض السلعة محلياً محاكياً البلد المتقدم، ثم تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة وهي أن يقوم البلد الناهض بتصدير السلعة إلى البلدان الأقل نمواً. وقد مرت تجربة التصنيع في ماليزيا بعدة مراحل بدأت بمرحلة صناعات إحلال الوارد التي ظهر تنفيذها في عقد الستينيات، وعلى أساسها قامت صناعات صغيرة الحجم لإحلال الواردات مثل صناعة الأغذية ومواد البناء والطباعة والبلاستيك والكيميائيات. وتم إصدار قانون الاستثمار في عام 1981م لجذب الاستثمارات الأجنبية في تلك المجالات، ثم تلت ذلك مرحلة ثانية تمثلت في مرحلة الصناعات التصديرية التي بدأت في مطلع السبعينيات، حيث شجعت الحكومة دخول الأموال الاجنبية في قطاع الالكترونيات والنسيج وإنشاء مناطق التجارة الحرة، وتم السماح للشركات الاجنبية التي تنتج سلعاً للصادر بالملكية التامة دون اشتراط المساهمة المحلية، وحدث تطور جذري من سياسة إحلال الواردات إلى سياسة التصنيع الموجه نحو الصادر. وجاءت المرحلة الثالثة المتمثلة في التصنيع الثقيل في مطلع الثمانينيات، حيث شجعت الحكومة صناعة السيارات الماليزية والتوسع في صناعة الاسمنت والحديد والصلب والالكترونيات التي تساهم بثلثي القيمة المضافة للقطاع الصناعي، وتستوعب 40% من العمالة. ولعله من أهم أسباب نجاح ماليزيا أنها أعلنت سياسة الاتجاه شرقاً في 1981م، وامتد العمل بهذه السياسة حتى 1991م، في إشارة واضحة إلى الانتماء إلى أسراب الأوز الطائرة، وتشجيع الماليزيين على التعلم من التجربة اليابانية.. وفي الاتجاه شرقاً جوانب مهمة جداً، منها أخلاقيات العمل والمنهجية الصناعية والتطور التقني والعمل الجماعي والإخلاص، والجانب الثاني هو التحديث والتصنيع بحلول عام 2020م وفق الخطة التي وضعها الدكتور مهاتير محمد رائد النهضة الاقتصادية في ماليزيا. ومن الدروس المستفادة من تطبيق نظرية الأوز الطائر في دول شرق آسيا بصفة عامة ودولة ماليزيا وكوريا بصفة خاصة، أن التجربة الصناعية في هذين البلدين قد تمت في ظل أنظمة حكم مستقرة اتجهت نحو إعطاء القطاع الخاص دوره في الحياة الاقتصادية، وعملت على توفير الأطر المؤسسية للمشاركة الشعبية في صنع القرار الاقتصادي، ثم أن دولة اليابان كانت قد مثلت دور القاطرة في نمو كوريا وماليزيا وبقية دول شرق آسيا، حيث شكل التعاون فيما بينها أساساً للنهضة التنموية. ترى هل نأمل في أسراب طائرة تتكون من مصر والسودان وتونس والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا، وربما تتعاون معها تشاد وجيبوتي والصومال بعد الحرب، وهي أسراب يمكن أن تقودها مصر والجزائر. كسرة: { الجنوبيون يجهزون الآن للهجوم على السودان، حسبما أوردت صحف أول الأمس عن طريق تشوين قوات ضخمة من متمردي دارفور.. يمدونهم بالأسلحة والمال والأغذية والآليات.. فما الذي يمنعنا من الإغارة على الجنوبيين؟ وبالمثل دعم المتمردين هناك، علماً بأن هؤلاء الناس يقتلهم الجوع ويمشون عراة غرلاً.. عارفين غرلاً يعني شنو؟! { وتعبان دينق الجنوبي صرح بأن ما تحقق بالانفصال ضئيل جداً وتافه جداً ولا يحقق آمال الجنوبيين. وقال إن الجرائم في السودان الجنوبي صارت كثيرة ومخيفة جداً، وإن الكينيين واليوغنديين يشكلون مصدراً أساسياً للجريمة عندهم.. وبهذه المناسبة فقد انخفضت معدلات الجريمة في السودان بعد الانفصال، لأن معظم الجرائم كانت ممارسات جونبية.