تعود ناس الدولار وتجار الكرين أن يبيعوا ويسلفوا زبائنهم بالشيكات المؤجلة.. وهم إذ يفعلون ذلك بمزاج يكون دافعهم أن هناك عيوباً في قانون الصكوك المرتدة تجعلهم يعتمدون على أن البوليس وبالقانون سوف يقوم بمطاردة المدينين ويحبسهم حتى السداد ويجعلهم يدفعون المبالغ الحقيقية والمبالغ الموهومة والفوائد الربوية.. ويحدث كل هذا دون أن يدفع «المرابي» أو تاجر الكرين والدولار ولا مليماً واحداً.. ولو كنت في مكان مدير البوليس لأصدرت قراراً بأن يدفع صاحب كل شكوى مبلغاً لا يقل عن 25% من قيمة الشيك المبلّغ به إذ ليس من المعقول أن يجد البوليس نفسه متفرغاً لمطاردة المواطنين لصالح أصحاب الشيكات.. وكان بهذا سيكون قطاع الشرطة في الأقسام من أغنى الإدارات الحكومية.. والمهم أن الشيك به عيوب كثيرة إذ أنه كان يجب أن يكون أداة لسداد المطالبات الحالية ولا يكون أداة لسداد القروض الآجلة التي تدفع بالكمبيالات.. ويبدو مؤخراً أن بنك السودان قد قام بإجراء بعض التعديلات التي ربما تكون قد أرجعت الكمبيالات كأحد طرق دفع الديون الآجلة وإذا حدث ذلك فسيكون البنك المركزي قد ساعد كثيراً في إزالة الأضرار الناتجة عن عيوب قانون الشيكات ويكون قد سحب السلاح الذي يستعمله تجار الدولار في الإيقاع بزبائنهم وهو الأمر الذي كان سبباً في ارتفاع الدولار وانتشار المبايعات الوهمية والصورية.. وكل المقدمة و«الرمية» السابقة نتوسل بها للدخول في موضوع الجنوبيين وكبيرهم سلفا كير الذي يبدو أنه هذه المرة قد «حكّ صلعته» ثم وضع برنيطته الأمريكانية الضخمة عن رأسه وخرج لنا بالاقتراح الكارثة حول فك الارتباط عن قطاع الشمال.. وعمكم سلفا كير كان قد أعلن في نهاية الاتفاقية السابقة أنه لا يوجد أي نوع من التعامل بينه وبين ناس قطاع الشمال.. بل إنه مدَّ لنا لسانه وقال إن ناس عرمان وعقار موجودون في السودان الشمالي وإنه غير قادر على إخراجهم أو محاربتهم وأن ذلك يستحيل عقلاً وعملاً.. ثم جاءت اتفاقية المرة الثالثة ليقول لنا إنه سوف يكتب تعهدًا.. وبالطبع يمكن أن نتخيل أنه سيقول في هذا التعهد «أنا الرئيس سلفا كير» ود «منو ما عارف» أقسم بالله العظيم وأحلف بالطلاق ثلاث مرات وبالكجور خمسطاشر مرة وأحلف برقبة هيلاري كلينتون وبرأس أوباما وبنت خالته كوندي وبنت عمه سوزان رايس وعمه كولن باول وسيده جورج بوش إنني سوف أفك الارتباط مع ناس عرمان وعقار مثلما أفك ربطة حذائي هذا وسوف أخلعهم من جنوب السودان مثلما أخلع برنيطتي من على صلعتي.. أقول قولي هذا وقد أذنت لمن يشهد من الثعالب ومن البني آدميين وعلى رأسهم أمبيكي».. انتهى تعهد سلفا كير ود «منو ما عارف» طيب يا جماعة إذا كان ناس سلفا كير أصلاً لم يحترموا المعاهدات التي وقعوها في السابق وكانوا في حالة الضعف والهزال والهوان وقبل أن تكون لهم دولة لها أصدقاء وجيران فكيف نثق في أنهم سوف يلتزمون بمجرد ورقة يكتبون لنا فيها كلاماً فارغاً ويشهد معهم فيها كل الثعالب وبنو آوى ويهود بني قريظة وبني قينقاع.. على كل حال أنا واحد من الذين لا يثقون لا في سلفاكير ولا باقان ولا عرمان حتى لو قاموا ببلع أوراق الأنجيل أو غلوها في الماء وشربوها شوربة وحتى لو حلفوا بالساحق والماحق والبلا المتلاحق الذي يكسر عظامهم ويحرق ديارهم ويلعن «أبو خاشهم».. وكيف نصدق شخصاً أصلاً ليس لديه مرجعية عقدية أو أخلاقية ولا يؤمن بدين أو كريم معتقدات.. وكيف نثق في ورقة مكتوبة بقلم الرصاص من أناس لا يؤمنون بكتاب ولا بإله... وماذا يفيدنا التعهد والوعد بفك الأرتباط في المستقبل الذي ربما يكون بعد مائة عام.. وحتى لو قالوا أنه سوف يكون بعد يوم واحد فربما يقصدون أنه يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما يعدون.. على كل حال أعتقد أن على الوفد الحكومي المفاوض في المرة القادمة أن يطلب من سلفا كير أن يكتب لهم شيكاً مؤجلاً بدلاً من إيصال الأمانة أو التعهد.. فمن يدري لعل المفاوضين يقدمون شيك سلفا كير الراجع إلى محكمة أمبيكي وربما يقوم أمبيكي باستعمال المادة مائة وتسعة وسبعين بتاعة الصكوك المرتدة ويقبض عليه ويحكمه بعقوبة يبقى حتى السداد لأن التعهد وإيصال الأمانة يتم الإفراج عنه بالضمانة العادية.. { كسرة: يا جماعة من الواضح أن دولة السودان الجنوبي ومعها الجبهة الثورية بتاعة أحزاب المعارضة ومعها تجمع الأحزاب الوطنية بتاعين الشيوعيين ومن ورائهم الأمريكان قد اتخذوا قراراً بغزو السودان وحربه عبر الزحف عليه من المحاور الجنوبية والغربية والشرقية.. ثم تلتقي الجيوش مع الخلايا النائمة في الخرطوم وفي الولايات ثم يقوم زعماء الأحزاب المعارضة بمساعدتم من الداخل.. وهذا سوف ينتج عنه إزاحة نظام الإنقاذ واستعمار السودان الشمالي تماماً مثلما فعل كتشنر باشا وكان معه الخواجات وقطاع الشمال وقتلوا ثلاثين ألفاً من الأنصار وأهل السودان في ساعتين واستولوا على البلاد.. والآن يا أهل شمال السودان احسموا أمركم واعلموا أنكم مستهدفون في أرواحكم وبلادكم ونسائكم وأطفالكم.. واعلموا أن الفرنجة ومعاونيهم يعملون على الإطاحة بكم واعلموا أن البحر أمامكم والعدو من خلفكم.. فاركزوا.. وأثبتوا واستعدوا للحرب التي يشعلها الخواجات والجنوبيون ويشارك فيها قطاع الشمال والأحزاب «الما وطنية».. يا جماعة هلاَّ هلاَّ على الجد والجد هلاَّ هلاَّ عليهو!!؟ ولا تنتظروا تعهد سلفا كير ولا يغرنكم تملص زعماء المعارضة من المشاركة الفاعلة في تدميركم بالجبهة الثورية..